تدارس مكتب شبكة “برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام بالمغرب” في اجتماعه الأخير مسودة مشروع القانون الجنائي المعروضة للنقاش العمومي ، واستحضر في هذا الصدد التصريحات المتكررة والمتشددة للسيد وزير العدل والحريات بخصوص الإبقاء على عقوبة الإعدام، بل وتحمسه اللافت للعودة إلى تطبيق هذه العقوبة التي هي موقوفة التنفيذ منذ أكثر من عقدين من الزمان، في تفاعل سلبي منه مع مختلف القراءات والمواقف النقدية للمسودة الصادرة عن العديد من الفاعلين في الحقل السياسي والحقوقي والجامعي، المناصرة للحق في الحياة ولضرورة إلغاء عقوبة الإعدام,
وبعد دراسته المعمقة لمختلف تلك المستجدات، أخذا بعين الاعتبار الأهداف والمبادئ التأسيسية للشبكة، فإن المكتب :
1- يعتبر تصريحات السيد وزير العدل والحريات تهديدا بالتراجع إلى الوراء، وشرودا عن الاتجاه العالمي الراسخ نحو إلغاء عقوبة الإعدام، بل وتخلفا عن الدينامية الوطنية القوية بمبادرة من حركة مناهضة عقوبة الإعدام ببلادنا والتي تعتبر الشبكة جزء أساسيا منها، خصوصا في ضوء الرسالة الملكية الموجهة إلى المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش، والتي أشادت بالنقاش الجاري حول عقوبة الإعدام والذي سيمكن من “إنضاج وتعميق النظر في هذه الإشكالية”،
2- يعبر عن خيبة أمله إزاء نص المسودة الذي حافظ على عقوبة الإعدام، مقتصرا فقط على تقليص نطاق تطبيقها، في الوقت الذي كان منتظرا ومطروحا الاستغناء التام عن هذه العقوبة من منظومتنا الجنائية، وذلك إعمالا لمضمون الدستور وتجاوبا مع الإرادة الواسعة المعبر عنها من طرف المجتمع الحقوقي والسياسي المناصر للحقوق والحريات؛
3- يؤكد بأن الإبقاء على عقوبة الإعدام في التشريع الجنائي المغربي، أمر يتعارض مع مضمون الدستور الذي أكد على الحماية القانونية للحق في الحياة ونص على تجريم التعذيب والمس بالسلامة الجسدية للأشخاص وكافة المعاملات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأعلن تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح؛
4- يعتبر بأن مسودة المشروع تستند على نظرة تقليدية محافظة تنتمي للعهد البدائي للعقوبة حيث تعتبر العقوبة وسيلة للانتقام والثار وانتهاك السلامة البدنية للأشخاص، وتنفذ عن طريق صلب ورجم الناس في الساحات العمومية، وهذه نظرة أصبحت متنافية مع التطور البشري المعاصر الذي اعتمد مفهوما حديثا وإنسانيا للعقوبة ، يتوخى الإصلاح والعلاج وإعادة الإدماج في المجتمع.
5- ينبه إلى أن مسودة المشروع لم تأخذ بعين الاعتبار توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، التي طالبت بإلغاء عقوبة الإعدام وبتصديق المغرب على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذا النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي يستبعد النطق بعقوبة الإعدام؛
إن مكتب شبكة “برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام بالمغرب”، التي تضم 240 برلمانية وبرلماني من الغرفتين سواء من المعارضة أو الأغلبية، وهو يذكر بمقترح القانون الذي تقدم به والمعروض حاليا على أنظارا للجنة النيابية المختصة فإنه :
- يدعو إلى مراجعة عميقة لمسودة مشروع القانون الجنائي وحذف كافة المقتضيات التي تمس بالحق في الحياة وتحافظ على عقوبة الإعدام؛
- يطالب بالتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني المحلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛
- يشدد على أن إلغاء عقوبة الإعدام يجب أن يشمل كذلك، قانون المسطرة الجنائية وقانون القضاء العسكري كما ورد في مقترح القانون المذكور؛
- يذكر بالتزام حكومي سابق بمراجعة قانون القضاء العسكري في اتجاه حذف عقوبة الإعدام منه، وقت ما تلغى هذه العقوبة من القانون الجنائي
- يدعو إلى فتح حوار وطني حول عقوبة الإعدام، من أجل تعميق النظر في هذه الإشكالية، وتهيئ المناخ التشريعي والسياسي للإلغاء القانوني لهذه العقوبة في أقرب الآجال.