بقلم/ د. ادريس الاندلسي
برنامج إسمه غربي النسمات و موضوعه مغربي و هدفه تشجيع مواهب في مجال الكوميديا يستمر منذ سبع سنوات. لطيفة أحرار المثقفة و المحترفة و الشجاعة أكدت في بداية الحلقة الأخيرة أن الأمر المتعلق بالوصول إلى مستوى مقبول مرتبط في الأساس بالقدرة على الارتجال. صحيح أن الأداء الكوميدي يجب أن تكون له علاقة مع قوة الارتجال، و لكن الأساس المتين في الفعل على المسرح هو الثقافة و التكوين و إتقان التعامل مع إستعمال نبرات الصوت التحكم في التنفس العميق و الذكاء في إختيار الكلمة المناسبة.
ارتكب منتج البرنامج خطأ حين سمى البرنامج بالأكاديمية . حرام عليك أيها المنتج، عفوا ،أيتها الشركة الوطنية، بإسم كل علوم المسرح. أول متبار في هذه الحلقة يستجدي تصفيقات الجمهور . يحاول استغلال حركات صوته و قد أتقن الزغرودة النسائية و أستمر في كلام و بعد ذلك ظهر ضعف الأكاديمية في التأطير. تصفيق بدون مناسبة و ضحك بدون نكثة يظهر أن الموضوع ليس بالسهل . أعضاء لجنة التحكيم و موظفي البرنامج ممن يعتبرونهم مؤطرين يحاولون التظاهر بالضحك لتبرير موقعهم و رواتبهم. منتج البرنامج يسمح للمتبارين بدعوة بعض الأصدقاء الذين يرددون ” الي الي …محمد أو إدريس.. الي “ و يستمر ضحك مفتعل بدون سبب. يطول العرض و يطول الوقت و تطول التفاهة لكي تنتهي بتنشيط موسيقي ايقاعيكما هي عادة هذا البرنامج الذي وصل إلى سن السابعة. و هذا السن يغفر الزلات الطفولية و لكن المجال يحتاج لكثير من الإحتراف.
لجنة الحكام تحاول مسايرة منتج البرنامج و هذا شأن يعرفه من يحسنون المحافظة على مقعد و راتب. الخياري يقول عكس ما يجود به باحترافية و جرأة على المسرح و في التلفزيون . بوطازوط تتكلم بلغة المشاهد و ليس بلغة المؤطرة المتمكنة من ثقافة و تكوين و تجربة. لطيفة أحرار حاولت تأطير تدخلها بوصف أداء المتباري لمختلف أدوار الموقف. ونصحته بالعمل على النفس… و أشياء أخرى لو توسعت في شرحها لكان مفيدا إنتظار شهور لإعداد شباب قبل الزج بهم في مستنقع تسلط عليه الأضواء.
و يستمر عمل مؤطري الكوميديا في الكواليس في خلق نوع من التهريج للبدء في الفقرة الموالية. الأصوات تكرر و يزيد فراغ الصدى في مكان يجب أن يجود بالاحتراف. أجمل جملة قالها المغاربة لدعم الفريق الوطني خلال كأس العالم كانت هي ” سير سير سير “. و لكن استعمالها عند دخول كل متبارى أهان وقعها على النفوس. أعرف أن العمل الكوميديصعب و أن من راهن على القدرة على مواجهة ظروف الحياة من خلال هذه المهنة مغامر و مقبل على صعوبات لا حصر لها.
المشارك الثاني الأسفي يدخل المسرح مطالبا الجمهور بالتصفيق. الموضوع يتطلب بالتجميل و ربطه زراعة الشعر أو صباغة الأسنان بزراعة الخضر. يظهر نوعا من الفطرة الكوميدية مصاحبة بتصفيقات . الكلمات تدخل نفق ترديد جمل نمطية تعبر عن فشل عمليات التجميل. و يستمر ربط الاستهزاء بعمليات التجميل و بالمرأة مع الإشارة إلى بعض الأمثلة و إستعمال ايحاءات تكاد تشير إلى أسماء من مجتمع أهل الغناء. كلما زاد الكلام تشعر أن اللجنة تحس بالملل و تحاول تشجيع موهبة في بدايتها و لا تلتزم بتدبير الوقت. الخياري انزعج من إيقاع الصوت بين الجواب و القرار و لكنه كان مضطرا للثناء عليه. ثم مر الكلام و قالت بوطازوت ما لم يقله أعضاء لجنة التحكيم و نصحت المتباري بعدم التجريح . و الإشارة هنا إلى ما قاله و الذي يوحي إلى مغنية شعبية معروفة افرطت في التعاطي مع عمليات التجميل.
و أستمر البرنامج بين كواليس و لجنة تحاول أن تكون مهنية رغم افتقارها للشجاعة اللازمة للإسهام في خلق جيل مغربي ذو تكوين في مجال الكوميديا. مقدمة البرنامج تحاول ترقية أداء من يساعونها في الكواليس. المشكل كبير في مجال خلق الفرجة. الأمر يحتاج إلى برنامج مثل ” ستاند اب “ لكنه يحتاج إلى أكثر من مجرد تحضير برنامج. لن ألوم شبابا يحاولون الدخول إلى عالم الأنوار، و لكن ألوم تعامل مؤسسة تلفزيونية عمومية مع مجال يحتاج إلى تبني منهج جدي لخلق ثقافة كوميدية لا تخضع لمنطق صرف سنوي للميزانيات القطاعية. بعض أعضاء لجنة التحكيم عرت على ضعف من يسميهم منتج البرنامج بالمؤطرين أو ” الكوتش” و غياب أثر عملهم على أداء المشاركين حين يواجهون المشاهدين. هؤلاء لا يتقنون فن تلقين أساليب خلق الفرجة و لا قدرة لهم على التأطير. و الخلاصة أن برمجة منتوج كهذا في يوم كهذا لا مبرر له على الإطلاق.