لقد أسال موضوع الحراك الشعبي في الريف الكثير من المداد و حامت حوله العديد من التعليقات و التحاليل ذهب بعضها إلى اعتبار هذه الهبة نتيجة طبيعية للإهمال الذي عرفت به هذه المنطقة مند القدم وعبرتعاقب العديد من الحكومات، في حين أرجع بعضها بواعث الاحتجاجات إلى العفوية و التلقائية في التعبير عن متطلبات التنمية المستدامة للنهوض بالمنطقة و ما إلى ذلك.
غير أن كل ما قيل و نوقش و علل لا يخفي الوجه الحقيقي لهكذا حراك من حيث كونه مسخر و مدفوع من جهة طالما تغنت بفضلها في إنقاذ البلاد و العباد من لهيب الربيع العربي الذي اجتاح المغرب عن طريق حركة 20 فبراير، متناسية أن ذاك الحراك قاده الشباب المغاربة بمسؤولية وحكمة وسلمية حضارية قوبلت بتفهم ملكي حضاري أثار إعجاب العالم قاطبة و أثمر وثيقة دستور 2011. لكن تلك الجهة الحزبية ظلت متشبثة بدورها الفعال و المحوري في القفز بالمغرب من تلك المرحلة مذكرة إيانا بأمثلة سوريا و ليبيا و غيرهما.
هكذا خلاصة لا تنبني على فراغ فهناك معطيات جلية توضح ملابسات حراك الريف و كيف سخره هؤلاء الذين مرروا جرعة الإعفاء من الحكم و القبول بمعادلة 37 أكبر من 125، و 20 مقعدا توصل لرئاسة البرلمان، منها مراسلة مستشار محسوب على ذات الجهة السياسية لوزارة الأوقاف قصد مطالبتها بسحب خطبة الجمعة التي أثارت ما أثارت و تسببت في اعتقال الزفزافي ومن معه. وكأن حال صاحب السيناريو يريد تذكيرنا ب20 فبراير و أن الحاجة إليه لازالت قائمة لإطفاء اللهيب، ثم إقدام والدي الزفزافي على زيارة القائد في منزله بعد الندوة الصحافية التي عقدت في الدار البيضاء دون أن نغفل زيارة أحد المستشارين لذات القائد و التي عللها بزيارة تفقدية ليس إلا لكن ذات الجهة أرادت أن تجعل من هذه الزيارة استنجادا بها لوأد حراك الريف وهو ما نفاه جملة وتفصيلا الهمة منتقدا بشدة سكوت بنكيران وسماحه بنشر هذه الأضاليل.
ومهما يكن يبقى الاحتجاج السلمي أسلوبا حضاريا ضاغطا على الحكومة من أجل تطبيق برامج التنمية و فك العزلة بشكل منصف و متوازي مع كل جهات و مناطق المغرب التي لازالت ترزح تحت وطأة الهشاشة و الفقر، لكن ليس من الأخلاق السياسية في شيء أن يتم تسخير الاحتجاجات و الركوب عليها للتمويه و المزايدات السياسوية…