تشتد المنافسة بين الاحزاب السياسية الجزائرية استعدادا للأنتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في البلاد خلال شهر ماي المقبل .
و كانت الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات قد أعلنت عزمها القيام بكل مهماتها لضمان نزاهة و شفافية الانتخابات، هذه الهيئة التي شكلها الدستور الجزائري الجديد و التي تتشكل من 410 عضو منهم قضاة وشخصيات سياسية.
تأتي هذه الاستحقاقات الجزائرية على وقع تراجع أسعار النفط و استمرار التحديات الاقتصادية. فبعد اكثر من سنتين و نصف على إعادة انتخاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تمبزت بالهدوء وشبه ركود سياسي جاءت هذه الانتخابات لتشعل الساحة السياسية خاصة و أن المعارضة تركز على كل مؤشرات التنمية التي اتسمت بعدم تطوير الاقتصاد و خلق فرص للعمل وتنمية الثروة الوطنية.
تأتي إذن هذه الانتخابات و الجزائر تواجه وقائع متناقضة، بين غياب أفق سياسي واضح بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وأزمة اقتصادية متصاعدة، ومخاوف من صدام بين تركيبة سكّانية تحوّلت فيها التناقضات لتكون هي الأساس. ولم يعد الصدام كما كان في العشرية السوداء مع الإرهاب، بل تحوّل ومن دون مقدّمات منطقية إلى نزاعات عرقية كما جرى في مدينة غرداية بين الأقلّية الأباضية والأغلبية المالكية، وهي صدامات مُستجدّة تعكس جزءاً من حال الاحتقان بعد أكثر من خمسين عاماً على الاستقلال.
مشهد سياسي جزائري ميزه تقارب صامت يدور بين حزب جبهة التحرير الوطني وحركة مجتمع السلم برئاسة عبد الرزّاق مقري أحد أكبر الأحزاب ذات التوجُه الإسلامي، لمحاولة توحيد الصفوف وتشكيل تكتّل سياسي للانتخابات المقبلة. وهذه الجهود يسعى إلى دعمها وإنجاحها رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنّوشي الذي تربطه علاقات جيّدة بالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وبجلّ الحركات الإسلامية في الجزائر، والذي أشرف على حوارات بين قيادات من الحزبين في تونس وأرسل وفداً إلى الجزائر الشهر الماضي للقاء الأمين العام للتجمّع الديمقراطي أحمد أويحيى حليف الرئيس بوتفليقة، لتشجيع التقارب بين مختلف الأطراف وتشكيل جبهة سياسية واسعة تضمن عدم مقاطعة الإسلاميين للانتخابات كما جرى في انتخابات عام 2014، وضمان تحالف سياسي جديد للحُكم يُكرّر بشكلٍ ما التجربة التونسية.
و مهما يكن يبقى القلق على الأوضاع الداخلية في الجزائر ترافقه مخاوف من محاولات بعض الأطراف استهدافها وتكرار عشرية سوداء جديدة بأدوات مختلفة يكون هدفها تمزيق وحدة الجزائر ونقل الصِراع الذي أوشك على النهاية في سوريا والعراق إلى أراضيه، مع تحوّل المناطق الليبية المحاذية للحدود مع تونس والجزائر لأكبر ساحة للإرهاب في المنطقة.