يعني بضعة ضباط متوسطي وصغار الرتب يقومون بانقلاب عسكري وسط جيش ينتمي للناتو و في غياب مشاركة ومؤازرة رئيس الأركان والقوات البحرية وكدا القوات الجوية. هؤلاء الشرذمة المحدودة من الضباط هكذا يجازفون ويغامرون بل يقامرون بمخطط انقلاب كل المؤشرات تؤكد بالملموس عدم إمكانية نجاحه. وبالطبع هذا ما وقع وسط مشهد ليس غريبا فقط بل قريبا للنكتة. بضعة جنود يحيطون بمقر الإذاعة والتلفزة التركية وآخرون يسيجون مطار اسطنبول ببضع نفر من المسلحين بسلاح خفيف وفي غضون نصف ساعة أو أقل انقلب المشهد رأسا على عقب لتظهر سلسلة من العواجل تفيد أن الانقلاب فشل و أن الجماهير المحبة والتي تموت في ظل اردوغان يا سلام عليه و عليها تعتقل الانقلابيين وتشل حركة الدبابات ولا تخضع لحضر التجوال ودخلنا في متاهات تكشف أن كل هذا لا يعد كونه سيناريو محبوك لكن من وحي مخيلة محدودة الإبعاد.
هذا اردوغان ينزل في مطار اسطنبول الذي قبل بضع دقائق قيل إنه محاصر من الانقلابيين، يلقي كلمة في الوقت الذي يقال أن مبنى البرلمان يقصف، الجماهير غصت بها شوارع اسطنبول و كأن الاستعداد لذلك كان قبل شهرين وما يزيد.
على كل حال، هناك العديد من الدوافع الذاتية والموضوعية التي تفرض نسج هكذا سيناريو في مقدمتها خيبة اردوغان في سوريا عندما سارت الرياح بما لا تشتهيه سفنه، فلا هو أسقط بشار الاسد ولا هو صلى في المسجد الاموي كما اقسم بذلك ولا هو تمكن من كسر شوكة الاكراد أضف إلى ذلك اندحاره سياسيا أمام الديبلوماسية الروسية ناهيك عن تقربه المجاني من إسرائيل فضلا عن تراجعات الاقتصاد التركي جراء الانتكاسة السياحية ، دون الحديث عن عدم ارتياح اردوغان من بعض القيادات العسكرية ليجد في هذا الانقلاب المحبوك فرصة التخلص منهم.
على العموم اردوغان وحكومته أدرك أن نجمه آفل ولابد من هزة ترجعه إلى الواجهة من جديد وتسلط عليه ما يكفي من الضوء ولو بنسج أحداث بعيدة عن الخيال بما فيها هذا الانقلاب …
lصداء المغرب العربي / محمد الحافيظ