يتيه المتتبع للشأن الليبي وسط وضع شيمته الكبرى الغموض. غموض المنطلقات, وضبابية الرؤى واتساع الهوة بين الفرقاء لدرجة يبدو معها التوصل لحلول أو حتى شبه حلول للوضع الليبي المعقد يكون من المستحيل.
ولعل من مظاهر هذا الغموض الفريد منه, كون كل لقاء أو اجتماع يضم فرقاء سياسيين يكون الفشل هو المتوقع بنسب كبيرة, ولعل مبعث ذلك تشتت القوى وتدخل قوى أجنبية هي لحد الساعة لم تبد العزم الكافي لوضع نهاية للوضع المتردي في هذا القطر المغاربي الغني بالمدخرات النفطية والغازية.
هذا الوضع المتردي أرخى بظلاله على الشعب الليبي الخاسر الأكبر والمتألم الأكبر مما حدا به للخروج في مظاهرات عمت العديد من المدن الليبية بما فيها تلك التي كانت مهد “الثورة الليبية” مظاهرات رفعت صور القائد معمر القذافي وشعارات تمجد عهده وتعكس الحنين إليه في وقت ضاق فيه الخناق على الشعب الذي تاه مصيره بين الجماعات المسلحة المتقاتلة التي بعضها يدين للقبائل والاخرى تدين لقوى أجنبية .
تلك الجماهير جعلت العديد من المتتبعين والمهتمين بالشأن الليبي يقرون أنه بالرغم من مساوئ النظام المطاح به فقد كانت البلاد ومعها العباد تنعم بالاستقرار والامان ولم يكن احد يتخيل مجرد خيال أن يؤول مصير البلاد إلى ما ال إليه بعد أن تمترست الجماعات المسلحة وهيمنت القاعدة على مدن بأكملها وسقطت الارواح وتداعت البنى التحتية أمام العالم كله الذي لازال لحد الساعة يتبوأ مقعد المتفرج.