جدد الإصدار الأخير للكاتب الاول السابق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عبد الرحمان اليوسفي “أحاديث فيما جرى” الألم في أوساط عائلة محمد المرابط، الوطني الغيور والكبير الذي اكتشف ابراهيم الروداني وصنع منه مقاوما ترك اسمه من ذهب في تاريخ الحركة الوطنية.
ما علاقة ابراهيم الروداني من سوس، بالريفي محمد المرابط، وما الذي جمع بينهما في الدار البيضاء في أربعينات القرن الماضي؟
يجيب نجل الراحل محمد المرابط، الأستاذ عبد الصمد المرابط، محامي بهيئة الرباط، أن والده، لما حل بالدار البيضاء مهاجرا إليها من الريف، عبر محطة طنجة التي قضى فيها سنوات من اليتم بعد استشهاد والده في جيش عبد الكريم الخطابي ضد الاسبان. كانت سن محمد عندما تيَتَّمَ 9 سنوات. واجه الحياة مبكرا، عاملا ومسؤولا عن قوت والدته وجدته ومن هاجر معهم من أفراد العائلة من الريف.
انتقل الى الدار البيضاء، عاملا في أحد مصانع المعمرين، وهناك التقى ابراهيم الروداني. يحكي الراحل المرابط نقلا عن نجله، أن الروداني كان وقتذاك، شابا منفتحا للغاية على الحياة، يعمل في محل للجزارة لدى أحد الفرنسيين بالدار البيضاء.
على خلاف ابن سوس، كان الريفي متشبعا بدروس الفقه والدين، بفعل مجالسته للعلماء في طنجة أمثال عبد الصمد كنون يرحمه الله. وهو ما جعله ذا تكوين ديني، سيؤثر عليه طوال بقية حياته.
كان المرابط يسكن في نفس المنزل الذي كان يقيم فيه الروداني.
لم يكن يفصل بينهما إلا سقف واحد. الروداني في الطابق الأول، وجاره في الأسفل. في البداية، وقبل أن يتعارفا، لم يكنِ الإثنان يلتقيان إلا في الباب فجراً.
يتقابلان فقط، عندما يعود الروداني في الصباح، ويخرج الريفي لصلاة الفجر في أقرب مسجد.
لم يمض كثير من الوقت حتى تعارف الشابان، بشكل سيجعل حياة الروداني تنقلب إيجاباً، على النحو الذي نعرف حيث جعل منه صديقه سياسيا كبيرا ومقاوما معروفا. فيما ظل الريفي مجهولا وهو الذي وضع أولى أسس العمل النقابي بالمغرب في أربعينات القرن الماضي، من خلال الاحتكاك بالعمال الفرنسيين بالمغرب وخاصة الشيوعيين منهم. وحول المنزل الذي كان يقيمان فيه الى قبلة للسياسيين.
عندما كان يتحدث الزعيم الاتحادي اليوسفي في كتابه الأخير، عن بداية التأسيس للعمل النقابي بالمغرب، اشار إلى ما بين سنتي 1944 و1949، بمعنى انه ليس بعلمه ما قام به محمد المرابط وهو الذي كان وراء أول إضراب وطني في تاريخ المغرب تضامنت فيه الشغيلة المغربية مع اغتيال النقابي التونسي فرحات حشاد. ولسبب ذلك الإضراب الذي شل الحركة في المغرب، أدخله الفرنسيون إلى السجن.
يقول المحامي عبد الصمد المرابط، انه تردد شخصياً ثلاث مرات على إقامة اليوسفي بالدار البيضاء، لجمع معطيات عن والده لكن ذلك، لم يتيسر لكثر زوار الرجل في الفترة التي سبقت تجربة التناوب التي قادها اليوسفي قبل 20 سنة مضت.
يضيف عبد الصمد المرابط، أن المفكر محمد عابد الجابري هو الآخر لم ينصف والده، فيما كتبه حول هذه الفترة من تاريخ الحركة الوطنية. وبخصوص ما يؤاخذه أبناء الراحل عن تجاهل مكرمات والدهم، ما أشار اليه الاتحادي حسن نجمي، رئيس اتحاد كتاب المغرب سابقا، في حديثه مع الفقيه البصري والذي زعم فيه أن ابراهيم الروداني جاء من فرنسا، حيث مارس العمل النقابي بينما لم يبرح المغرب في حياته، وأن معلمه ومكونه لم يكن سوى الراحل محمد المرابط.
(تفاصيل أوفى وأوفر في بروافيل عن الرجل في العدد المقبل من مجلة أصداء المغرب العربي)
الحسين ادريسي