خلف قرار وزير الفلاحة بمنع دبح إناث الأغنام والأبقار غير الولودة وإستيراد الحليب المجفف رفضا كبيراً لدى فئات واسعة من الفلاحيين الصغار والمتوسطين بمناطق المغرب، إذ بفعل توالي موجات الجفاف القاسية التي مرت منها البلاد، وما صاحبه ذلك من قلة للتساقطات المطرية، عجل بفصول الأزمة الإقتصادية لعدة فلاحيين ومربي الماشية، خاصة في ارتفاع صاروخي لأثمنة الأعلاف ومصاريف رعاية القطعان.
ويأتي قرار وزير الفلاحة برفض المدابح الرسمية لإستقبال طلبات الدبح، تماشيا مع رغبة الحكومة في حماية العرض الفلاحي المتوفر من الأغنام والماشية أمام تراجع عمليات التكاثر الطبيعي، إلا أن الرؤى الحكومية لم يرها الكثيرون من المخاطبين بها صائبة، إذ يرى المربون أن الإحتفاظ بالإناث الغير ولودة يشكل من جهة أولى ثقلا كبيرا عليهم، إذ يكبدهم الأمر تكاليف إضافية في رعايتهم، وهو ما دفعهم الى الإستسلام لمطاف دبحها أملا في الإستفادة من لحومها، خاصة في ظل تراجع نسبة بيع منتوجهم الخاص من الحليب.
قرار وزارة الفلاحة بمنع عمليات الدبح بالمجازر الرسمية عزز بالمقابل فرضية تناسل المجازر السرية، وهو ما سيزيد من تداعيات الأزمة، مؤشرا على الفهم الخاطئ للمرحلة من طرف الجهات المسؤولة، خاصة إذا إستحضرنا جانب الرفع خلال قانون المالية لسنة 2024 للرسوم الجمركية على جميع عمليات إستيراد الحليب المجفف من الخارج، وهو ما سيعجل بإنفجار الأزمة لدى الفلاحين أمام المخزون الكبير من حليب الأبقار.
في هذا السياق قال (م.ت) وهو مدير إحدى التعاونيات الفلاحية بإقليم تارودانت المختصة في انتاج الحليب، إننا غير راضون تماما على قرار وزير الفلاحة في ظل عدم وجود إستراتيجيات واضحة للتخفيف من عبء إرتفاع أسعار الأعلاف، وتراجع الأمطار، مشددا في سياق منع عمليات دبح الإناث الغير قادرة عن الولادة، “أن هذا الإرغام في الإحتفاظ بها، لن يزيد الا من حدة الأزمات المالية المتوالية على الفلاحين ووضعياتهم الإقتصادية”.
وإستطرد المتحدث نفسه في حديثه مع جريدة أصداء المغرب العربي، “إنه يتعين اليوم أكثر من أي وقت مضى على الدولة، أن تحتكم إلى منطق السوق، بخفض الضرائب الجمركية على سلع الحليب المجفف المستورد، مضيفا: “إن فتح الباب امام المنتجات الفلاحية المستوردة وبأسعار منخفضة مقارنة بالثمن المحلي، سوف يعجل علاوة على الإضرار بتنافسية السوق، إلى مراكمة مخزون الإنتاج الداخلي من الحليب الطبيعي وهو ما يعني خسارة مزدوجة للفلاحيين”.
وأردف التالبي مصرحا للجريدة: “إن مثل هذه القرارات التي لا تنبع أساسا من فهم شامل للأزمة، والخالية من رؤية إستشرافية لمصلحة الفلاح البسيط، ستجعله في مواجهة مباشرة مع رأسمالية الشركات الكبرى وخلل في ميزان المنافسة السليمة، وهو ينذر بتأثر تعاونيات الحليب هي الأخرى، والتي تُعد الموزع الأساسي لمخزونات الحليب من الضيعات الفلاحية والمناطق القروية”.
وتأمل فئات عريضة من مربي الماشية المتضررين من تدخل حكومي عاجل لتخفيف الأزمة بتقديم دعم مادي لهم قصد مواجهة تكاليف الأعلاف والرعاية البيطرية والصحية من جهة، والتدخل الفوري بفرض رسوم او ضرائب على منتوجات الحليب المستوردة، في ظل رؤية واضحة لتحسين العرض الفلاحي مستقبلا بعد توالي ست سنوات من الجفاف بالمملكة، وعليه الإشتغال بشكل أكبر على التنمية المستدامة في القطاع الزراعي.
وفي نفس السياق في الوقت الذي كان من المنتظر التراجع عن القرار السالف الذكر، تتفاجأ تعاونيات العسل بتخفيض رسوم استيراد العسل من 40 في المائة إلى 2.5 في المائة مرة واحدة في قانون المالية لسنة 2025 الشيء الذي سيترتب عنه ضررا بليغا بالنحالين المغاربة وإفلاسا للمئات من المؤسسات من تعاونيات وشركات تشتغل في هذا القطاع الذي لم يتعاف بعد من كارثة انهيار خلايا النحل بالمغرب التي تسببت في تدميره بنسبة فاقت 70 في المائة خلال سنتي 2021/2022، إضافة إلى الإكراهات العديدة التي يعاني منها أصلا مربو النحل، ليتلقوا هذه الضربة التي ستأتي على ماتبقى.