هناك عدد من المعارضين الليبيين الذين عارضوا نظام القذافي قُرابة نصف قرن ليس طمعا في السلطة او المال وانما فقط لأن افكارهم وتصوارتهم لا تتوافق أو تتفق مع أفكاره وسياسته الداخلية وربما ايضاً سياسته الخارجية ، وهنا تمثل شخصية المناضل محمد زيان حالة ليبية وطنية متميزة ضمن بعض الحالات الأخرى المشابهة التي اختلفت عن بعض الشخصيات السياسية الليبيية الأخرى فقد عارض وعمل في صمت طيلت سنوات حكم القذافي لم تستهويه المحطات الفضائية والإذاعات المسموعة بل كان صوتا قوياً داخل المعارضة الليبيية ويدٍ سخية دعمت المعارضة بالمال ، غير أنه بعد ثورة السابع عشر من فبراير كانت له وجهة نظر تختلف عن العديد من المعارضين تتمثل في أن ليبيا تُدار بعد القذافي بواسطة الليبيين الذين في الداخل ولهذا لم يهتم بالمناصب ولم يرشح نفسه للحصول على مقعد في المؤتمر الوطني او البرلمان او طلب أي منصب اقتصادي او مالي أو دبلوماسي فقد رفض رفضاً قاطعاً المناصب وقال كلمته الصادقة بأن الشعب الليبي الذي قام بالثورة على القذافي هو اكثر معرفة ودراية بإدارة شؤون البلاد وليس الذين كانوا في الخارج . وفي زحمة الهرولة على خزائن الدولة لسرقة المال العام بحجج واهية كاذبة واوراق ومستندات مزيفة رفض أيضاً الحصول على تعويض مالي عن السنوات التي قضاها بين قطبان سجون القذافي وقال لن أخذ قرشاً واحد .
شخصية وطنية مثقفة بامتياز كانت له وجهة نظره في الناتو او (قوات التحالف ) فرفض حرب ( الناتو ) أو ما عرف بالتحالف الدولي على ليبيا وشكك في نزاهة وصدق بعض الدول وأكدت الأفعال حقدها على الشعب الليبي بدعمها للأرهاب وتجار الدين وطمعها في السيطرة على السلطة وسلب خيراته ومقدراته بالاستعانة ببعض العملاء والخونة من الليبيين .
ثأثر كثيرا لما يعانيه الليبيون ومازال يعاني من صدمة الواقع الصعب الذي لم يتوقع حدوثه من خيانة بعض المعارضين للقضية الليبية وانحرافهم بها مائة وثمانون درجة عن جادة المعارضة الهادفة والوطنية ووقوعهم في وحل السلطة ومستنقع المال الحرام بل اكثر من هذا أنهم لعبوا دورا مهماً في اضاعة بوصلة الانتصار والتحول الديمقراطي والمساهمة بطريقة مباشرة او غير مباشرة في استقوى الأجنبي ضد شعبهم وبلادهم واستمرار الصراع المسلح بين أبناء الشعب الواحد وخلق الفتن وإصدار قوانين وقرارات كانت السبب في ابعاد وتهميش وعزل وتخوين الليبيين ومناطقهم واتهامهم كذباً وزورا بعدم الوطنية لتخلص منهم ومن مناطقهم وفق خطة للسيطرة على البلاد والقضاء على أي امل في بزوغ فجر الديمقراطية وإحالة البلاد الى الأمم المتحدة وإدخالها في دوامة المساومات والخلافات السياسية والصراعات المسلحة والجريمة المنظمة والفوضى المدمرة المخربة .
الأستاذ محمد زيان الذي دفعه النظام السابق بعد خروجه من سجن الحصان الأسود في باب بن غشير الى الخروج خارج ليبيا عانى ظروف الغربة والمعارضة ونجى في اكثر من مرة من محاولة اغتيال عندما كان في إيطاليا التي خرج منها الى بريطانيا لينظم لعدد من المناضلين في التجمع الليبي الوطني الديمقراطي وأشرف مع زملائه خلال فترة المعارضة على صحيفة صوت ليبيا .
الذي حدث بعد ثورة فبراير كانت بالنسبة له وبعض الشرفاء صدمة كبيرة ومخيبة لأمالهم عندما شاهدوا البعض من زملائهم من كان في المعارضة يقومون بأفعال وممارسات تصل الى درجة الطعن في نزاهتهم وخيانة الأمانة والمسؤولية التي أُتمنوا عليها وأقسموا الا يخونوها ، وهم يتكالبون ويتهافتون على المناصب ومنهم من سرق المال العام نهارا جهارا بل طلب بعض زملائه منه المشاركة في ( اللهط ) غير أن تربيته وثقافته ووطنيته منعته من السقوط في مستنقع المال الحرام وعزل نفسه عنهم الا بعض من أصدقائه الشرفاء الذين مازالوا على تواصل معه وكلهم مازالوا يحلمون بليبيا كما كانوا يخططون لها دولة ديمقراطية متطورة يعيش فيها المواطن بكرامة وليس كما يريدها المحتالين والناصبين الذين جعل منهم القدر قادة آخر زمان .
ومن لا يعرف المحامي محمد فاضل زيان والده من سوكنة ووالدته من مصراتة وتربى وترعرع في طرابلس بشارع الزاوية وعمل في مجال التدريس والقطاع الخاص .
توفى والده ووالدته وأخته ولم يستطيع الحضور لليبيا .
خريج كلية الحقوق من جامعة الاسكندرية والعلوم السياسية من جامعة لندن والمنسق العام السابق للتجمع الوطني الليبي الديمقراطي وعضو المنظمة العربية لحقوق الانسان ،وعضو المنظمة العربية لمكافحة الفساد . اطال الله في عمره وحفظه لبلاده ليبيا وحفظه لنا ، فخالنا الذي عرفنا فيه الوطنية والطيبة والتواضع والقوة في مواجهة التحديات والصعاب
بقلم د. ابوبكر الطويل
دبلوماسي ليبي