بقلم/ ذ. محمد حمزة الاجهري.
بدعوة من أساتذة جامعة شيكاغو الأمريكية العريقة، عقد المربي محمد فوزي الكركري، شيخ الزاوية الكركرية، محاضرة علمية مع الدكتور سعد أنصاري، الخبير الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي، حول “التصوف الحي والذكاء الاصطناعي”، ردف هذه المحاضرة حوار احتضنته نفس الجامعة العالمية حول ( الابعاد الروحية للسياحة الصوفية ) وقد حاور سيدنا الشيخ محمد فوزي الكركري، الدكتور يوسف كزويت وهو أستاذ جامعي للدراسات القرآنية بكلية علوم اللاهوت في جامعة شيكاغو وأحد كبار المختصين والباحثين في عدة مواضيع منها: التاريخ الفكري لشمال إفريقيا والأندلس، وتصورات المسلمين للإنجيل، وكتابات القوم حول أسماء الله الحسنى في القرون الوسطى…
وقد جاء هذا الحوار العلمي مع سيدنا الشيخ على اعتبار أن سيرته الذاتية كشيخ صوفي معاصر (خاصة سياحته التي دامت 10 سنوات داخل ربوع المملكة المغربية الشريفة) تدرس داخل الجامعة الأمريكية منذ مدة.
وسيتم نشر هذا الحوار العلمي في صفحات الطريقة الكركرية العلية عندما توافينا به جامعة شيكاغو الأمريكية بعد الانتهاء من إعداده الفني والتقني بحول الله.
هذا وفي انتظار المحاضرتين العلميتين اللتين ستحتضنهما جامعة ستانتفورد الامريكية ( الجامعة الأولى في ترتيب الجامعات في العالم) التي سيلقيهما الشيخ المربّي سيدي محمد فوزي الكركري قدّس الله سره الشريف، شيخ الطريقة الكركرية، تحت عنوان “التصوف الحي” و ” قراءة لقصة سيدنا موسى عليه السلام من منظور روحاني إسلامي”، بمشاركة البروفيسور يوسف كازويت من جامعة شيكاغو و الدكتور مديرة قسم الدراسات الاسلامية بالجامعة الدكتور فرح الشريف.
شيخ الزاوية، التي تتخذ منطقة العروي الواقعة نواحي الناظور مقرا لها، تحدث في أولى المحاضرات عن “أوجه الاختلاف بين الذكاء الاصطناعي وبين الإنسان الحي”، مبرزا “مدى كمال الإنسان على جميع المخلوقات فما بالك بالذكاء الاصطناعي الذي هو صنع بشري محض”.
مضيفا أن “الذكاء الاصطناعي فيه المعلومة وليس فيه الروح أو الذوق، ونحن في طريقتنا الكركرية نجعل المريد يصل للحقيقة عن طريق التجربة والممارسة، لا عن طريق السمع أو المعلومة فقط”.
وأبرز “أهمية الروح في كمال الجنس البشري” قائلا: “السر والروح والروحانية في الكاتب لا في الكتاب، أي في الإنسان الحي، وليس في آلة الذكاء الاصطناعي الإنسان مخلوق من العناصر الأربعة والطبائع الأربعة، نار هواء ماء تراب، فهو خليفة الله في الأرض، خلقه الله من كماله، ونفخ فيه من روحه، وهي روح أمرية الباري، فهو ظاهره كمال وباطنه كمال ليس فيه نقص. فالإنسان يساير كل الأزمنة والعصور؛ لأن فيه روحَ الباري عز وجل”.
كما أعاد للدكتور والخبير الدولي اعتبار الظهور الوجودي قائلا : “وجود الطبائع الأربعة في الإنسان يعني أنه كامل في عناصره، وتكوينه، وطبائعه. لهذا، إذا غيرنا وبدلنا جزءا من الإنسان بعنصر اصطناعي لن يستطيع أن يؤدي دوره الذي خلق الله لأجله على الكمال والفطرة الإلهية؛ فقلب اصطناعي ممكن أن تعيش به، لكن لا يمكن أن يؤدي دور الكمال من شعور، وذوق، ووظيفة روحية”.
واسترسل شارحا: “جسد الإنسان يعيش تناغما مع الروح التي نفخها الله فيه. الروح تعطيك الذوق، لكن الآلة الاصطناعية لا تعرف الذوق، ولا تعرف الإحساس ولا تعرف الشعور؛ هذا الجهاز الاصطناعي ليست فيه الصفات الإلهية، السمع، البصر، الحياة، والعلم، فالآلة لا تعقل ولا تذوق ولا تدرك. وأنتم إذا نظرتُ اليكم بنظرة حب، تصل اليكم هذه النظرة وتشعرون بها، ويكون بيننا وبينكم تواصل روحي، لكن هذا لا يتحقق مع الجهاز”، لينبه في الأخير إلى “خطورة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بمفرده، والاستغناء به عن الأصل الإنساني”.
نفيد علما أن الدعوة إلى هذا النشاط يجمع بين “روح الدين الاسلامي الذي هو التصوف ، والذي من خلاله يعرف المريد ربه ونفسه من خلال دراسة ايات الافاق وابعادها المنسوخة في المملكة الانسانية وموضوع الذكاء الصناعي المعاصر”، كما أن اختيار شيخ الزاوية الكركرية لم يأت بمحض الصدفة ، بل وأن تخصصه من حيث كونه شيخ حي وفاعل تربوي أثبت في الواقع إيجابية منهجه و سلوك طريقته المبنية على أصول تربوية مسندة في الدين كما أنه ناشط وكاتب له ما يزيد عن 10 مؤلفات في الاخلاق والسلوك والمعارف النورانية والذوق الصوفي، وحاصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة فرنسية والمعترَف بعمله الإحساني من الأمم المتحدة، كما أنه مجدد التصوف في قرنه بشهادة شيوخ وعلماء من مصر والأردن والعراق وروسيا والكاميرون والجزائر وتونس والمغرب… داعيا إلى “إحياء تقليد علوم الإحسان وتفعيلها على أرضية الواقع كما كان عليه أصل التصوف”، عن طريق بيداغوجيا تركز على “التجربة المباشرة في البحث عن التعرف على الذات والله”.