المغرب أحرز تقدما مهما في مجال حرية الصحافة خلال السنوات الأخيرة (خبير دولي)

قال الفارو ودي فاسكونسيلوس مدير المشاريع في شبكة “مبادرة الإصلاح العربي” (شبكة مراكز بحثية مستقلة)، اليوم السبت بالرباط، إن المغرب أحرز خلال السنوات الأخيرة تقدما مهما في مجال حرية الصحافة.

وأوضح السيد فاسكونسيلوس خلال تقديمه للملاحظات الختامية للندوة الدولية الخامسة حول حرية الإعلام، “التواصل والحرية: تحدي الإدراك”، أن تحليل وضعية الإعلام وحرية الصحافة بالمغرب الذي تنجزه مؤسسات مغربية له تأثير جد إيجابي، مشيرا إلى أن التحليل والتقييم الذي تنجزه المنظمات الدولية إيجابي أيضا لأنه يضفي مزيدا من المصداقية على التحليل، وذلك في أفق تحقيق المزيد من التقدم.

وأبرز الباحث وهو أستاذ زائر بجامعة ساو باولو بالبرازيل في هذه الملاحظات التي تناولت محور “وسائل الإعلام والتواصل: الإدراكات أقوى من الواقع”، أن مفهوم الإدراك في الإعلام الغربي يكتسي أهمية بالغة مع أنه لا يمثل الإشكالية الأساس، موضحا أن الإشكالية تتمثل في “صدمة الخطاب” الذي أصبح أكثر تعددية وتنوعا، ويتعلق الامر على الخصوص ب”الخاطب الإسلاموفوبي الذي لا يرى توافقا بين الإسلام والديمقراطية”، وهو خطاب مهيمن في العديد من البلدان الأوروبية وغيرها.

وأضاف أن هناك في المقابل خطاب الإنسانية المشتركة الذي لا يفرق مثلا بين ضحايا الاعتداءات الإرهابية مهما كان البلد الذي ارتكبت فيه، على اعتبار أن هؤلاء الضحايا ينتمون إلى الإنسانية جمعاء.

من جهتها، أكدت السيدة ياسمين كاشا، ممثلة منظمة مراسلون بلا حدود بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على أن المنظمة “أخذت علما” بمشروع قانون الصحافة والنشر رقم 13-88 الذي صادق عليه مجلس النواب بالإجماع يوم الثلاثاء 21 يونيو 2016، “وستتبع مسار اعتماده عن قرب”، مؤكدة على أنه “إذا ما صدر المشروع بصيغته الحالية فإنه سيشكل تطورا”، “على اعتبار أنه يتضمن مقتضيات متقدمة بمقارنته بالإطار القانوني المعمول به حاليا في مجال الصحافة”.

وأشارت السيدة كاشا، التي كانت تتحدث في إطار ورشة “مفهوم حرية التواصل من خلال تقارير المنظمات المتخصصة”، نظمت في إطار هذه الندوة، إلى أن البيئة القانونية تدخل ضمن أبرز المؤشرات المعتمدة من طرف المنظمة في إطار منهجيتها لتقييم حرية الصحافة، وذلك إلى جانب المؤشرات المتعلقة بالتعددية والحماية والاستقلالية وغيرها.

وأكدت ، في علاقة بموضوع الورشة، على أن “الإشكالية المطروحة حاليا هو أننا إزاء صراع للتأثير على الإدراك بخصوص الواقع، وهو ما يجعلنا ننساق وراء الشكل وتغييب المضمون”، مشددة على أنه “يجب تجاوز مسألة الإدراك والتصورات لدى كلا الأطراف، وفسح المجال للاشتغال في العمق على المضمون، وهو ما سيجعلنا نتقدم، وما سيجعل المغرب يتقدم في تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود، وهو ما نتمناه”.

وبخصوص تصور المغرب في الإعلام الامريكي، قال محمد الشرقاوي الأستاذ بكلية تحليل النزاعات وحلها بجامعة جورج ماسون (واشنطن) إن المسارات الرئيسية التي تهيمن على تغطية الإعلام الأمريكي للمغرب في سنة 2016 تتمثل أساسا في مسار الإصلاح في ضوء المقارنة التي يقوم بها صحافيون وبعض الكتاب الأمريكيون والتي تفيد بأن المغرب “نجح في تجاوز اختبار ما يسمى بالربيع العربي”، وأن هناك إصلاحات دستورية مكنت بالخصوص من توسيع سلطات الحكومة وتحقيق إنجازات سياسية. وأضاف الأستاذ الجامعي في عرض حول موضوع “تصور المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية عبر وسائل الإعلام الأمريكية” أن هناك مسارا آخر يتمثل في الاهتمام بالمغرب من خلال مكافحته للإرهاب، إذ تهيمن هذه الأخبار الآن أكثر من أي أخبار أخرى سواء تعلق الأمر بالكشف عن بعض الخلايا المتشددة وتفكيكها أو ضبط بعض المغاربة الذين حاولوا الانضمام إلى جماعات متطرفة . 

وأشار إلى أن عدة موروثات تاريخية وثقافية وسياسية تحكمت ماضيا في الصورة الذهنية لدى الأمريكيين عن المغرب والمغاربة، مشيرا إلى أن الأمريكيين عرفوا المغرب من خلال تجارب مجموعة من الكتاب والفنانين الذين زاروا البلد. وسجل ان هذه الصورة قد لا تكون واقعية.

واعتبر الباحث أن الصورة الذهنية للمغرب لدى الأمريكيين تحتاج إلى تحديث من خلال اعتماد مسار عصري على مستوى اللغة والصورة، مشيرا إلى وجود نوع من الضعف على مستوى الانفتاح على الإعلام الأمريكي. من جانبها، سجلت ساندرا روخو فلوريس باحثة في مرصد الاستشراق الثقافي قسم الأنثربولوجيا الاجتماعية بجامعة غرناطة (أسبانيا) ضعف الإنتاجات المغربية في الفعاليات السينمائية المكسيكية، مؤكدة أن الجمهور المكسيكي على سبيل المثال يتطلع إلى التعرف على إلانتاجات الفنية والسينمائية المغربية بالرغم من محدودية البرمجة وغياب ترجمة هذه الأعمال إلى اللغة المحلية.

وأشارت إلى أن هذه الصعوبات المتعلقة بعرض الأفلام المغربية بالمكسيك في طريقها إلى الحل بفضل عرض أفلام مغربية في بلدان أخرى بأمريكا اللاتينية من قبيل الأرجنتين وكولومبيا، وكذا في إسبانيا. تجدر الإشارة إلى أن هذه الندوة، التي نظمها على مدى يومين مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية في إطار جامعة التنمية الاجتماعية (دورة صيف 2016)، بمشاركة خبراء وأساتذة جامعيين وممثلي منظمات وطنية ودولية تشتغل على إشكاليات الإعلام والتواصل، ناقشت محاور تهم علاقة حرية التواصل بكل من “إشكالية الإدراك: المفاهيم والوقائع”، و”الثقافة والممارسة”، و”التحولات السياسية والاجتماعية”، و”تأثير القانون والمؤسسات”، وكذا “مفهوم حرية التواصل من خلال تقارير المنظمات المتخصصة”، و”إدراك المغرب في الخارج عبر وسائل الإعلام”.