باحثون في مؤتمر ريادة الأعمال بمراكش الثروات تخلق ولا تورث وتحذير من الجهوية الفرنسية

احتضنت المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بمراكش فعاليات الدورة السابعة من منتدى “ريادة الأعمال، الشباب، وتنمية الجهات” بمشاركة عدد من الباحثين والخبراء المغاربة والأجانب. الملتقى الذي امتد من الثامن والعشرين إلى الثلاثين من ماي، جاء في إطار الشراكة بين منبر الحرية ومؤسسة هانس سايدل والمركز العلمي العربي، وجامعتي القاضي عياض وابن طفيل بالإضافة إلى فعاليات مدنية وجمعوية أخرى.

وحول حيثيات تنظيم المؤتمر، أشارالمنسق الجهوي لمؤسسة هانس سايدل إلى أنه”يأتي مواكبة لسياق الإصلاحات التي يعرفها المغرب حيث المجهودات المتواصلة لتحقيق دولة الحق والحكامة الجيدة والرفع من المشاركة السياسية”. وأضاف أن نجاح المشروع الجهوي رهين بتحسن الوضع الاقتصادي، ولذلك من الضرورة تحقيق ظروف اجتماعية أفضل لأن الهدف هو الاستفادة من موارد المناطق على نحو يضمن التنمية الاقتصادية والازدهار لجميع الساكنة وبمختلف فئاتها. واستحضر في هذا السياق التجربة البافارية كمنطقة رائدة في ظل النظام الفدرالي الألماني.

وفي سياق متصل، توقف نوح الهرموزي،منسق مشروع منبر الحرية، عند دور ريادة الأعمال في التنمية، حيث أشار إلى أن المبادرة الفردية في ظل مناخ مؤسساتي سليم تمكن من خلق الثروات. ومن هذا المنطق فمن الضروري، يقول المتحدث، مساءلة النموذج المركزي للوقوف على اختلالاته، ومساءلة على الخصوص المنظومة القضائية التي لا تساير التنمية. وأوضح أن استعراض خريطة التقدم تفيد أن الدول الأكثر تقدما هي الدول التي تعيش في ظل أقل قدر ممكن من المركزية. وحول الوضع المغربي توقف عند التطورات الجديدة التي عرفها الدستور حيث توقف المشرع المغربي عند أهمية الجهوية في خلق ديناميكية مبنية على معايير عقلانية وواقعية.

إلى ذلك، حذر الاقتصادي الفرنسي إمانويل مارتان من النموذج الجهوي الفرنسي الذي يتجه نحو مركزية من نوع خاص، كما أشار إلى أهمية المقاول الريادي، مستطردا في الوقت نفسه ضرورة توافر القواعد المؤسساتية السليمة وتوفير نظام من الحزافز، مما يساهم في إحداث التنافس بين الجهات،وهو ما يشجع على اتخاذ سياسات جيدة تشجع مناخ المال والأعمال.

واستعرض الباحث عثمان كاير بعض المحطات التاريخية اللازم استحضارها عند الحديث عن الجهوية في المغرب، مذكرا بالتقسيم الذي كان يخضع له مغرب ما قبل الحماية حيث بلاد المخزن وبلاد السيبة. وبالرغم من تبني المغرب واتجاهه نحو خلق مناخ ليبرالي خاصة مع سياسة التقويم الهيكلي، غير أن ذلك، يقول المتحدث، لم يسفر عن نشوء بورجوازية حقيقية بل اقتصر الأمر على بعض الفئات التي استفادت من قربها للسلطة ومن خيرات الدعم العمومي وقدم في هذا الصدد نموذجي قطاع العقار وصندوق المقاصة. وحول مدى ريادية قطاع المال والأعمال، قال كاير أن الليبرالية تقتضي قيما جديدة هي قيم خلق الثروة عبر الجدية والعمل والتجديد المبدع الأمر الذي لا ينطبق بشكل كبير على الواقع المغربي.

وفي سياق متصل قال الباحث الألماني فيليب مولر أن العصر الرقمي قلص المسافات وأصبحت مفاهيم المكان والزمان مختلفة تماما. ولعل أبرز ثورة أحدثها العصر الرقمي هي توحيد العديد من الأطر المعرفية بين البشر مهما اختلفت الألوان والجنسيات أو الإيديولوجيات. وحول مستجدات هذا العضر الرقمي يقول مولر أن الحقيقة التي صارت تتجذر أكثر هي أن الثروة لم تعد تورث بل تخلق، ولا تتأتى من الخيرات الطبيعية، بل هي نتاج العمل الإنساني المجدد والمبدع. وأضاف أن القدرة التنافسية لشعب ما رهين بهذه القدرة على الخلق والتجديد.ورغم ان العصر الرقمي يمارس ضغطا متسارعا على البشر، يقول المتدخل، إلا أنه بالمقابل ماض في توسيع استفادة البشر من إمكانيات التقدم والسعادة. وإذا كان القرن العشرين قد تميز بسطوة وسائل إعلام جماهيرية ميزتها إرسال المعلومة بشكل عمودي، فإن العصر الرقمي مبني على مفهوم التنظيم المفتوح، حيث المعلومة متدفقة في كل الاتجاهات. وهذا، يقول المتحدث، ما يحتم اعتماد مبدأ الشفافية لأن كل حركاتنا صارت محسوبة وتنتج معلومات حولنا. إن الشفافية بهذا المنظور تزرع الثقة في المؤسسات وستجعل العالم أقل حاجة للبوليس السري كما أن المشاركة السياسية للناس تؤدي إلى إقحامهم في اتخاذ القرار، فيما يسهم التعاون في الانفتاح على أفكار جديدة مما يبقي كل الحظوظ قائمة لتحقق أفظل لإنسانية الإنسان.