بالحرية الاقتصادية للعالم العربي : باحثون وخبراء يحذرون من خطورة الشعبوية والانعزالية

حذر المشاركون في افتتاح مؤتمر الحرية الاقتصادية، الذي انطلقت فعالياته أمس السبت بالعاصمة الرباط، من المقاربات الشعبوية الداعية إلى مزيد من تدخلية الدولة. كما نبه عدد من المتدخلين، في الوقت ذاته، إلى خطورة تنامي النزعة الانعزالية التي أصبحت تجتاح العديد من البلدان سواء في الشمال أو الجنوب.

واعتبرالهرموزي، في افتتاحية المؤتمر المنظم بشراكة بين المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية ومعهد فريزرالكندي ومؤسسة البحوث الدولية ومؤسسة فريدريش ناومان، أن الشعبوية والانعزالية يمثلان خطرا يتهدد الديمقراطية ويساهم في تآكل هوامش ومناخ الحرية. وفي تحليله لبعض أسباب تنامي النزعات الشعبوية الداعية إلى الانعزالية، ذكر الهرموزي بالوضعية الهشة التي يعيشها الاقتصاد العالمي خاصة بعد أزمة الرهون السيادية والعقارية والتي أدخلت الاقتصاد العالمي في وضعية الانكماش والتعافي الهش.

وأضاف الهرموزي، أستاذ الاقتصاد بجامعة بن طفيل، أن هذه الوضعية أدت إلى تنامي أنواع متعددة من الانعزال. فعلى المستوى السياسي، لاحظ المتحدث، ظهور نوع من الانكفاء والانعزال الثقافي ترجمه ظهور حركات انعزالية وأحزاب محافظة ومتطرفة في بريطانيا من قبيل حزب اليوكيب الذي أ؛رج البلد من الاتحاد الاوروبي، وصعود دونالد ترامب كنتيجة أو كواقع لصعود الطروحات الانعزالية، بالإضافة إلى تنامي صعود حزب بوكوديموس والحزب اليميني المتطرف في فرنسا وفي ألمانيا.

ومن جهة أخرى، ساهمت حالة التعافي الهش للاقتصاد العالمي في بروز طروحات على المستوى الاقتصادي تنادي بعودة تدخلية الدولة، حيث دعا التقرير الصادر مؤخرا عن للبنك الدولي والمفوضية الأوروبية إلى الرفع من تدخلية الدولة من اجل تجاوز هذه الأزمات.

وأمام المخاطر التي تتهدد منظومة الديمقراطية والحرية دعا الهرموزي، الذي اشتغل خبيرا لدى العديد من المؤسسات الدولية، إلى تنويع النشاطات وتكثيفها لتبيان خطورة هذه التوجهات التي يمكن ان تؤدي إلى فناء الديمقراطية وتآكلها وتراجع هوامش الحرية.

ومن جهة أخرى، أكد رئيس المكتب الإقليمي لمؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية، رينيه كلاف، على الأهمية القصوى التي تحظى بها الحرية الاقتصادية في مسار تطور الأمم حيث أوضح إنه لا يمكن فصل تحقيق الحرية الفردية عن الحرية الاقتصادية الاجتماعية، كما لا يمكن فصلها عن آفاق وخيارات الأفراد في أن يعيشوا حياة بمستوى معيشي لائق نتيجة جهودهم الذاتية، مموضحا أنه لا يمكن تحقيق مبادئ الليبرالية دون التحدث عن اقتصاد السوق.

وفي السياق ذاته، أكد التقرير الذي قدمه فريد ماكماهون، رئيس قسم مايكل والكر لبحوث الحرية الاقتصادية بمعهد فريزر (كندا)، التأثير الكبير للحرية الاقتصادية حيث تصدرت الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية والبحرين قمة تصنيف البلدان الأكثر تمتعا بالحرية الاقتصادية في العالم العربي، مسجلة على التوالي درجات بلغت 8,2 و 8,1 و 8,0، فيما احتلت كل من الجمهورية العربية السورية والجزائر وليبيا، المراتب الأخيرة بدرجات بلغت على التوالي 5,4، و5,5، و5,6.

وبخصوص وضعية المغرب، كشف التقرير عن حصوله على المركز الثامن عشر بدرجة 7,3 في مجال سهولة الحصول على تسهيلات مالية، كما حافظ على المركز التاسع عشر الذي احتله العام الماضي في مجال مؤشر حرية التجارة، على الرغم من تحسن درجته ب 0,3، التي سجلت 5,9. وأشار التقرير إلى أن المغرب تراجع في مؤشر تنظيم الائتمان وسوق العمل والنشاط التجاري من المركز الحادي عشر إلى الرابع عشر، إذ سجل هذا المؤشر انخفاضا من 6,2 إلى 6,1.

وحول العناصر المعتمدة في هذا التصنيف أبرز المدير التنفيذي لمؤسسة البحوث الدولية (عمان)، عزان البوسعيدي، خلال نفس الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أن “المؤشر المعلن للحرية الاقتصادية في العالم العربي يضم نفس العناصر الخمسة التي يضمها مؤشر الحرية الاقتصادية على مستوى العالم، غير أنه لا يشتمل سوى على 39 مكونا بدل 42، مبرزا أنه تم تقييم 21 دولة من أصل 22 دولة الأعضاء في الجامعة العربية. وتشمل هذه المؤشرات حسب ذات المتحدث “حجم الحكومة: الإنفاق والضرائب والمشاريع”، و”القانون التجاري والاقتصادي وتأمين حقوق الملكية”، و”القدرة على الحصول على النقد والتسهيلات المالية”، و”حرية التجارة على المستوى العالمي”، إلى جانب “تنظيم الائتمان والعمالة والنشاط التجاري”.

يذكر أن المركزالعلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية مؤسسة بحثية علمية عربية تأسست بالرباط من طرف ثلة من الباحثين حيث تمكن المركز في غضون السنة الأولى من تأسيسه من تنشيط الحركية الثقافية المغربية من خلال احتضانه عددا من المحاضرات والندوات المحلية والدولية.