الرباط / عبد النبي الشراط
تابع الرأي العام المغربي خلال الأسابيع الماضية قضية الراسبين في امتحانات الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، التي اعتبرها الكثيرون والكثيرات ممن شاركوا في المباراة أنها مجحفة واستخدمت فيها العلاقات والولاءت والزبونية و (باك سيدي وصاحبي) ومما زاد الطين بلة تصريح وزير العدل عبد اللطيف وهبي الذي تباهى بأن ابنه درس في مونتريال بكندا.. وهو ما اعتبر تصريح استفزازي وغير مسؤول، أضف إلى ذلك أن أحد المشاركين في المباراة استبدلوا اسمه باسم شخص ٱخر رغم توفر الأول على وصل إيداع ملفه طبقا للقانون، وهناك موظف بوزارة العدل يوجد ضمن اللجنة المشرفة على الامتحانات إجتاز بدوره المباراة وفاز فيها ضدا على القانون، وهناك خروقات أخرى تتبعها الرأي العام خطوة خطوة.
الراسبون والراسبات في هذه الامتحانات _ المهزلة_ شعروا بالإهانة والمرارة والحگرة، فقرروا المطالبة بحقهم الذي يعتبرونه مشروعا وهو إعادة المباراة من جديد، لكن بأسلوب شفاف وديموقراطي ودون محاباة تذكر، وكانت أولى الخطوات لجوئهم للقضاء عبر تقديم طعن في نتائج المباراة/ المهزلة، ولكن القضاء لم ينظر في طلبهم مطلقا، وكان لابد من الاستمرار في الدفاع عن مصالحهم فتم تأسيس “اللجنة الوطنية لضحايا امتحان المحاماة” وهي لجنة تنضاف لعشرات اللجان والتنسيقيات التي يعاني منظموها من الظلم وانعدام القانون في هذا البلد الذي يتباهى في المسؤولين بأنه بلد الحق والقانون.
اللجنة الوطنية لضحايا امتحان المحاماة سلكت العديد من الخطوات النضالية من أجل التعريف بمظلومية أعضائها، وهكذا عقدت ندوة صحفية يوم 22 فبراير 2023، ثم نظمت وقفة احتجاجية يوم 24، من نفس الشهر أمام وزارة العدل..
تابع المتضررون معركتهم الطويلة عبر الاتصال بالمؤسسات الدستورية والاحزاب السياسية والنقابات المهنية وغيرها، لكن لا أحد أنصت لمظلوميتهم..
بعد استنفاذ كل هذه الخطوات.. التي ووجهت بٱذان صماء من قبل كل المسؤولين والسياسيين، كان لابد من اتخاذ خطوة تصعيدية خطيرة تمثلت في قرار الدخول في إضراب عن الطعام.. وهي معركة ليست سهلة، خاصة للذين يعرفون ما يعنيه الإضراب عن الأكل.. أن تبقى جائعا بمحض إرادتك، لا تأكل ولا تشرب.. وهو ما يشكل خطرا جسيما على صحة المضربين والمضربات، الذين شرعوا في تنفيذ هذه الخطوة الصعبة بدءا من يوم الجمعة 25 فبراير الجاري، ولحد كتابة هذه السطور يكون المضربون والمضربات عن الطعام قد دخلوا يومهم الثالث، وطبقا لمصادرنا في مكان الإضراب (مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة تمارة) فإن اثنان من المضربين (شاب وشابة) أصيبا بحالة إغماء شديدة وتم نقلهما على الفور للمستشفى، كما أنه لحد الٱن لم تجرى أية اتصالات من طرف المسؤولين في الحكومة لتهدئة الأوضاع على الأقل والنظر بمطالبهم..
وبالإضافة للحكومة التي عودتنا استخدام الٱذان الصماء تجاه مثل هذه الحالات، فإن الأحزاب السياسية(التي نعتبرها انتهت من زمان) بدورها لم تحرك ساكنا، بل رفضت معظم هذه الأحزاب اغلبية ومعارضة منح مقراتها للمضربين باستثناء فيدرالية اليسار التي وضعت مقرها رهن إشارتهم، وأخيرا استضافتهم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتمارة.
المعركة ليست بسيطة ، بل هي صعبة ومقلقة وخطيرة جدا.. هذه أرواح بشرية قد تزهق، وهؤلاء أبناء الشعب المغربي ولم يأتوا من كوكب ٱخر، ومطلوب من كافة القوى السياسية والجمعوية وكل الفئات مناصرة هؤلاء الشباب في مظلوميتهم، وهل سيتغير كوكب الأرض إذا أعادت وزارة العدل هذه المباراة بكل شفافية؟ بالتالي كان على وزير العدل شخصيا ومن له نفوذ الذين فاز أبناؤهم في هذه المباراة “المشبوهة” أن يتخلوا عن فوزهم وفتح المجال لإعادة مباراة قد تصبح قصتها يوما مجالا خصبا للروائيين وكتاب القصة..
26/2/2023
(صور حصرية من عين المكان)