شدد المصطفى بنعلي، على أن لا سبيل أمام المغرب للتقدم والنماء، من دون اعتماد الخيار الديمقراطي، الثابت وتلمسه في صميم الحياة اليومية للمواطنين، وفي مجتمع متعدد في مكوناته وروافده الهوياتية، وأن ضرورة هذا الخيار وحدها الكفيلة بانصهار هذا الغنى والتعدد في الوحدة، معتبرا تجربة الظرف الاستثنائي لجائحة كورونا، مناسبة مثلى للتشبث بالممارسة الديمقراطية محليا وجهويا، وفي اللحظة التي استوعب فيها المغاربة ثقتهم في الدولة والمؤسسات، عبر ممارسة سلوكات تضامنية، تترجم حاجة المجتمع إلى مزيد من الدمقرطة والتأهيل، مؤكدا الا ضرورة موضوعية لتأجيل الاستحقاقات القادمة عن موعدها.
وأكد بنعلي الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية، بمناسبة تقديمه لمضامين التقرير التنظيمي والسياسي أمام الهيئة التداولية للحزب المنعقدة في دورتها العادية عن بعد يوم الأحد 31 ماي الجاري، تحت شعار: الإنسان ثروتنا ..حقوقه التزامنا، الذي يلخص جوهر الثقافة السياسية للحزب، على أن جائحة كورونا أبانت عن فشل الليبرالية المتوحشة، التي غلبت هاجس الربح على قيم الإنسان، تتحمل المسؤولية الأخلاقية لأزمات ومعاناة الإنسانية، مما يؤكد أن الإنسان هو محور كل ما يرتبط بالاقتصادي والاجتماعي والفكري والثقافي وفي كل مناحي الحياة.
وثمن الأمين العام، جدية ونجاح تدبير جائحة كورونا، من قبل كافة المصالح والقطاعات المعنية بقيادة جلالة الملك، لتجنيب البلاد أكبر الخسائر وبأقل التكاليف، مبرزا أن الجائحة أبانت عن قضايا جوهرية في التفكير السياسي للجبهة.
وحول تطورات قضية الوحدة الترابية للمملكة، أوضح بنعلي أن الملف محسوم ومآله إلى النصر النهائي للطرح المغربي، وأنه انتقل اليوم إلى قضية تطرح حقوق لاجئين ومحتجزين لا تحترم حقوقهم، وأن هم خصوم الوحدة الترابية للمغرب، لا يعدو مجرد متاجرة بالمآسي والأوضاع اللا إنسانية لهؤلاء المحتجزين بمخيمات الذل والعار.
ونحى بنعلي باللائمة على الحكومات المتعاقبة لافتقارها لرؤية شمولية، ونهجها لسياسات مجحفة منذ إقرار دستور 2011 الذي ظلت مضامينه المتقدمة معطلة إلى اليوم. وهي سياسات دفعت بإمعان في اتجاه انمحاء الطبقة المتوسطة، وشكلت مصدر أزمات وصعوبات يومية أمام شرائح واسعة من المجتمع المغربي، نتيجة إغراق البلاد في الدين الخارجي وتحكم إملاءات صناديق الائتمان الدولي في مصير ومستقبل المغرب.
وارتباطا بانعقاد دورة المجلس الوطني، تزامنا مع الجائحة، تناول بنعلي عرض مختلف الوثائق ومشاريع أفكار وتصورات ومقترحات حزب جبهة القوى الديمقراطية المعروضة على الدورة، والتي تميزت بالغنى والاكتناز، وأبرز أن مرتكزاتها جعلت الإنسان المغربي في صلب التفكير التنموي، ومحور أي مشروع لدمقرطة المجتمع وتنميته.
وأشار بنعلي، بأن الحزب طالب بضرورة اعتماد تدابير مصاحبة للرفع التدريجي للحجر الصحي، توازن بين الحد من آثار الفيروس صحيا، وانتعاش الاقتصاد الوطني واستعادة عافيته، وتعزيز السلم الاجتماعي، منبها إلى المحاولات اليائسة للتيار النكوصي، الذي يسعي لزرع بوادر ردة المجتمع المغربي، وتثبيط تطلعاته نحو الديمقراطية.
وفي سياق عرض تصورات الحزب، وقف بنعلي على ضرورة لعب الدولة لدورها المركزي في التنمية، عبر نهج سياسة واضحة لتشجيع المقاولات الوطنية، كمصدر للمنتوج المغربي، ومراجعة سياسة الانفتاح واعتماد سياسة حمائية، مؤكدا على أن المقاولات المتوسطة والصغرى تعاني مشكل التمويل، في واقع تركن فيه الأبناك لمراكمة الأرباح دون اضطلاعها بدورها في المواكبة.
كما اعتبر بنعلي، أن حل أزمة الاقتصاد المغربي نتيجة الجائحة يستدعي ضرورة جعل الإنسان المغربي في قلب معادلة تشجيع الاستهلاك الوطني، خاصة في القطاعات الأكثر تضررا كالسياحة وما يرتبط بها كالصناعة التقليدية والثقافة وفي قطاع الفلاحة، الذي أبان عن غياب سياسة فلاحية حقيقية، تبرز تناقضا بين معنى أن يكون المغرب بلدا فلاحيا ويستورد كل شيء، وبما يوضح قصور دور المخطط الأخضر في تأهيل القطاع.
وبخصوص قطاعي التربية والصحة، يضيف بنعلي فالجائحة أنانت على أنهما قطاعان استراتيجيان، يهدفان تأهيل الإنسان المغربي، على عكس من لازال يعتبرهما قطاعين اجتماعيين، مبرزا أن التكنولوجيا أضحت جزءا أساسيا وضرورة للعيش والحياة.
يذكر أن المجلس الوطني الذي ترأس أشغاله رئيسه الأخ محمد الشرفي، صوت بالإجماع على مختلف وثائق ومقررات ومشاريع الدورة، بعد مناقشة غنية شارك فيها أعضاء المجلس من مختلف ربوع المغرب، وتمت تلاوة البيان العام الختامي للدورة، التي حققت وظيفتها السياسية والإشعاعية، واكتسبت خصوصيتها، عبر انعقادها عن بعد، باستثمار الوسائط الرقمية، كتجسيد فعلي ولوج الحزب للعهد الرقمي وفي ظل الحجر الصحي ووثقت واختزلت استثنائية ظروف جائحة كورونا. كما وثقت لحدث لرحيل المناضل الفذ عبد الرحمان اليوسف عبر تقديم العزاء والمواساة لأسرته الصغيرة والكبيرة، وقراءة الفاتحة ترحما على روح مجاهد جسد رمز مرحلة سياسية عميقة في المغرب.
عبد الرحيم بن الشريف