قال رئيس موريتانيا الأسبق ولد محمد فال إن استضافة موريتانيا للقمة العربية جعلها مادة “للسخرية في الإعلام العربي والإفريقي بل والعالمي”، مستغربا تصنيف بعضهم لاستضافتها في إطار النجاح الدبلوماسي للدبلوماسية الموريتانية.
وتساءل ولد محمد فال في مقابلة مع صحيفة الأخبار إنفو الأسبوعية: “أين دور دبلوماسياتنا في استضافتنا للقمة؟، وهي جاءتنا بعض رفض المغرب لها، وكان وصولها لنا بسبب ترتيب الأحرف الأبجدية. إنما لم تقدم بأي جهد في ذلك. لقد جاءتنا بشكل غير طبيعي، ونظمنها بشكل ارتجالي، وعرضتنا لمواقف غير مناسبة، وجعلت بلادنا مصدرا للسخرية والتنكيت حول العالم”.
واعتبر ولد محمد فال أنه كان “علينا ما دامت القمة قد وصلتنا – حسب الترتيب الأبجدي – أن نشغل عقولنا، وأن نؤكد قبولنا لها، لكن نطلب تأجيلها حتى العام القادم لنحضر لها بشكل جيد، وهو أجل يمنحه لنا القانون. لكننا لم نستفد من ذلك، واخترنا التحضير لها خلال شهرين أو ثلاثة، لقد قفزنا، وقلنا سننظمها في موعدها، وهذا تصرف لا يقوم به إلا غبي إلى أقصى درجة”.
ووصف ولد محمد فال في المقابلة الشاملة قمة نواكشوط بأنها كانت “غير محضر لها سياسيا، ولا اقتصاديا، ولا لوجستيا، كما لم تكن البلاد مستعدة لها على أي مستوى من المستويات، وخصوصا البنية التحتية”.
وأردف ولد محمد فال: “لقد كانت النتيجة حضور 5 إلى 6 رؤساء من 22 دولة، أين المكسب السياسي في هذا؟ لا يمكن أن يصف هذا بأنه مكسب سياسي إلا من يتملق لنظام مثل النظام الموجود عندنا!”.
وأضاف: “هذا عن مستوى الحضور والمشاركة، وعلى مستوى القرارات، لم يصدر عن القمة أي قرار سياسي، سواء كان لصالح العرب أو لصالح موريتانيا. للأسف لم تربح موريتانيا من تنظيم القمة أي شيء. بل خسرت الكثير”.
واعتبر ولد محمد فال أن خسارة موريتانيا من القمة كانت على عدة مستويات من بينها:
– المستوى الأول: التصنيف الذي نالته موريتانية في الإعلام العربي: فقد وصفت من طرف الإعلام اللبناني بأنها “قمة بلا قيمة، وبلا قرارات ولا رؤوس”، أما الإعلام المصري فقد صنف البلاد بأنه بلا أمن، حيث برر غياب رئيسهم بأن الأمن في البلد لا يمكن أن يؤمنه. وللأسف تم توصيف موريتانيا بأنها أرض القمامات والأوساخ.
وعلى المنوال ذاته سار الإعلام الإفريقي والعالمي، حيث وصفها بأنها قمة فاشلة من حيث الحضور، ومن حيث القرارات.
– المستوى الثاني: استضافة الضيوف في منازل خصوصية: وهي سابقة في تاريخ القمم، وعودة لعصر البداوة، وهي صورة مسيئة قدمت عن موريتانيا للعالم عن عجز الدولة عن توفير أماكن لاستضافه المشاركين في القمة.
– المستوى الثالث ابرتوكولي: وهي أنه كان يفترض أن تتسلم موريتانيا رئاسة القمة من رئاسة الدولة التي كانت ترأس الدورة السابقة، وفي حال غياب رئيسها فيجب أن يتسلم المسؤول الموازي رئاستها من المسؤول القادم لتسليمها.
وقد حدثت هذه القضية في تونس 2004 بعد غياب البحرين، وفي سوريا بعد ذلك، وهو ما كان محل قرار من الأمين العام للجامعة العربية، حيث قرر أن لا يستلم أي رئيس الرئاسة الدورية للقمة من مسؤول أدنى منه مستوى. لكن موريتانيا استلمت الرئاسة من الوزير الأول المصري، وهو ما يعكس دناءة تمثيل البلد، وعدم منحه الاحترام اللازم.
ولا يمكن هنا تجاهل منع أبرز وسيلتين إعلامتين مستقلتين في البلد من تغطية القمة، ومضايقة مراسليهما، وهو ما يعتبر انتكاسة في مجال الحريات الإعلامية.
وشدد ولد محمد فال على أنه لا يمكن أن تجاوز موضوع آخر، معتبرا أنهم “زايدوا فيه كثيرا، وهو قولهم إن القمة كانت محل إجماع وطني في موريتانيا”، مضيفا: “هذه مغالطة كبيرة وتزوير، صحيح أن المعارضة لم ترد أن تشوش على القمة، وهو موقف مسؤول، لكن ذلك لا يعني ذلك رضاها عنها، أحرى إجماعها عليها.
ورأى ولد محمد فال أن “السبب الحقيقي الذي دفع النظام لقبول استضافة القمة العربية، هو أنه كان في وضعية سياسية صعبة، ووضعية اقتصادية أصعب، وكان يظن أن استضافة القمة العربية يمكنه أن يفيده في هذا المجال، وأن يعيد له الألق الجماهيري الذي يفتقده أصلا”.
وأضاف: “لقد قبل استضافتها، ثم ذهب يتسول، ويأخذ المبالغ المالية لتسوية مشاكله الداخلية، وحتى الآن لم يعرف سقف المبالغ التي تحصل عليها، ولا الطريقة التي تم إنفاق هذه الأموال بها. لقد تم منحها عبر صفقات شخصية مشبوهة، وعن طريق التراضي، ومن دون أي شفافية”.
وأردف: “ولعلكم لاحظتم أن أكثر من طلبت منهم خدمات خلال القمة لم تقدم لهم المبالغ المالية اللازمة ولا تعويضاتهم إلى اليوم، وفيهم موريتانيون وأجانب، وقد اضطر بعضهم للاحتجاج للفت الانتباه إلى وضعه، والمماطلة التي كان ضحية لها.
وقال ولد محمد فال – وهو رئيس موريتانيا خلال الفترة الانتقالية 2005 – 2007: “صحيح، أنه قد يكون استفاد بعض الأشخاص من العائدات المالية للقمة لكن ذلك كان على حساب سمعة البلاد، وصورتها في الخارج، هذه هي الحقيقة المرة. للأسف”، معتبرا أن أبرز “دليل على ذلك أنهم يرضون الآن من الإنجاز بأن يقولوا إن موريتانيا استطاعت استضافة القمة دون ادعاء أي نجاح أو إنجاز من وراء هذه الاستضافة”.
وأشار ولد محمد فال إلى أن رئاسة موريتانيا للقمة العربية جاءت بعد رئاتها للاتحاد الإفريقي “وقد وصلتنا بطريقة مشابهة لهذه حيث لم يكن للدبلوماسية الموريتانية أي دور فيها، وستنتهي هذه الرئاسة كما انتهت سابقتها، ويكفي دليلا على فشلها أن موريتانيا أثناء رئاستها فشلت حتى في الحصول على مقعد ابروتوكولي مناسب في مؤتمر الفرانكفونية في داكار. وهو ما جعلها تنسحب في ردة فعل غاضبة، وغير مناسبة”.
ورأى ولد محمد فال أنه: “من المناسب أن تنسحب موريتانيا من الرئاسة الحالية، وتعتذر عن رئاسة الجامعة قبل أن تكون سببا في خطأ آخر يحرج البلد، ويسيء إلى صورته الخارجية
منقول / الأخبار / نواكشوط