على هامش قضية فتاة الحافلة، عندما يعلق الحجام بعد سقوط الصومعة

وقعت الواقعة إذن، واقعة تحوم حولها العديد من التساؤلات تتأرجح بين لفت الانتباه إلى هكذا مستوى تدني لتفسخ الأخلاق و بين إطلاق خبر من أجل زوبعة الكلام ليس إلا.ومهما كان الحال وواقع الحال، فحدث كهذا و مثله كثير بعدما أصبحنا أمام إحصائيات لأفعال مشينة تقع في الحافلات و غير الحافلات، فهل يقتصر الامر على سرد عناوين من مثل ” تكثيف المراقبة الامنية و المتابعة الطبية للمعتدى عليها” و “حافلات البيضاء تتعرض لأزيد من 14 ألف حادث خلال ثلاث سنوات” وغيرها من العناوين و التعليقات التي تصدر في الغالب بعد سقوط البقرة، أم أن المسألة ينبغي وضعها في إطارها العام و التعامل معها تعاملا استراتيجيا متكاملا يكون هدفها هو الالتفاف على مسببات هذه الافات للحد منها و بالتالي الفضاء عليها.
هذا يتطلب تسليط الضوء على من يغرق البلاد و العباد بالمخدرات و أقراص الهلوسة التي باتت في متناول شبابنا بلا جهد و لا تعب في الحصول عليها للضرب بيد من حديد من يستهدف و يخطط لتخريب النسيج الاسري المغربي القائم على الوقار و الاحترام و التماسك، من هنا وجب تبني سياسة أمنية صارمة قبلية لا بعدية، فلا فائدة من تشديد الرقابة الامنية بعد وقوع الواقعة، مع تشديد العقوبات في حق الجناة حتى يكونوا عبرة للاخرين.
المجتمع المدني بدوره يجب عليه أن يخرج من بوثقة الشعارات و التنظير وكثرة الكلام الذي لا يقدم و لا يؤخر، و أن يعلم الفائمون على العمل المدني أن الأمر لا يقتصر على تأسيس جمعيات بعناوين عريضة و البحث عن الموارد المالية و القيام ببعض الانشطة الروتينية التي طائل من ورائها، وبدل هذا كله على قوى المجتمع المدني أن تنزل إلى ساحات المجتمع لملامسة هذه الظواهر الشاذة و للتعامل معها حسب الامكانيات المتاحة وتدخل من أجل معالجتها في تنسيق مع الجهات المختصة، و أن تكون لها القدرة على تشخيصها و تقديم الرؤى و الحلول لها مع ضبطها بإحصائيات دقيقة.
وهكذا فحادث محاولة الاغتصاب داخل حافلة و غيره لا ينبغي الوقوف عنده كحادث في خد ذاته، و إنما يتطلب من الجميع تأمله تأملا واقعيا بعيدا عن التحليلات العاطفية السطحية بما يمكن أن يمكن الجميع من اجتثاته و التخلص من تبعاته المهددة لمستقبل البلاد و العباد…