بقلم /ذ.الرحالي عبد الغفور
فاس المدينة، التي تعتبر العاصمة العلمية و الروحية للمملكة المغربية، تعيش مند سنين في وضع غير مطمئن ، بحيث أضحت هذه المدينة التي يفوح منها عبق التاريخ المغربي، خارج التطور و الازدهار، و انت تتجول بين أزقتها القديمة و حتى الحضارية منها، ينتابك شعور بأن الزمن توقف فيها، بل أنها أصبحت مهجورة لا تدب فيها مظاهر الحياة . هي عاصمة جهة فاس مكناس، كان من المفروض أن تزدهر فيها التجارة والاستثمار بقيمتها الحقيقة كأحد المدن الرئيسية التي تجمع شمال المغرب بجنوبه و غرب المغرب بشرقه، لقد كانت فاس في القديم أهم مركز تجاري في إفريقيا ازدهرت فيها الحياة لقرون مضت، لكن اليوم في ظل الكساد الإقتصادي، الذي تعيشه فاس لأزيد من 20 سنة ، كانت سبباً كافياً لهجرة رؤوس الأموال و الاستثمارات إلى مدن أخرى ، بل أن شباب هذه المدينة لم تعد له خيارات متعددة سوى الهجرة للبحث عن عمل في مدن أخرى غير مدينتهم، من أهم الأشياء المثيرة للإستغراب هو استمرارية الوضع المتردي اقتصادياً و اجتماعياً في المدينة دون وجود مخططات و برامج تنموية تنقد ما يمكن إنقاده. فمجالسها الترابية ظل يتناوب عليها سياسيين من المركز يعيشون بالرباط و مدن أخرى ، و يدبرون الشأن المحلي في نفس الوقت، في المقابل اشتهرت المدينة بالحِرف و التجارة التقليدية التي هربت إلى مدن أخرى كمراكش و لم يتم تقييم المنتوجات، و إعطائها القيمة المضافة لتنمية الحرفيين و تكوين جيل جديد يحرس أسرار المهن التي تعتبر فنية و إبداعية، إن ما تعيشه المدينة من تدني الخدمات و البنى التحتية التي ترمم من حين الى آخر ، لم يعد يغري المستثمرين المغاربة و الأجانب، بل أنه من المستحيل تنمية المدينة كوجهة سياحية في ظل فرض سياسة سياحية تعتبر المدينة محطة عبور و ليس محطة استقرار سياحي ما يجعلنا نتساءل عن القيمة التاريخية التي يرفض تثمينها للمدينة و حرمان ساكنتها من الرواج السياحي مثل مراكش و أكادير و غيرها من المدن . إن كل العوامل السالفة الذكر تؤدي إلى نتيجة التحليل على أن هذه المدينة تحتضر يوم بعد يوم بسبب سوء التدبير و بسبب غياب إرادة حقيقية من مركزية الرباط لجعلها قادرة على التنافس و أن تكون تلك الصورة المعبرة عن الهوية المغربية التاريخية التي عرفت بها مند زمن الإمبراطورية المغربية الشريفة …