تحتفل المملكة المغربية و جمهورية أذربيجان يوم 28 غشت بمرور 30 سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشقيقين، والتي مكنت من تعزيز وتعميق علاقات الصداقة والتعاون المثمر و الاحترام المتبادل للسيادة والوحدة الترابية لكلا البلدين والدعم المتواصل في مختلف المحافل على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف، على يدي قائدي البلدين صاحب الجلالة محمد السادس وفخامة الرئيس إلهام علييف، فخلال السنوات الأخيرة توصل البلدان إلى تحقيق منجزات كبيرة في تقوية العلاقات الثنائية، تم تتويجها بعقد اللجنة المشتركة بين البلدين في سنة 2018، وفي هذا الإطار يندرج التعاون المتواصل بين البلدين الصديقين ضمن انخراط حكومتي البلدين في إعطاء هذه العلاقة الثنائية المغربية والأذربيجانية ابعاد التجسيد الميداني العائد على شعبي البلدين بمزيد من التقارب والتنمية المشتركة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن وفدا أذربيجانيا سيقوم بزيارة للمملكة المغربية في الأيام القادمة لاستئناف المشاورات في جلسة اللجنة المشتركة الثانية، بعد مرور أربع سنين على الجلسة الأولى، وذلك بحكم الظروف الصعبة التي واكبت فيروس كورونا، وبعد استئناف النشاط الدبلوماسي العادي.
إن الانطلاق من أرضية التعارف الإنساني والثقافي لبناء علاقة تعاون متينة بين الدول كثيرا ما يلقى مآل النجاح وأسباب التوفيق والسداد، لاسيما أن جمهورية أذربيجان والمملكة المغربية تتمتعان بمواقع جيوستراتيجةوتساهمان عن كثب على المستوى العالمي في عملية الحوار البناء بين مختلف الأديان والثقافات.ولهما من الإمكانيات الطبيعية والاقتصاديةما يشجع المهتمين والمستثمرين في كلا البلدين لتسخرها في تمتين و تعزيز أواصر التعاون والصداقة بين البلدين الشقيقين، المملكة المغربية الشريفة وجمهورية أذربيجان التي أسس لهما المغفور لهما صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه والزعيم القومي للشعب الأذربيجاني حيدر علييف رحمه الله، في إطار القمة الإسلامية المنعقدة في الدار البيضاء في دجنبر 1994، لتفتح بذلك عهدا جديدا في العلاقات المغربية الأذربيجانية المتميزة والمرتكزة على توطيد العلاقات الأخوية وتأثيث التعاون الثنائي بخطى ثابتة وحديثة على يدي قائدي البلدين صاحب الجلالة محمد السادس أعزه الله وفخامة الرئيس إلهام علييف، لاسيما وأن موقع دولة أذربيجان في مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا وأهميتها الاستراتيجية في القوقاز، وموقع المملكة المغربية الاستراتيجي بين أوروبا والعمق الإفريقي وآسيا، مع واجهة بحرية مطلة على الأمريكيتين، يختزن مؤهلات ضخمة جديرة بالاستثمار لفائدة التعاون والتواصل الثقافي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بين البلدين، فضلا عن مواصلة جهود الإشعاع الحضاري على المستويات القارية والدولية.
ويمكن للمملكة المغربية العمل كجسر لتنمية التعاون الاقتصادي لأذربيجان في القارة الأفريقية، مع احتساب عامل ارتفاع مستوى الثقة والتعاون بين بلدينا في المجال السياسي. ولعل أهمها دعم سيادة البلدين ووحدتهما الترابية وكذا التعاون في مختلف المجالات منها السياحة والرياضة والعدل والجمارك وغيرها، ولكن التعاون في أي مجال لابد أن يمر عبر المجال الثقافي والفكري لأسباب كثيرة منها كون الثقافة هي أساس أي تعاون دائم ومتجدد والثاني يرجع إلى غنى وتنوع الثقافتين المغربية والأذربيجانية و الثالث أن هناك مجالات تعد إطارا واحدا للتعاون الثقافي بين المكتبة الوطنية للمملكة المغربية والمؤسسات الثقافية المماثلة في أذربيجان، وأخص بالذكر التعاون في مجال الصناعات الثقافية والكتاب والقراءة والمخطوطات وترميمها والصيانة والرقمنة، علاوة على التنشيط الثقافي للمحاضرات والندوات التي تعنى بالشأن الثقافي بين البلدين وتساهم في تقريب مجتمعاتنا من أجل مواجهة آفة التطرف الثقافي بشتى أشكاله الدينية وغيرها وعنف بعض التوجهات الجارفة في عالمنا الجديد الذي أضحى لا يلتفت للذين فاتهم الركب أو تقاعسوا على أن يدلوا بدلوهم بين البناء الحضاري القائم على التسامح والتعايش من أجل غذ أفضل للإنسانية جمعاء، وكذلك تعتبر الدبلوماسية السياسية والاقتصادية الحكيمة والمتوازنة للمملكة المغربية الأساس الراسخ لفتح المجال أمام فرص كبيرة لتطوير مشاريع مشتركة في المنطقة الأفريقية، كما أن المملكة المغربية تتقاسم مع جمهورية أذربيجان نفس الملفات المتعلقة بصون وحماية القضايا الوطنية.
إن المسؤولين في المملكة المغرية و جمهورية أذربيجان يبذلون قصارى جهدهم لرفع مستوى العلاقات الى المستوى الاستراتيجي، كما ان سفراء البلدين المعتمدين في كلا العاصمتين، يبذلان كل ما في وسعهما لإنجاح العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، ولتعميق صبغة التعاون و إمدادها بشروط الاستمرار و الدوام.
وما لبتت جمعية الصداقة المغربية الأذربيجانية منذ تأسيسها تساهم في مد جسور الصداقة والتعاون بين شعبي البلدين ومختلف مؤسساتهما ، من خلال مختلف الأنشطة التي تقوم بها وتنظمها في المدن المغربية وكذا المشاركة في أنشطة مناسباتية في أذربيجان ،للتعريف بتاريخ وحضارة البلدين وكذا امكانيتهما الطبيعية والثقافية والاقتصادية.
ونحن في جمعية الصداقة ننوه بجودة العلاقات بين البلدين ذات الجذور والصلات الثقافية والروحية، مثمنين تطابق وجهات النظر بشأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية والتشبث بسيادة الدول ووحدتها الترابية وفض النزاعات بالطرق السلمية. كما نثمن المواقف النبيلة لبلدينا اتجاه قضاياهما في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، واحترامها للشرعية الدولية وسيادة الدول. ونأمل في جمعية الصداقة أن ترقى العلاقات الثقافية والاقتصادية الى مستوى العلاقات السياسية والاستراتيجية.
د. محمد فقيري/ رئيس جمعية الصداقة