بقلم/ إدريس الأندلسي
كم هي مخجلة وضعية قيادة فرنسا إتجاه المملكة المغربية. هذه القيادة لم تتخلص من فكر يعتبر كل دول أفريقيا غير قادرة عن تدبير شؤونها. رئيسها ماكرون يبدو كطفل غاضب من كل مسؤول افريقي يقول له، ” ابتعد فنحن أدرى بأمورنا “. جيشت فرنسا، التي لا زالت بعض مؤسساتها، تكره كل بلد يمتلك قراره. رئيس فرنسا المغرور يريد أن يتجاوز كل شروط بناء العلاقات بين الدول ليقول للشعب المغربي على المباشر أنه يريد مساعدته في محنته. كلام مباشر لشعب بلد له مؤسساته ينم عن كثير من الحقد في شكله الإستعماري القديم.
هذا التهور السياسي و الدبلوماسي ترفضه كل القوى الحية في فرنسا. و بالطبع ترفضه كل مكونات الشعب المغربي. لو توجه ملك المغرب الحر، و الذي قرر قبل سنين عديدة الإعتماد على المقاولات المحلية، إلى الشعب الفرنسي في ظروف مماثلة، لثارت كل مؤسسات الإعلام الفرنسي الذي أصبح مملوكا لكبريات الشركات و لصناديق الإستثمار. و الكل أصبح يعرف أن الإعلام أصبح سجين المال و عبدا لأصحاب رأس المال. و أصبح الكلام مباحا في توجيه خطاب استعماري جديد يحرم على دول الجنوب أن تستثمر في تحويل موادها الخام إلى منتجات نهائية و ذلك بغرض تثمينها. ماكرون يتعرى عبر كلام ذو نكهة تشبه تلك الشعارات الإستعمارية التي حملها أجداده عند بداية القرن العشرين. من قرأ كتب التاريخ و حتى تقارير الرحالة و رجال الكنيسة الذين بدأوا عملهم الاستخباراتي قبل 1912 يدرك أن سياسة الهيمنة على مقدرات الشعوب لا زالت حية.
نظام ماكرون و أبواقه التلفزيونية و الإذاعية و حتى الورقية تريد أن تظهر بلادنا بمظهر الضعيف غير القادر على مواجهة أزمة طبيعية تعرفها كل دول العالم. ماكرون كسر كل جسور التواصل مع الدول الأفريقية التي تريد السيطرة على مسارها و على كل أشكال نموها و تدبير خيراتها. لا يمكن إلا أن نعبر بكثير من الاستنكار أن هذا الهجوم المتخلف على بلادنا كان من صنع الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي تهاون في التعامل السياسي مع من تسللوا إليه من لوبيات الليبرالية المتوحشة. يا ماكرون، تكلم كيفما تشاء و لكن شعب المغرب لن يسمعك. هل تظن أن الزلزال سينسينا من يؤازرنا و من يعادينا. إعلم أن وحدة المغرب لن تحركها الزلازل و لكنها ستزيدها صمودا يتجاوز عناد الزمن.
المغاربة يتابعون وسائل الإعلام و لا زالوا يميزون في فرنسا بين صاحب الفكر الإستعماري و الذي يرى في نفسه الوصي التاريخي على مكتسبات الإمبريالية التي رعاها جنيرالات فرنسا و سعوا إلى صيانتها ذوي المصالح التي تستغل خيرات أفريقيا و تصنع الانقلابات و تحدث كل شروط ضرب الإستقرار المؤسساتي و أولئك الأحرار الذين كانوا و لا زالوا ضد الإستعمار و الاستغلال. لا تقلق يا ماكرون فالمغرب قادر على إعادة بناء ما دمره الزلزال. سيعتمد على نفسه و على أصدقاءه الذين لا يفرضون وصاية أو الحصول على صفقات . فلتغضب كما تشاء و لا تحاول أن تتربص بشعب قوي رغم ظروفه الصعبة.
تضحكني كثيرا بعض القنوات الفرنسية التي ينشطها بعض أشباه الصحافيين عملاء أصحاب رأس مال الصحافة و المهيمنين على خيرات من دول أفريقيا. ينصبون أنفسهم قضاة للحكم على قرارات سيادية استثنت بلدهم من التدخل في تدبير شأن محلي مغربي يشهد أعلى درجات التنسيق و الإلتزام. كيف يتجرؤون على معاداة مصالح المغرب و يريدون فرض وصاية على تدبير أزمة من جراء زلزال. دول أفريقيا تزلزل العلاقات مع المستعمر القديم الذي يريد أحفاده تجديد أساليب استغلال خيرات الشعوب. ” ماما فرنسا ” تخاطب قلة من حفدة عملاءها و لكن المغاربة ينتظرون من كل ” نخبهم” الوعي بضرورة بناء نموذج تنموي جديد متحرر و ضامن لخلق الثروات لصالح الجميع و ليس لصالح اقلية لا تنفع إلا نفسها