كما قيل ويقال دائما الكثير ممن يوجدون وراء القضبان هم ضحية ظروف معاكسة لمجريات قضاياهم التي عرضت على المحاكم, وكانت تتضمن الكثير من أدلة الإذانة جنت عليهم وحرمتهم من حريتهم.
ولا يمكن أن نرجع ذلك إلى خطأ مقصود من المحاكم بقدر ما يتحمل المسؤولية من هم خارج المحاكم و الذين يعرفون بشهود الزور, أولئك الذين يغيبون الضمير والإيمان من أجل الحصول على الأموال أو الانتقام كما هو حال السيد “ل غ” الذي أودع السجن جراء مصيدة أوقع فيها من خصم لذوذ له كان يشتغل منافسا له في الديار الإيطالية.
ذاك المنافس عندما ضبط متلبسا في المتاجرة بالمخدرات, وجدها فرصة سانحة لإدراج اسم منافسه الضحية كشريك له في تجارته تلك, مع العلم أن الضحية كان يقوم بأعمال حرة تتعلق ببيع السجائر.
ولم يكن الجاني ليلفق تلك التهمة للضحية ما لم يحبك صياغتها عن طريق شراء شاهد زور يدعى “م ن” أكد كل ادعاءاته أمام المحكمة التي لم تجد بدا من إدانة الضحية والحكم عليه بسبع سنوات سجن نافذة.
و إذا كان من المعمول القانوني عدم اعتماد شهادة متهم على متهم في نفس القضية, مع وجود كل عوامل العداوة والسوابق القضائية في حق الشاهد, بالرغم من كل ذلك اعتبرت المحكمة ابتدائيا واستئنافيا تلك الشهادة مرجعا صحيحا لإدانة الضحية.
لكن على ما يبدو, الإشكال لا يكمن هنا, بل يتعداه إلى حد الإستغراب عندما استيقظ فجأة ضمير شاهد الزور ليعلن عن تراجعه التام عن شهادته تلك ويوضح الدوافع الكيدية والانتقامية وراء تلك الشهادة, معترفا بذلك كتابيا مما قد يبشر ببراءة المتهم “ل غ” لدى المحكمة الابتدائية والاستئنافية باسفي بحيث اخدت شاهد الزور وحكمت عليه بسنتين سجنا بتهمة شهادة الزور والوشاية الكاذبة.
وبناء عليه وبحكم المنطق القضائي تعتبر إدانة شاهد الزور بمثابة صك براءة المتهم الضحية الذي قضى لحد الان ست سنوات بسبب تلك الشهادة المزورة, وهذا يفرض مراجعة للقضية للوقوف على حيثياتها بناء على هذا المستجد, وهو فعلا ما أمرت به الوزارة الوصية عبر المطالبة بمراجعة في شكل مواجهة المتهمين بمن فيهم شاهد الزور, لكن على ما يبدو لم تتم عملية المواجهة بل التعامل مع المتهمين والتحقيق معهم فردا فردا, لتبقى القضية بلا نهاية والمتهم الضحية محبوسا إلى حين …