افتتح بمدينة أكادير يوم أمس الجمعة 12 يناير الجاري، تحت شعار” أي دور للقطاع التعاضدي في تعزيز الدولة الإجتماعية”، المنتدى الرابع للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، بحضور شخصيات وازنة في قطاع التعاضد والقطاع الصحي من داخل المغرب وخارجه.
يأتي تنظيم هذا اللقاء بعد نجاح المنتديات السابقة، نخص بالذكر منها اللقائين المنظمين بمدينتي مراكش والحسيمة، وما عرفته من تفاعل إيجابي مع جملة التوصيات الصادرة عنها من طرف كافة الشركاء والفاعلين في القطاع التعاضدي، ما شكل حافزا الى تنظيم المزيد من الأنشطة على هامش الجموع العامة السنوية للأعوام القادمة…
العمل على تنظيم هذا المنتدى الفكري والعلمي على غرار المنتديات أو المناظرات السابقة، جاء في كلمة رئيس المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، هو نتاج قرارات ناجحة للأجهزة المسيرة الحالية للخروج عن النمط الكلاسيكي في تنظيم الجموع العامة السنوية، لتناول مواضيع راهنة مرتبطة بالمشهد التعاضدي والصحي ببلادنا، تذكي روح النقاش بكل مسؤولية واحترافية ونكران الذات من طرف جميع المتدخلين في القطاع الصحي وشبه الصحي، لما أملته جملة التحولات والمستجدات التي يعرفها القطاع الصحي والاجتماعي ببلادنا تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
خيار المنظمين من تنظيم هذا المنتدى المنعقد على مدى يومين، أتى أيضا لمناقشة ادوار التعاضديات في مواجهة المعضلات المرتبطة بالحماية الإقتصادية والإجتماعية للمواطن، في ظل تغول اقتصاد السوق الرأسمالي، وما يتسبب في أزمات خانقة وشرخ وهوة بين مختلف الطبقات المجتمعية، ما ينعكس سلبا على التوازن الإجتماعي والمجالي، وما يساهم في تفشي مظاهر الفقر والهشاشة..
ترسيخ الفكر التضامني منذ تأسيسه يوضح رئيس المجلس، لم يأتي اعتباطا ومن فراغ، إذ أن هذا التوجه نحو خيار الدولة الإجتماعية، جاء تماشيا مع التوجهات الملكية السامية، وأيضا مع مضامين دستور 2011، الذي أكد في فصله الأول على البعد الإجتماعي للدولة المغربية، وفي فصله 31 حث الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على العمل لتعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من جميع الحقوق. وعلى هذا الأساس كان للقطاع التعاضدي بالمغرب لما يزيد عن قرن من الزمن، دور هام في خدمة المنخرطين وذوي الحقوق المعتمدة على واجبات انخراطهم، من دون هدف لتحقيق الربح، حيث ساهم النظام التعاضدي وبشكل كبير في حفظ كرامة فئة واسعة من المغاربة قبل إرساء نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في سنة 2005.
إن مراكمة القطاع التعاضدي للتجارب والخبرات، لا يمكن إلا أن يكون فاعلا أساسيا في إرساء دولة اجتماعية قائمة بذاتها وشرط استراتيجي يتوافق مع الأسس المتينة لهذه الدولة المنشودة، في توافق مع المقومات والمبادئ التي يقوم عليها النظام التعاضدي، باعتبار أن الدولة الإجتماعية التي تنبني أساسا على العدالة الإجتماعية والمجالية هي أهم مرتكزات المواطنة الحقة، التي ترتكز معالمها على محاربة الإحتكار العمومي، والتوزيع العادل للموارد والخدمات وتكافؤ الفرص وتفعيل الديموقراطية التشاركية.
تحقيقا للمقومات والمبادئ التي يقوم عليها النظام التعاضدي من خلال مخطط الجهوية وسياسة القرب الإداري والإجتماعي والصحي المعتمدة لدى مجموعة من التعاضديات الوطنية، في مقدمتها التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، والذي استهدف العدالة الإجتماعية والمالية عبر مختلف الوحدات الإدارية والصحية الموزعة على مختلف ربوع المملكة الشريفة، تم إحداث 5 أقطاب جهوية، وافتتاح 27 وكالة لخدمات القرب، و15 مندوبية إقليمية وجهوية، وتم مؤخرا استصدار قرار مشترك بين وزير الصحة والحماية الإجتماعية والسيدة وزيرة الإقتصاد والمالية المنشور بالجريدة الرسمية، بموجبه تم الرفع من منح التقاعد والوقاية وتمدرس الأيتام، مقابل مراجعة بسيطة بنسبة ووعاء الإشتراكات، حيث أصبح المتقاعد اليوم في حل من الأعباء المالية إبان إحالته على التقاعد، وأضحى بمقدوره الإستفادة بصفة فورية من منحة 35000 درهم بدل 6500 درهم، كما أن منحة الوفاة عرفت هي الأخرى مراجعة مهمة، إذ انتقلت من 19700 درهم الى 50000 درهم.
في سياق النقاش المفتوح خلال هذا اللقاء للنهوض بالتعاضد وتثمين مسيرته الإيجابية حماية لحقوق المواطنين والمواطنات الإقتصادية والاجتماعية،طفي على السطح، إشكال عميق لم تتطرق له المداخلات خلال أشغال هذه المناظرة..، حيث في الوقت الذي شرعت فيه الحكومة في تنزيل مضامين برنامج المجموعة الإنمائية للأمم المتحدة المعنية بالحماية الإجتماعية، لم يتم إشراك التعاضديات القائمة في تنزيل مضامينه، أي بمعزل عنها ومن دونها..، وبالتالي, وأمام هذا الإقصاء والصمت الحكومي حول إشراكها في تنزيل هذا الورش الأممي المتعلق بالحماية الإجتماعية.
الى ذلك، ثمن رئيس المجلس الإداري لمنظمة الإحتياط الإجتماعي إنجازات التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية في ولاية إبراهيم العثماني، حيث تم تذويب الخلافات والقطع مع المشاحنات التي كانت في عهد القيادات السابقة، وتم تحسين العلاقات مع المنظمة المذكورة..، لكن وفي المقابل أكد المتحدث، أن المنظمة باتت تعيش أزمة مالية وفي طريقها الى الإفلاس، إذ العجز بلغ مليار و600 مليون سنتيم، وهو الخبر الذي نزل كالصاعقة على مندوبي التعاضديات الحاضرة، معللا أن تأخر التعويضات على الملفات الطبية راجع لهذا العجز.
هذا وتسائل رئيس المجلس الإداري لمنظمة الإحتياط الإجتماعي في إطار المشاريع المتعلق بالحماية الإجتماعية، عن النظرة السلبية التي تنظر بها الحكومة للتعاضد، وكذا عن الإشكالات النقابية، وانزعاج لوبيات التأمين من التعاضديات..؟، في وقت لم يعد التعاضد منافسا للسياسي الفاعل الذي لا يشارك قطاع التعاضد برامجه.
على ضوء خلاصات اليومين الدراسيين وعلى مستنتجات المنتديات واللقاءات السابقة، واستحضارا لما تم تحقيقه من المشاريع الإجتماعية والإستمرارية في إنجاحها وتثمينها..، عرف اليوم الأخير من المنتدى تنظيم التعاضدية لجمعها العام العادي 76 ، طبقا للمادة 16 من النظام الأساسي للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، برئاسة السيد مولاي ابراهيم العثماني رئيس المجلس الإداري.