أكد المصطفى بنعلي، أن جائحة كورونا فرضت منطق عزل المجتمعات بدل عزل المرضى، تأكيدا على أن المنظومة الصحية تعاني من هشاشة مزمنة، في المغرب كما في باقي دول المعمور، بالنظر إلى حجم الاختلالات البنيوية الكبرى، التي تسائل السياسات التدبيرية للقطاع، في محدودية الأطر والتجهيزات والبحث العلمي.
وثمن الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية، في كلمته الافتتاحية للندوة الصحفية التي عقدها الحزب عن بعد، يومه الثلاثاء 9 يونيو 2020، لعرض نتائج أشغال دورة مجلسه الوطني الأخيرة، كافة التدابير الاحترازية، التي اتخذها المغرب بقيادة ملك البلاد، لمواجهة جائحة كورونا، بأقل الخسائر، مؤكدا دعوة الحزب للحكومة بضرورة إعمال تدابير المصاحبة لرفع حالة الطوارئ والحجر الصحي، بنفس الأهمية التي رافقت الإعلان عن إقرارها.
وفي معرض حديثه عن اهم القضايا التي تشغل بال الرأي العام وطنيا ودوليا، في سياق تداعيات هذه الأزمة، وارتباطا بقضية الوحدة الترابية للمغرب، شدد بنعلي على الانتقال الحاسم للملف وطنيا إلى قضية أوضاع محتجزين، واستحضر هذا التحول من خلال قرار المحكمة العليا الإسبانية، القاضي بمنع تحرك انفصاليي البوليساريو على التراب الإسباني واعتبارهم كمنظمة إرهابية، لافتا انتباه المنتظم الدولي لفهم واستيعاب هذا التطور، معتبرا أن النظام الجزائري الذي يسوق لوهم المخيمات يمر اليوم بأسوأ أيامه
وبخصوص التفاعلات والأصوات التي تطالب بحكومة وحدة وطنية، أجزم بنعلي أن المؤسسة الملكية هي الضامن للوحدة، وأنه وانطلاقا من الخلاصات الأساسية للجائحة وقناعة الحزب، بضرورة التشبث بالخيار الديمقراطي مدخلا لتنمية الوطن ورقيه، وبالتالي فلامعنى للحديث عن حكومة وحدة، في الوقت الذي يتوجب على الحكومة الحالية تحمل مسؤولياتها السياسية لمعالجة المشاكل المطروحة في ظل الأزمة.
وارتباطا بذلك، جدد بنعلي التأكيد على أن التشبث بالخيار الديمقراطي، يستدعي استبعاد مطلب تأجيل الانتخابات عن موعدها الدوري، مبرزا أن هذا المطلب حق يراد به باطلا، بما يقتضي أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها عن اختياراتها اللا شعبية، وبما يفيد القطع مع المعادلة المعكوسة، التي تضع التكنوقراط حيث يتوجب تعيين السياسي والعكس صحيح.
وعلاقة بتداعيات الجائحة، أوضح بنعلي أنها عمقت أزمات المنظومة الليبرالية المعولمة، التي أضرت بالإنسانية، عبر تحكيم منطق جمع أموال الفقراء لتوزيعها على الأغنياء والشركات لحل أزماتها، معتبرا تصور حزب جبهة القوى الديمقراطية، ينبني على تشجيع الاستهلاك عبر دعم القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والهشة، لضمان انتعاش سلاسل العرض والطلب.
وعبر عن موقف الحزب الواضح من موضوع الاستدانة، موضحا أنه نبه ورفض على الدوام، انسجاما مع هويته الاشتراكية اليسارية، إلى الغلو في اللجوء إلى الدين الخارجي، بما هو تسليم لقرار السيادة الوطنية لمؤسسات الائتمان الدولية، ورهن لمستقبل المغاربة للأجيال اللاحقة.
وارتباطا بما يعتمل في الساحة الإقليمية والدولية، جدد بنعلي أهمية الموقف المغربي من قضية الملف الليبي، من خلال اتفاق الصخيرات، كمدخل أساسي لحل هذه الأزمة، انسجاما مع التوجهات الكبرى للدبلوماسية المغربية، التي تجنح إلى استتباب السلم والحوار لحل القضايا الإقليمية، القارية والدولية.
وسجلت الندوة الصحفية، التي بثت مباشرة عبر الوسائط الرقمية، عرضا لمختلف المقررات والوثائق المصادق عليها في دورة المجلس الوطني الأخيرة للحزب، والتي تتأسس في مجملها على جعل الإنسان محورا لأي مشروع تنموي لمغرب ما بعد الجائحة، وأولوية توفير الخدمات الأساسية للمجتمع، تضمن كرامة الإنسان، من صحة وتعليم وشغل، كما تميزت بتغطية وسائل الإعلام العمومية الوطنية والدولية بمختلف مكوناتها المرئية، المسموعة، المكتوبة والرقمية.