قال الناشط والمعارض السياسي الجزائري وليد لكبير، أن استئناف العلاقات الإسرائيلية المغربية أمر حتمي وسيادي، فرضته طبيعة الأوضاع السياسية غير المتزنة في المنطقة المغاربية على المملكة المغربية.
وأضاف أن النظام العسكري الجزائري يتاجر بقضية الصحراء الغربية المغربية ويدعم الانفصاليين من أجل زعزعة استقرار المنطقة المغاربية خدمة لأجندات سياسوية واقتصادية لدول كبرى لاترى في حل الأزمة التي عمرت لنصف قرن مخرجا لأهدافها الاستعمارية.
وأردف في حواره مع “أصداء المغرب العربي” ، أن النظام العسكري في الجزائر بتصرفاته غير المحسوبة، وبفتح شمال إفريقيا لمرتزقة الفاكنر الروسية وإيران سيدخله في صراع مباشر مع إسرائيل والخليج العربي والدول الكبرى الأوروبية التي ترى في التوسع الروسي تهديدا لمصالح شعوبها.
س: الصراع الجزائري المغربي أخذ أوجه مختلفة لما يقارب 60 سنة، بنى فيها نظام العسكر في الجزائر عقيدته وشرعية حكمه على العداء اتجاه المغرب، في نظركم كيف تقيمون هذا الصراع الذي يكون تارة باردا وأخرى في أوجه؟
ج: النظام العسكري في الجزائر بنى شرعية حكمه على العداء المغربي اتجاه الجزائر، وإذا اختفت هذه الفزاعة غير الحقيقية اختفى معها بشكل نهائي الصراع الحاصل في منطقة شمال إفريقيا والنظام العسكري الجزائري، وبمسايرة هذه السياسة من طرف هذا الأخير مقابل بلد جار له تاريخ كبير ودولة عريقة ضاربة في التاريخ، ولها فضل كبير في استقلال بلدنا عبر دعم الثورة التحريرية من خلال احتضنها على أراضيه ومناصرتها عبر فتح بيوته للثوار ودعمهم ماديا ومعنويا.
وما تلقاه المغرب من خذلان ونكران للذات بعد استقلال الجزائر من القادة السياسين للدور الريادي الذي قدمه للتورة والثوار في الجزائر، إذ لم يفكروا أن تلك السياسة ستؤدي إلى حالة من العداء المزمن يدفع ثمنه شعوب البلدين.
وهذا الصراع لن تطفى ناره إلا عند اجتثاث العقيدة السياسية التي بها أعطي النظام العسكري الحاكم الشرعية لما يفعله بالمنطقة.
س: كما قلنا سابقا أن الصراع المغربي الجزائري تارة يصل أوجه عبر اتخاذ نظام العسكر قرارات انتحارية تكلفه وشعبه خسائر اقتصادية كبيرة، وقرار استغناء النظام الجزائري عن أنبوب الغاز المار من المغرب من القرارات الطائشة المتخذة، في نظرك الا يعتبر هذا القرار انتحاري ويكلف الجزائر خسائر كبيرة أكثر مما كان يكلفه مرور الغاز عبر الأنبوب المغربي الأوروبي؟
ج: قطع إمداد الغاز عبر الأنبوب المغاربي هو قرار انتحاري، حيث أن النظام العسكري وسع دائرة الصراع، إذ لم تعد مقتصرة على المغرب وحده بل انتقل إلى فتح جبهة أخرى وهي الاتحاد الأوروبي، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي الأوروبي.
وأأكد، أن قرار منع مرور الغاز عبر الأنبوب المغاربي مرتبط بالصحراء المغربية، لأن النظام في الجزائر حاول أن يضغط على المغرب من أجل أن ينسحب ويعود للوضع الذي كان عليه قبل 13نوفمبر 2020 بخصوص منطقة الكركرات، لكن رفضه، جعل النظام العسكري الجزائري يدخل في هستيرية حادة، إذ لم يتوقع أن تكون النتائج على ما هي عليه الآن.
ونعلم أن قرار منع مرور الغاز عبر الأنبوب المغاربي لم يكن بشكل رسمي، إلا بعد القرار الأخير لمجلس الأمن 26.02 يوم 29 أكتوبر 2021 ،إذ حينها اقتنع النظام أن عرضه إبقاء الغاز مقابل انسحاب المملكة المغربية من الكركرات لم يعطي أكله، وبالتالي قرر يوم 31 أكتوبر من السنة ذاتها عدم تجديد العقد مع المغرب، وبالتالي قطع إمداد الغاز لأوروبا عبر هذا الأنبوب.
وهذا القرار كما قلنا سابقا فتأثيره كبير على الاقتصاد الجزائري، خصوصا أن الخط المعتمد في إمداد إسبانيا بالغاز بحري وغير جاهز وقدرته الاستعابية لا تتجاوز 8 ألاف طن من إجمالي 12 ألف طن التي كانت تنقل بمعية الخط المغاربي، وكان المغرب له حصة من الأرباح والغاز، وقطعه لم يشكل أي تأثير على إنتاج الكهرباء المغربي كونه مرتبط كهربائيا بأوروبا، والديل على ذلك توقيع الشركة الوطنية للماء والكهرباء عقد مع الشركة البريطانية soon enyrger، من أجل استغلال حقل تندرارة عبر الأنبوب المغربي الأوروبي.
س: أزمة غلق الحدود والقطيعة الديبلوماسية بين الرباط والجزائر وكذا قطع مرور الغاز عبر الأنبوب المغربي الأوروبي، جعل هذا الصراع في مرمى اهتمام الدول الكبرى الحليفة لكل دولة على حدى، في نظرك لماذا يحضى هذا الصراع باهتمام كبرى دول العالم؟
ج: الدول الكبرى تهتم بالصراع الموجود بين النظام والمغرب، لاعتبارات عدة أهما أن البلدين يعتبران الرائدان في المنطقة المغاربية، وموقعهما الاستراتيجي مهم للغاية، ولهما ثروات بشرية وطبيعة هامة، وكذا قربهما الجغرافي لأوروبا، وكل هذه الشروط وغيرها تجعل الدول الكبرى تهتم بالصراع المغربي الجزائري.
وبطبيعة الحال هناك دول عديدة في العالم عملت على استغلال هذا الصراع، وشعب البلدين هما من دفع ثمن ذلك الابتزاز الممارس من تلك الدول لأجل تحقيق مكاسب اقتصادية وجيوسياسية التي وفرها لها النظام الحاكم في الجزائر، وهو من يتحمل سبب الشلل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في المنطقة المغاربية.
س: في إطار الصراع بين الجارين وبحث كل طرف منهما على حلفاء لتثبيت ركائزه وإعادة التوازن للمنطقة المغاربية، هل التحالف الإسرائيلي المغربي سببه فقط الصحراء المغربية أم أن هناك تبادل مصالح عززت من تقارب الدولتين؟
ج: التقارب الإسرائيلي المغربي بالأساس ما هو إلا اقتصادي وعسكري، إذ يعتبر المغرب زبونا لإسرائيل فيما يخص الصناعة العسكرية المتطورة والتكنولوجيا الهائلة التي تمتلكها هذه الدولة، ثانيا هذا التقارب تحصيل حاصل لرفض النظام الحاكم في الجزائر إيجاد حل للصراع الذي عمر في المنطقة المغاربية ما يقارب 60 سنة، وسبق لي أن قلت أن المغرب كان قادرا على إقامة هذه العلاقات منذ سنوات السبعينات لكن صبر كثيرا لتهور نظام العسكر في الجزائر, وما أقدم عليه منذ سنة مع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء كان متوقعا ومتأخرا نوعا ما، خصوصا وأن المنطقة بحاجة إلى توازن وسلام وبناء اتحاد مغاربي.
وإسرائيل تبحث كما العادة عن علاقات طبيعية دائمة بينها وبين دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ثانيا ستمكن هذه العلاقات المغرب من نيل التكنولوجيا لتعزيز قدرته الدفاعية عن وحدة أراضيه وهذا الأمر هو دعامة للوحدة الوطنية في كافة التراب الجزائري.
س: في أوج الأزمة بين البلدين وجدنا أن أغلب دول العالم اصطفت إلى جانب المغرب ومع قضيته العادلة الصحراء الغربية المغربية، لكن في هذة المرحلة شاهدنا تقارب إيراني جزائري في المنطقة، بل أكثر من ذلك إيران خرجت بموقف علني تحابي به النظام الجزائري وتغيض به السلطة الحاكمة في المغرب، ما رأيكم في التقارب الإيراني الجزائري ؟
ج:أعتقد أن العلاقات بين النظام الحاكم وإيران علاقات قديمة-جدية، كون أن النظامين حابا بعظيهم في مختلف المراحل العمرية للعلاقات الإيرانية الجزائرية، لكن انقطعت في التسعينات بسبب اتهام النظام الحاكم في الجزائر آنذاك إيران بأنها داعمة للحركات الإسلامية في الجزائر، أما مرحليا فهذا التقارب هو ردة فعل على الاتفاق الثلاثي الذي تم توقيعه بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، والاتفاقات الأخيرة بين المغرب وإسرائيل وزيارة وزير الدفاع الإسرائيلي للمغرب، وهذه المؤشرات تبين أن هناك نوع من التقارب بين إيران والنظام الحاكم في الجزائر ودخل مرحلة جديدة، خصوصا بعد الدعم التقني الذي قدمه حزب الله التابع للنظام الإيراني لحركة البوليساريو، وهذا كله يدخل في إطار سياسة التمدد للنظام الحاكم في إيران بخصوص تصديره للثورة الإيرانية وتوغله في شمال وغرب إفريقيا، وهذا قد يشكل مشكل للنظام الحاكم في الجزائر في علاقته مع القوى الغربية لأن هذه الأخيرة لن تقبل بأمرين أولهما لن تسمح بتوغل إيراني في غرب المتوسط، وكذا بتواجد روسي مفرط خصوصا على المستوى العسكري في الجزائر بالأساس.
وفي حالة تطور هذا التقارب إلى تحالف واتفاقيات فهذا سيدخل الجزائر في دوامة الصراع الموجود بين إسرائيل وإيران بخصوص المشروع النووي الإيراني، والذي تعتبره إسرائيل أمر متعلق بأمنها، وسينقل الصراع إلى منطقة شمال إفريقيا وهذا ما نخشاه، في حين ما أراه من توقيع اتفاقيات بين المغرب وإسرائيل والعلاقات الأخيرة تدخل في إطار دفاع المغرب عن وحدته الترابية وهو حق مشروع لأن المغرب عانى منذ 46 سنة من النظام الذي لم يقتنع ولم يقبل الأمر الواقع الذي يقول بأن الصحراء مغربية أبا عن جد.
س: الصراع الخليجي الإيراني طويل الأمد، لكن امتداد المد الإيراني إلى دول شمال إفريقيا وتتوسعه عبر الجزائر وضعها في مرمى الصراع مع دول الخليج التي كانت مسبقا تعمل على تهدئة الوضع بين المغرب والجزائر وتلتزم الحياد، لكن مرحليا رأينا تغير الرؤى عند الخليجيين،إذ أعلنوا بشكل صريح دعمهم للوحدة الترابية للمملكة إما عبر فتح قنصليات لهم في الأقاليم الجنوبية للمغرب أو الدعم الواضح في المحافل الدولية، في نظركم ما هو التموقع الخليجي في التقارب الإيراني الجزائري؟
ج: طبعا دول الخليج وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية لن يرو بعين الرضا التقارب الجزائري الإيراني، خصوصا وأن هذا الأخير يهدد أمن دول الخليج، ومن يضع يده في يد دولة تعتبر عدوة للخليجيين فهو عدو لهم، ونظرا لسيطرة العسكر على السياسة قد يقدم على مثل هذه الخطوة لترسيخ نوع من التحالف مع نظام طهران نكاية في المغرب الذي وقع اتفاقيات هامة مع إسرائيل فيما يخص نقل التكنولوجيا التي يتوجس منها النظام الجزائري.
س: النظام الجزائري أكثر ما مرة قال أنه مستعد للدخول في حرب مع المغرب، وأكد ذلك بمجموعة من الاستفزازات على الحدود المغربية الجزائرية، وكذا عبر تصريحات نارية كانت ستشعل نار الفتنة لولى حكمة الملك محمد السادس واعتماده سياسة الهدوء اتجاه الأزمة، في نظركم لماذا الجزائر متحمسة بشكل كبير لورقة الحرب مع المغرب؟
ج: نعم النظام في الجزائر دائما يروج لهذه الورقة عبر أبواقه الإعلامية وعلى مستوى وسائط التواصل الاجتماعي، لكن ليس كل ما يقال يطبق على أرض الواقع لأن النظام الحالي ليس له القدرة على الدخول في الحرب مع المغرب، ولا يمكن له أن يقدم على حرب بشكل مباشر لأنها ستكون سبب نهايته وبداية الدولة المدنية في الجزائر، خصوصا أن الوضع الداخلي للبلاد لايسمح له أن يغامر بهذه الورقة، ناهيك أن المساحة الجغرافية للجزائر كبيرة جدا ومن الخطورة بما كان أن يقدم هذا النظام على الدخول في حرب مع المغرب.
ومن الأسباب الأخرى التي تمنع النظام العسكري من الدخول في الحرب، أن الدول الكبرى الأوروبية لن تقبل بحرب قريبة على حدودها، لكن ما قد يحدث في المستقبل لا قدر الله دعم الحرب بالوكالة التي ستقودها جبهة البوليساريو، التي تقدم على بعض الاعتداءات المنخفضة الشدة انطلاقا من الأراضي الجزائرية، وهذا عمل مخالف لاتفاقية إفران وغير مقبول لأن النظام يدعم حركة انفصالية تهاجم أراضي بلد جار للجزائر، وعلى المنتظم الدولى أن يتحرك لوقفها دعما لاستقرار أمن وسلامة المنطقة.
س: قلتم أن النظام العسكري في الجزائر لن يقدم على ورقة الحرب لأنه يعرف ان الوضع الداخلي أنه جد متأزم وإقدامه على هذه الخطوة تعتبر بمثابة الموت وبداية نهاية الشرعية له لدى الشعب الجزائري، لهذا أليس هناك إجماع بين مكونات النظام الحالي على ورقة الحرب؟
ج: بطبيعة الحال النظام الحالي في الجزائر يعيش الانقسام وهناك من مع ورقة الحرب وهناك من ضدها، وثبت ذلك في المواعيد الانتخابية التي مرت بها الجزائر منذ 2019 إلى يومنا هذا، حيث شهدنا عزوفا انتخابيا للشعب، وهذا يؤكد أن النظام لازال في مرحلة البحث عن الشرعية المفقودة
س: مشروع الاتحاد المغاربي هو حلم شعوب الدول المغاربية الخمس المكونة له (الجزائر، المغرب، تونس، ليبيا، موريتانيا)، في إطار الصراع القديم الجديد بين الجارين هل يمكن الحديث عن قرب تحقيق هذا الحلم المشروع الذي سيدر الكثر من الخيرات على المنطقة المغاربية؟
ج: مؤمن جدا بأن هناك إمكانية لبناء اتحاد مغاربي، لكن كل هذا مرتبط بوقوع تغيير جذري لمنظومة الحكم في الجزائر بشكل سلس وسلمى مع إسقاط الإيديولوجية المبنية على العداء اتجاه المغرب، إذ سيضمن هذا التغيير التقارب بين الدول المغاربية في جميع المستويات.
ووقوع تغيير في منضومة الحكم في الجزائر أهم شيء لإنجاح فكرة إنشاء اتحاد مغاربي، إذ سيجعل المنطقة تدخل في مرحلة جديدة خصوصا أن الجزائر بلد محوري فيها، وقيام النخب المغاربية بدورها من أجل التأثير والتنوير على هذا الواقع المرير الذي نعيشه حاليا، سيعجل في إعادة الفكرة إلى أرض الواقع.
س: نعلم أن المغرب قدم الغالي والنفيس لدعم الثوار في الجزائر الأمر الذي جعل رقبته تحت طائلة الاستعمار الفرنسي، ما جعل هذا الأخير يقتطع جزء كبيرا من أراضيه ويضمها إلى الجزائر كعقاب تأديبي له على دعم الثوار، ما هو موقفك في حالة طالب المغرب استرجاع أراضيه المقتطعة منه من قبل المستعمر الفرنسي؟
ج: لا أضن أن المغرب سيطالب بهذه الأراضي، كون أن النظام المغربي يحترم المواثيق والعهود التي وقع عليها، المغرب منذ أكثر من 50 سنة تجاوز هذا الطرح عندما سعى بحسن نية إلى توقيع اتفاقية جوان1972 والتي نصت على تقسيم الحدود بين المغرب والجزائر من أقصى الشمال إلى شمال تندوف مقابل استغلال مناجم غار الجبيلات، تلك النية الحسنة التي أبداها آنا ذاك المغرب والتي أكدها أثناء ذلك اللقاء التاريخي الذي عقد في الرباط بحضور 40 شخصية من أفريقيا، في حين قال الرئيس الجزائري هواري بومدين بشكل رسمي لا داعي لتكرار ما قلناه حول دعمنا المطلق حول استرجاع المغرب لصحرائه.
وكما قلت المغرب هو ملتزم أخلاقيا وقانونيا على ما وقع عليه في هذه الاتفاقية، حيث تم تسجيلها في الأمم المتحدة، المغرب يسعى حاليا لحسم الملف على المستوى الأممي. كما أنه يريد بيناء علاقات ومصالحة تاريخية مع الجزائر، ويريد أن يتجاوز تاريخيا تلك الأراضي التي اقتطعتها فرنسا من المغرب خصوصا في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 إلى غاية 1950، عندما نتحدث عن تندوف التي تواجد فيها آخر باشا تابع للسلطة الحاكمة في المغرب إلى غاية 1951، وساومت آنا ذلك فرنسا السلطان محمد الخامس بأن يسترجع أراضيه مقابل إنهاء دعمه للثوار في الجزائر، لكنه رفضه موقف رجولي يحسب له والتاريخ شاهد على ذلك وخلاصة القول أن المغرب تجاوز هذه الفكرة وما يريده حاليا هو تسوية الصحراء الغربية المغربية أمميا.
س: تداولت الصحف والمواقع الإلكترونية أن وزير الخارجية الفرنسي زار الجزائر مؤخرا، باعتبارك كمحلل سياسي ما الأسباب والأهداف وراء هذه الزيارة إلى الجزائر؟
ج: كلنا نعلم أن الشطحات والمسرحيات التي تقع بين النظام وفرنسا، خصوصا حول تصريح مكرون الذي تظاهر فيه القائمون على قصر المورادية أن فرنسا مست القيم التاريخية للجزائر مما جعل النظام يقرر غلق المجال الجوي في وجه الطيران العسكري الفرنسي.
وعدم الإشارة إلى زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر في المواقع الرسمية للخارجية الفرنسية، يطرح مجموعة من التساؤلات حول هذه الزيارة، التي كانت بأمر من الرئيس الفرنسي إيمانويل مكرون لطرح استفسارات حول مستقبل العلاقات بين النظام الحاكم في الجزائر وفرنسا، ويبدو أنها كانت فاشلة، خصوصا أن وزيرة الثقافة الفرنسية قالت بعد الزيارة السالفة الذكر، أن فرنسا ستخرج الأرشيف الجزائري الخاص بحرب التحرير والتحقيقات على مستوى الدرك والشرطة، وهذا أعتبره رسالة موجه للنظام الحاكم في الجزائر الذي يدعي إعلاميا أنه يريد استرجاع الأرشيف كي يتم معالجته على حسب أهوائه، لكن أن تقدم السلطات الفرنسية على نشر الأرشيف كما يحلو لها فهذا يشكل خطرا على النظام، وأضن أن فرنسا بدأت في التخلي عن دعم نظام العسكر نظرا لمسألة أخرى ذات أهمية وهو ارتمائهم بشكل كلي في أحضان روسيا، وهذا ما أزعج فرنسا بكشل كبير.
وسبق أن شاهدنا كيف كان هناك تنسيق بين النظام الروسي والجزائري بخصوص وضع قدم الروس في مالي عبر تسهيل رحلات نقل جنود الفاكنر الروس وهي شركة خاصة من المرتزقة، وكذا دفع مالي للاستنجاد بالروس بخصوص تأمين المناطق التي تتعرض لعمليات إرهابية من طرف الجماعات المسلحة التي تنشط في إطار خدمتها لأنجدات بعض الدول
س: الحراك في الجزائر طالب بتصحيح الوظعية الاجتماعية والاقتصادية، ثم بعد ذلك بإسقاط نظام العسكر، لكن محاولة الخروج للشارع والدفاع عن المكتسبات المكفولة باسم القانون الجزائري والمواثيق الدولية بأت بالفشل، في نظركم ما الذي ينقص شباب الحراك لكي يكونوا ورقة ضغط على النظام الحالي من أجل تحصيل الحقوق وإسقاطه؟
ج: الحراك تم توظيفه من طرف النظام في فبراير 2019 من أجل إسقاط الرئيس الراحل السابق بوتفليقة، وبعدها أصبح يخون كل حراكي وكل من يريد الخروج من أجل تغيير حقيقي، الحراك حمل شعارات سياسية بالأساس لم تكن له مطالب اقتصادية واجتماعية في بادئ الأمر، لأن خروج الشعب كان من أجل إنهاء العهدة الخامسة لبوتفليقة، ونستطيع أن نقول أن الشعب وقع في فخ بعض الشعارات التي كانت تطبخ داخل الأجهزة الأمنية والتي تترجم حال الصراعات التي داخل أجنحة النظام، إذ وجهت الخروج بحمل شعارات في وجه رموز النظام وليس النظام بأكمله.
الخروج الحقيقي للشعب من أجل إسقاط النظام لم يتحقق بعد لأن الغالبية العظمى ترى أن النظام هو مجرد رموز وهذا هو الخطأ الذي وقع فيه الكثير من أبناء الوطن،
وما يجب أن يعرفه الجزائريون هو أن هذا النظام تمكن من توريث إديولوجيات حكمه وهذا المشكل ليس في الأشخاص او في قائد الأركان سعيد شنكريحة أو عبد المجيد تبون، وإنما في العقيدة وإيديولوجية النظام التي يحب إسقاطها من أجل بناء جزائر جديدة عبر رسم عقد اجتماعي جديد يتفق عليه الجزائريون ويكونو من خلاله الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية التي يجدوها كل الجزائريون.
المشكل الحالي في الجزائر هو سيطرة العسكر على السياسة ومع سيطرته لايمكن تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي يمكننا من الخروج من الأزمة الأساسية التي نعاني منها، ما نعيشه في الجزائر في المرتبة الأولة هي مرتبة سياسية أما باقي الأزمات الاقتصادية والاجتماعية فيمكن حلها إذا تم حل المشكل السياسي.
س: ما هو التصور القادم للصراع المغربي الجزائري؟
ج: الصراع هذا لن يتوقف إلا إذا وقع تغيير حقيقي في منظومة الحكم الجزائرية، لأن الصراع إيديولوجي ومبنى في نظر نظام الحكم في الجزائر حول الهيمنة ولو أن المغرب أبدى عدة مرات على أنه لا يصارع النظام الحاكم في الجزائر من أجل الهيمنة على المنطقة بل هو مؤمن بتكامل مغاربي، وأظن أن المعرقل الحقيقي للاتحاد المغاربي هو النظام الحاكم في الجزائر، الذي يريد فرض أجنداته ومنطقه على الجيران وليس على المغرب فقط، والحدة المتخذة ضد المغرب لها سببها لأن هذا الأخير رفض ما يدعيه النظام منذ أكثر من 60 سنة اما باقي دول الجوار فلن تدخل معه في صراع خشية منها من مكر نظام العسكر في الجزائر.
وهذا الصراع يمكن القضاء عليه بتحقيق الديمقراطية في الجزائر والتمكين من فرض إرادة الشعب لأن الصراع الذي يذكيه هذا النظام اتجاه المغرب هو غير محتضن شعبيا رغم كل ما يثار في وسائط التواصل الاجتماعي ورغم كل ما يقال على أن هناك رضى من طرف الشعب الجزائري على ما يقوم به النظام اتجاه المغرب وهذا خطأ لأن الغالبية العظمى من الشعب أصبحت تخشى الآلة القمعية للنظام خصوصا أن حرية التعبير منعدمة ولا صحافة حرة تتبنى الرأي المعارض أو طبقة سياسية معارضة ترجع النظام الحاكم للصواب.
ومن الصعب جدا أن تكون هناك مصالحة طبيعية بين النظام المغربي والجزائري بوجود هذا الأخير في سلطة الحكم، وقد يقدم عن البحث عن هدنة مؤقتة كما العادة لخدمة أجنداته، وقد شاهدنا في الأيام القليلة الماضية رسالات مشفرة بعثها وزير الخارجية لعمامرة يبحث فيه عن ود مؤقت قصد إنجاح القمة العربية، لكن على الجانب الدبلوماسي المغربي أن يفطن لهذا الفخ الذي تم استعماله سنة 2005 عندما تم تنظم القمة العربية في الجزائر التي ألح فيها الرئيس الراحل بوتفليقة على حضور الملك محمد السادس الذي وعد هذا الأخير بفتح الحدود بعد القمة العربية، لكن بعد انتهاء هذا العرس العربي تملص وتنكر الوعود التي قدمها للملك