بقلم/ ادريس الاندلسي
أعجب لمن يدبرون أمر بلادي و يكثرون من خطابات حول العدل و النزاهة و الحلال و الحرام و جزء منهم مجرد ناهب للمال العام و مرتشي و ممن حصلوا على الكرة الذهبية في إتقان لعبة الاغتناء السريع. و لو كانوا أوفياء لبلادهم لأعطوا الحساب و قالوا للشعب كيف عبروا من الفقر إلى الغنى الفاحش بمجرد أن دخلوا سوق السياسة. ” الشفارة” بالعضلات و الكلام الخبيث و الدعم المقيت أصبحوا زعماء و متمكنين من آليات التحكم فيبعض الأحزاب. أغلبهم ذوي مستوى دراسي ضعيف و بقدرة قادر تحولوا إلى مراكز الرئاسة في البلديات و الجهات و الأقاليم. المباركة من احزابهم أتت و الكذب على المغاربة بإسم الديمقراطية تجارة تحول الترشيح و التزكيات إلى مصدر دخل لبعض الزعماء. و بالطبع تقف مهام المجلس الأعلى للحسابات في منطقة الممكن قانونيا و ما رآه المشرع كاطار لا يتعدىضبط إحترام القواعد المالية و الميزانياتة. و تقتصر الملاحظات على هامش الممارسات المالية في الممارسات السياساوية. لأن العجب العجاب يقع خارج دائرة اختصاص المجلس الأعلى للحسابات.
في عز أزمة اقتصادية و آثارها على التضخم و فقدان مناصب الشغل، يقترف بعض رؤساء المؤسسات الترابية و الوطنية أبشع التصرفات إتجاه المال العام. مؤسسات و مقاولات عمومية قال عنها ملك البلاد ،بطريقة مفهومة ،أنها لا تعطي المثال في مجال الحكامة. و هذه الأخيرة لها ارتباط كبير بالنتائج التي ركز عليها الدستور و ربطها بالمسؤولية. يظهر أن الكثير من الأحزاب ترى و تعرف و تتطلع على تضخم ثروات ممثليها و تصمت. نعم تصمت لأنها منتفعة من شرذمة اغتنت و تحكمت في دواليب القرار و احكمت سيطرتها على الحزب. وحكومتنا تريد إخراج المجتمع المدني من الترافع كطرف مدني في قضايا الفساد.
هذا كلام فرضه الواقع . تكلم صاحب الجلالة عن رافعات التنمية و تقوية ركائز الإقتصاد الوطني. و في نفس الوقت هناك من ينهشون ليل نهار لانتزاع كل درهم و كل أرض و كل متاع لأجل مراكمة ثروات بمجرد الوصول إلى منصب. رغم المحاكمات و الأحكام الصادرة بإسم صاحب الجلالة، يستمر تدمير تلك الثقة التي ارداها ملك البلاد قوية بين المواطنين و مؤسساتهم. الجهات مؤسسات كان مطلوب أن تؤسس للجهوية المتقدمة. لكن هيهات هيهات…دخل الجهل بالمسؤولية إلى مستنقع الجهل و غياب المهنية. و مرت السنين و سوف تمر أخرى و ستظل بعض الجهات سجينة الكسل و النهب و غياب الكفاءة و عبادة مراكمة المال الحرام مثلها مثل جماعات ترابية أخرى. و يصل التغول ببعض الوصوليين إلى تدمير الفضاء العام و تحويل الطرق إلى جزء من ممتلكاتهم رغم أنف القانون. في بلدنا يقوم بعض المسؤولين بجر الصحافيين إلى القضاء لمجرد تعرية واقع او فضح واقعة و خصوصا حينما يتعلق الأمر بالعقار و وبانتهاك قواعد التعمير . من حق الجميع أن يلجأ للقضاء و من حق جميع المواطنين و الصحافيين على الخصوص، فضح كل من تجاوز القانون بالإثباتات و القرائن.
الأمر يتطلب تدخلا قويا للدولة. صحيح أن تحرير الملك العمومي شيء جيد و لو تعلق الأمر بإيقاف أنشطة معيشية، و لكن احتلال الملك العام الحقيقي أبطاله زعماء و رؤساء و أعيان . من الشواطئ و الملك العام البري و البحري إلى ارصفة الشوارع الكبرى و الأماكن التي يمنع فيها البناء، يتسلط أصحاب النفوذ لكي يرسخوا الشعور بالظلم في نفوس المواطنين.
الأمر خطير و يحتاج إلى أكثر من تصوير باشا أو قائد مقاطعة يقوم بواجبه لتحرير الملك العام، ولكن الأمر يحتاج إلى قوة أكبر لمواجهة من يتحدون القانون و مؤسسات الدولة و يشككون ،بتجاوزاتهم منذ سنين ، في شرعية و قدرة المؤسسات على الحفاظ على الملك العام و المال العام و خصوصا و بالأساس على هيبة الدولة. يا زعماء الأحزاب شطبوا أبواب مقراتكم و كونوا نزهاء في محاسبة مسؤوليكم و منتخبيكم على مصادر ثرواتهم و لا تتستروا على ناهبي المال العام من منتسبيكم. كل غفلة منكم تعرض الوطن للخطر. نريد الكثير من تطبيق القانون و خصوصا القانون الأسمى للبلاد و هو الدستور و نريد أحزاب قوية تضع المواطن في صلب اهتمامها و تتقوى بالتخليق. نريد أن لا يصبح الجهلاء و قليلي التكوين و عديمي التجربة رؤساء لجهات و لبلديات و اباطرة دون ردع. نعم وصلنا إلى وضعية يحكم فيها مستوى الباكالوريا ناقص خمسة مستويات على مستوى الباكالوريا زائد تسعة أو عشر مستويات . رفقا بمستقبل بلادنا وتحركي أيتها المؤسسات لإرجاع الثقة إلى المواطنين. فلقد طفح الكيل. و للموضوع بقية بمعطيات تبين كيف أصبح من كان بالأمس بسيطا فطغى و تجبر و بنى القصور. أللهم إننا نطلب عونك على التبليغ و السلام على من اتبع الهدى في مستواها الحقوقي و الإجتماعي و المحاسباتي و خدمة الصالح العام.والعودة للموضوع بتفاصيله واجب نحو الوطن. لن يستقيم أمر تخليق الحياة السياسية إذا لم يتم تفعيل المحاسبة و تنزيل سؤال” من أين لك هذا ؟ “.