قمة الجزائر ..والحلم المغاربي الكبير.

بقلم / ذ. نايف شرار
لطالما تقوم العلاقات بين الدول العربية على وحدة اللغة والدين والعيش المشترك، وترتكز إلى مبادئ حسن الجوار وتقاسم العوامل التاريخية والحضارية والمصير الواحد، فضلا عن الاستفادة من فرص النمو والتكامل الاقتصادي والتجاري والتي يؤطرها الاندماج وتتلاشى في ظل ارتفاع مؤشرات التوتر وانهيار الروابط بين البلدان.

منذ القدم كانت دول المغرب العربي الكبير ولا تزال نموذجاً للبلدان المتآخية المتشابهة في العادات والتقاليد، يعزز ترابطها العلاقات الأخوية بين مواطنيها، إلا ان الأزمة التي تعيشها حالياً تتطلب مواجهة موجات الانكسار والانهيار والتحديات العديدة مثل الهجرة والنزوح والأزمة الديموغرافية، في ظل عالم مضطرب تسوده الخلافات والحروب ويعيش في أشد اللحظات قتامة، لكي تحفظ الدول المغاربية خيراتها سالمة للأجيال القادمة في جو من التأزر والود بين شعوبها.

من نافلة القول تصاعد التوترات في الأوساط المغاربية السنوات الأخيرة، فلا يكاد يمر شهر أو اقل بدون حدث أو جدل جديد، يخيم على العلاقات المغاربية- المغاربية ، مما ينذر بوضع الأجيال القادمة من المغاربة والجزائريين والتونسيين والمورتانيين والليبيين في اتون من الأوضاع الصعبة حيث تبقى الأجيال المقبلة رهينة الخلافات السياسية، خلافات التاريخ أو الجغرافيا، مما يكون معه المغرب العربي مجرد أفق مهجور أو جزر منعزلة وخنادق من الوهم، كل ذلك يستلزم من النخب السياسية والفاعلين في دول المغرب العربي الكبير الانتباه الجيد إلى ان عدم الاندماج يكلف ب بلدانهم ثمنا غاليا.. فالواقع –ان بقى كما هو- يبدو محزناً ومثيرا للقلق إزاء حالة العنف والصراعات الموروثة التي تجري إحداثها بين دول المغرب الكبير.

ولا ننسى العديد من النقاط المشتركة التي يمكنها تهدئة حدة “عواصف” الشقاق بين دول الاتحاد المغاربي مثل اللغات، والدين، والتاريخ، وجمال الطبيعة، والتضامن بين الأجداد ضد المستعمر وحتى فن العيش. ودعم كل المبادرات لصالح تكامل أفضل وبناء واقعي وواضح.
وهناك العديد من الامثلة على اتحادات وتكتلات إقليمية عالمية ناجحة مثل الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربي ، فقد ثبت بالتجربة أنه “لا يوجد أبدا صراع يستعصي على الحل”.
المطلوب أيضا حماية الشباب المغاربي من خطر الموت وهم يحاولون العبور إلى الجنوب الأوروبي، وأنه يمكنهم إيجاد حلول مشتركة للمخاوف التي تؤثر عليهم، كما أن هذا الحلم المغاربي يجب أن يحقق لم شمل التجمع المغاربي من خلال استخدام الثقافة والرياضة والقوة الناعمة ،حيث هناك إمكانية أنْ نحلم بكأس العالم في المنطقة المغاربية، وقطار TGV من طبرق شرق ليبيا الى الترارزة جنوب موريتانيا .
أخيراً .. يجب ان يعلم قادة الدول المغاربية انهم أمام مسؤولية تاريخية، تتطلب منهم القيام بكل ما يمكنهم لتعيش الأجيال القادمة في سلام ورخاء، ولا يكونوا أسرى ضغائن الماضي، على أن يتم القيام بذلك بالحوار المتبادل، وحماية المغاربيين من التهديدات المتزايدة، لاسيما في منطقة الساحل والصحراء.. أن بلدان المنطقة تعيش أزمة ثقة متسائلين عن حالة هذا اللااتحاد المغاربي.. وفي ظل تعالي الأصوات الداعية إلى الانقسام، يجب الترفع عن الخلافات من أجل مغرب عربي موحد ذو أفـق يتسع للجميع، فهل يتحقق ذلك من خلال مخرجات قمة الجزائر؟!، ..نأمل ذلك.

 

نايف شرار
[email protected]
كاتب كويتي