يكشف بلاغ أصدره تيار “التوجه الديمقراطي” في الحركة الشعبية جملة اخفاقات راكمتها الاقلية القليلة بتعبير البلاغ،
كما يتوعد ذات التيار بالتصعيد من خلال جملة اجراءات فيها ما هو تنظيمي وقانوني وميداني، من اجل حمل الأقلية على الرضوخ للمنهجية الديمقراطية ولروح قانون الاحزاب السياسية بالمغرب. وفيما يلي نص البلاغ:
بلاغ / 5 نونبر 2022
على بركة الله، ومن منطلق الإيمان بالوطن كقيمة نبيلة تعلو فوق كل الحسابات الصغرى، تعلن مجموعة من مناضلات ومناضلي حزب الحركة الشعبية على امتداد شتى ربوع الوطن عن تأسيس تيار” التوجه الديمقراطي” كمبادرة إصلاحية من داخل المؤسسة الحزبية، وذلك لإدراكهم ووعيهم العميقين أن عملية التغيير الإيجابي لا يمكنها أن تحدث عبر منطق الانقسامية وبلقنة المشهد الحزبي الوطني.
فبعد استنفاذ كل الطريق والوسائل من أجل إقناع القيادة الحالية للحركة الشعبية بضرورة استخلاص العبر والدروس من الفشل والخيبات المتراكمة والتي أصبح بسببها الحزب مجرد مكمل للأغلبيات في أحسن الأحوال، أصبح تأسيس تيار” التوجه الديمقراطي” ضرورة ملحة ومسألة حتمية وتاريخية، باعتباره الخيار الوحيد المتبقي من أجل إنقاذ حزب الحركة الشعبية من مستنقع الردة الديمقراطية التي عرفها منذ أكثر من 15 سنة، بفعل تحويله إلى مجرد ناد خاص لتدبير المصالح الضيقة وتحقيق المكاسب والمآرب الشخصية و تقسيم المنافع على العائلات والمقربات والمقربين، الأمر الذي أفقد هذا الحزب توهجه التاريخي ورصيده الوطني المشرف الذي بناه المؤسسون الرواد من طراز المحجوبي أحرضان وعبد الكريم الخطيب ولحسن اليوسي وعدي أوبيهي وآخرون رحمهم الله.
إن الوضعية الراهنة للحزب لتبعث على المزيد من القلق، خاصة بعد التراجعات الحاصلة على أكثر من صعيد، بسبب الجمود الفكري وتوقف العطاء المواكب للتحولات المتسارعة التي ما فتئ يعرفها المغرب منذ تولي جلالة الملك محمد السادس نصره الله مقاليد الحكم، حيث ظل المنطق المهيمن على الحزب منطقا موسميا بامتياز، مبنيا على تدبير المحطات الانتخابية بشكل انفرادي وبناء على معايير المحسوبية والقرابة، واستبعاد للكفاءات التي تدرجت داخل هياكل الحزب.
نفس الأسلوب في التدبير وضع الحزب خارج كل حسابات السياسة في ما يخص مسارات التفاوض في تشكيل الأغلبيات والحكومات، حيث كلف هذا الأسلوب الانفرادي الحزب خروجه القسري إلى المعارضة سنة 2007 قبل أن يعود إلى الحكومة سنة 2009 بمنصبي وزير دولة بدون حقيبة وكاتب دولة بدون أي تأثير.
كما أن دخول الحزب في تحالفات غير مدروسة فشلت في المهد وإجباره لعضو في المكتب السياسي على الترشح باسم حزب آخر في أكادير سنة 2011، علاوة على تخلي عدد ممن حملتهم تزكيات الحزب إلى البرلمان عن العضوية والتحاقهم بأحزاب أخرى، كلها عوامل جردته من أدنى مصداقية وأفقدته الهامش الأدنى في استقلالية القرار.
ولعل الطريقة الهشة و”الكشة” التي يمارس بها الحزب معارضته في البرلمان هي خير دليل على غياب الرؤية وعلى الازدواجية واللعب على الحبلين طمعا في “فتات” قد يجود به رئيس الحكومة في حالة إجراء تعديل.
وبقراءة موضوعية للتاريخ القريب، يتم الوقوف على السبب الرئيسي لتقهقر صورة ومكانة الحزب، والكامن في محاولة الجهة المتحكمة في دواليب الحزب التنكر لما بناه الحزب قبل سنة 2002، وإقبار عطاءات الرواد سواء على مستوى الحزب أو الشبيبة أو المرأة الحركية.
ولقد كانت محطة المؤتمر الوطني 13 سنة 2018، آخر فرصة أمام السيد الأمين العام من أجل إعادة مسار الحزب إلى السكة السليمة، لكنه أخلف الموعد مع التاريخ ونازع في حق التنافس الديمقراطي على منصب الأمانة العامة، كما عمل على تكريس مجلس وطني عديم السلطة والقرار وفي تشكيل مكتب سياسي من لائحتين انعدمت أمامهما فرص التباري الشريف، مما أفرز قيادة غير منسجمة وغير متماسكة وفاقدة للقدرة على التحرك أمام الأقلية المتنفذة التي تمارس التحكم والاستبداد في القرارات دون حسيب أو رقيب أو أي وازع أخلاقي.
كما أدى نفس التدبير إلى مغادرة أعضاء في المكتب السياسي للحزب وترشحهم باسم أحزاب أخرى برسم استحقاقات 8 شتنبر 2021، كما تمت إضافة عضو جديد إلى المكتب السياسي قبل الاستحقاقات، لكنه غادر لدعم حزب آخر.
وكتحصيل حاصل، أفرغ الحزب من مناضلاته ومناضليه وأطره الحقيقيين، وتمت مجابهة كل الأصوات الحرة والغيورة على الحزب بسلاح “تجميد العضوية” دون موجب حق، بهدف تمرير المؤتمر الوطني 14 بمنطق “سوق القطيع” والتصفيقات وتكريس الولاء ل”للزعيم مدى الحياة” عوض الولاء للوطن أولا وللحزب ثانيا، وهو التمرير الذي بدأ بتشكيل لجنة تحضيرية بمنطق التعيين واستبعاد الكفاءات الحزبية من أجل تكريس حزب على المقاس تحضر فيه المصالح والمنافع وتغيب فيه المشاريع السياسية والمجتمعية.
كما كان الحركيات والحركيون الأصلاء يراهنون على إجراء مصالحة حقيقية من أجل عودة من غادره بسبب تصرفات القلة القليلة المتحكمة، إلا أن نفس القلة القليلة تمادت في محاربة بنات وأبناء الحزب الذين رفضوا أن يصبحوا مجرد كراكيز وألية للتصفيق.
لهذه الأسباب وغيرها، تم الإعلان عن تأسيس تيار “التوجه الديمقراطي” لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتفادي حدوث مهزلة مؤتمر يرهن مستقبل الحزب في السنوات الأربع القادمة ويحوله إلى مجرد دكان سياسي، وهذا ما لا نرضاه لأول حزب أسس بعد الاستقلال، كان شعاره الحرية والتي تحولت في الوقت الراهن إلى تكميم للأفواه.
وبالمناسبة، يهيب تيار” التوجه الديمقراطي” بكل الحركيات والحركيين الشرفاء الانخراط في هذا التوجه الإصلاحي وخروجهم إلى العلن بصوت مرتفع من خلال توجيه عرائض إلى من يهمه الأمر، وذلك من باب الأمانة التاريخية والحرص على صون المشهد الحزبي ببلادنا من التردي والرداءة والتفاهة.
كما سيعلن التيار عن خطوات عملية وميدانية وقانونية في حينه.