ندوة بمدينة المحمدية تحاكي الوضع الراهن بالبلاد.

عبد النبي الشراط
نظم مركز الدراسات والأبحاث الأكاديمية يوم الجمعة 7 أبريل 2023، خصصت لمناقشة الوضع الداخلي الراهن وعلاقته بمحيطه الإفريقي والدولي.
تحدث في الندوة: الدكتور المصطفى بن علي الأمين العام لحزب جبهة القوى الديموقراطية والدكتورة فاطمة الحمياني الأستاذة الجامعية بالولايات المتحدة الأمريكية والكاتب الصحفي عبد النبي الشراط، وأدار الندوة الأستاذ
إبراهيم النوحي.
في البداية تحدث الدكتور المصطفى بن علي الذي خصص مداخلته لتسليط الضوء على الاقتصاد العالمي الذي كان يعاني من عوامل هيكلية أدت إلى انكماشه، حتى قبل وصول أزمة كورنا سنة 2020، والحرب الروسية – الأوكرانية سنة 2022. ومن ذلك شيخوخة السكان في الدول الصناعية، وتنامي النزاعات وبؤر التوتر في عدد من مناطق العالم، وتسارع التغيرات المناخية. “وهذا ما جعل الإجراءات التي اتخذتها الحكومات لمواجهة الأزمة في سعيها إلى التعافي تحدث آثارا لم تستطع أغلب المجتمعات تحملها”.
وأوضح بنعلي خلال هذا اللقاء الذي نظمه مركز الدراسات والأبحاث الأكاديمية، الذي يرأسه الأستاذ الجامعي محمد ملمان، بأن الوضع الدولي سيء جدا، حيث يعيش الاقتصاد العالمي حالة غير مسبوقة من الغموض واللايقين، لكن “أسوء الأيام هي تلك التي لم نعشها بعد”، في إشارة منه إلى أن سنة 2023 ستكون هي الأخرى سنة صعبة، موضحا أن الخطر الداهم لأزمة الركود، التي يعاني منها العالم مرتبط بعدم قدرة الشعوب على تحمل تبعاتها الاجتماعية، في ظل ارتفاع التضخم والأسعار وانتشار البطالة والفقر.
وقدم بنعلي أربعة سيناريوهات تحمل مخاطر مستقبلية قد تعمق من الأزمة الاقتصادية الحالية، موضحا أن هذه المخاطر الاقتصادية مرتبطة بتدهور محتمل للعلاقات بين أمريكا والصين، مما قد يعجل ببلوغ الكساد الكبير. وأن المخاطر العسكرية قد تأتي من تحول الحرب الأوكرانية إلى حرب عالمية، فيما أن هناك مخاطر كبيرة قد تأتي من اندلاع حرب بين الصين وتايوان، خصوصا وأن اتساع رقعة الحرب قد يؤدي إلى اندلاع حرب سيبرانية غير تقليدية. موضحا، أن المخاطر السياسية التي قد تقع نتيجة الرفض الشعبي العنيف لسياسات التقشف الحكومية، واستمرار استفحال تحولات المناخ كلها عوامل تزيد من قتامة الوضع المتأزم للعالم.
وفي حديث عن الآفاق المستقبلة للمغرب، قال الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية، ” إن نجاح المغرب في تنويع شراكاته الاستراتيجية، لا يوازيه إلا نجاحه في تنفيذ الرؤية الديبلوماسية الملكية في بلورة علاقات إفريقية مستدامة، مبنية على مبدأ رابح رابح، وعلى مبدأ إيجاد الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية”. مبرزا عددا من التحديات المطروحة على إفريقيا في الوقت الراهن، في مقابل الفرص التي توفرها، ومنها ما وصفه ب “التحدي السياسي المطروح على ثلاثين دولة إفريقية ستنظم انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال هاتين السنتين”، وأوضح بنعلي في هذا السياق أن ” تحدي البناء الديمقراطي والاستقرار السياسي الضروري للتنمية يجعل من هذه الانتخابات ذات أهمية قصوى”، وذلك في وقت تتواصل فيه المحاولات الانقلابية في عدد من البلدان، فيما تستمر تهديدات الأمن بفعل انتشار النزاعات المسلحة والإرهاب في القرن الإفريقي وفي غرب ووسط إفريقيا، وذلك في الوقت الذي تكبر فيه تهديدات الجوع بفعل قساوة المناح، إلى جانب قساوة تبعات المديونية وفاتورة التدابير الحكومية لمواجهة الأزمات المتوالية.
كما تطرق بن علي لموضوع ارتفاع تكاليف المعيشة وعجز الحكومة عن إبداع حلول للتخفيف من وطأته.

أما الدكتورة فاطمة الحمياني فقد ركزت
في مداخلتها على أهمية إصلاح المجالات الحيوية في الدولة مثل الصحة والتعليم والقضاء والتنمية البشرية بشكل عام، مضيفة: أن أول مجال يحتاج للإصلاح العاجل والجاد هو قطاع التعليم، مع التركيز على الجانب التربوي والأخلاقي إذا أردنا تغييرا فعليا في بقية المجالات الحيوية الأخرى.
وأكدت “الحمياني” على أنه من دون محاربة ظواهر الفساد والمحسوبية والزبونية والرشوة لا يمكن لنا أن نتقدم، مشيرة إلى أن هذه الظواهر السلبية تنخر المجتمع وتساهم في تفكيكه، وتقوده إلى المجهول.
وعلى صعيد الوضع الحالي قالت الدكتورة الحمياني، رغم أن المغرب بلد فلاحي بامتياز، ويملك البحار والمحيطات ويتوفر على ثروة هائلة من المنتجات الغذائية، فإن ظاهرة الغلاء في المعيشة التي تشهدها البلاد الٱن لا تبدو منطقية أبدا، علما أن المغرب يحتل رتبا متقدمة في مجال الصادرات الفلاحية والغذائية، وهذا يحصل على حساب القدرة الشرائية للمواطن المغربي.
واختتمت مداخلتها قائلة:
يجب تغيير مجموعة من القوانين التي تضر بالحق العام وتخدم فئة قليلة تستولي على معظم الثروات وتتعامل بالريع ونهب المال العام وتستعمل السلطة والمال والنفوذ لتكميم الأفواه التي تطالب بفضح الفساد والمفسدين.

– في العلاقة بين الحاضر والماضي..

وفي مداخلته قال الكاتب الصحفي عبد النبي الشراط. أنه يتوجب علينا قراءة بعض أحداث التاريخ القريب، لنفهم كيف نعيش هذا الحاضر، وبدل أن ينتقد الواقع الحالي بما فيه من إشكاليات وظروف صعبة يعيشها المواطن المغربي، فضل الشراط أن يعود لحقبة الخمسينيات التي عرفت صراعا مريرا على الحكم، مذكرا باتفاقيات “إكس ليبان” التي منحتنا استقلالا شكليا منقوصا ومشروطا باتفاقيات سياسية وعسكرية وثقافية ما زالت بنودها تسري علينا إلى الٱن.
وحسب “الشراط” فإن سنوات نهاية الخمسينيات كانت صعبة جدا حيث عرفت اضطهادات واعتقالات وتأسيس سجون خاصة بحزب كان يسعى إلى السيطرة المطقة على المغاربة والتحكم في أرزاقهم ومسح عقولهم ومنعهم من التفكير.
إن تلك السنوات التي أعتقبت ما سمي حينئذ بالاستقلال، والأحداث التي جرت فيها هي التي قادتنا إلى ما نعيشه اليوم من انتكاسات وأن الحكومات المتعاقبة على الحكم بالمغرب لحد الٱن إنما تجتر ما خلفته تلك السنوات الصعبة في حياة المغاربة.
لقد شكل “الحزب العتيد” دولة داخل الدولة، وتوفرت له كل الشروط حيث كان الباشوات والقياد والعمال ينفذون سياسة هذا الحزب ولا يلتفتون أبدا لسياسة الدولة الأصلية، وكان يتوفر على سجون ومعتقلات خاصة به وشكل فرق اعتقالات وفرق موت ضد كل من يخالف سياسته الرعناء الهادفة إلى السيطرة على مقاليد الأمور، حتى أن الملك محمد الخامس رحمه الله لم يكن يستطيع فعل شيء تجاه جبروت وقوة هذا الحزب الطاغي.
لقد كانت سياسة الاعتقالات والتصفيات الجسدية هي اللغة الوحيدة التي كان يستعملها ضد مخالفيه ومعارضي سياسته الرعناء.
وتشهد الكثير من المدن والقرى لحد الٱن بالجرائم التي ارتكبها حزب كان همه الوحيد “الحكم” فقط وبأي ثمن، ففي تطوان على سبيل المثال ما زال ” قصر دار بريشة” شاهدا على الأرواح التي أزهقت بداخله، وجرائم التعذيب التي كان يتعرض لها الوطنيون المخلصون.