بقلم: رشيد موليد
كلما تأملنا في الواقع المغربي المعاش ينتابنا شعور بأن كل أمور الحياة على ما يرام, حركة سير عادية الكل يربط حزام السلامة أثناء القيادة , أميون ومثقفون يتوفرون على هواتف نقالة تجني شركات الاتصالات من ورائهم أموالا طائلة ,الأسواق بحركاتها التجارية النشيطة, و الشمس تطلع من مشرقها لتغرب من مغربها, مجلس النواب حلبة لكلام يتطاير دفاعا عن حقوق الإنسان.
هذا من زاوية المواطن العادي كالأجير الذي ينتظر أجرته في نهاية كل شهرباعتباره مواطنا يتعب بعرق جبينه ليجلب قوت يومه و كذلك الطبقة المتوسطة التي تعتمد اللامبالاة بالرغم من علمها ببعض الحيثيات .
هو واقع بسمات الهشاشة المتعددة المشارب والمناحي والتي من خلال التدقيق في مكوناتها يمكن الوقوف عند بعض ملامحها مثل ظاهرة أحياء الصفيح التي بدأت قصتها منذ عهد الاستعمار وبالضبط عند استرجاع الأراضي من المستعمر الفرنسي(…) حيث رصدت لهذه الظاهرة ميزانيات لسنوات متتالية دون أن تخضع لحسب أو رقيب.
ظاهرة الباعة المتجولين والتي عجزت السلطات عن حصرها وتنظيمها مع العلم كونهم كلهم ينحدرون من القرى و البوادي بدون استثناء, و في هذا السياق نسجل أغلب رؤساء الجماعات القروية اغتنوا الغنى الفاحش عن طريق تفويت أراضي لشركات عقارية عملاقة بمنطق التحايل والنصب والتزويرالذي كان سيد الموقف في جل القضايا.
إشكالية التعليم هي الأخرى تجلت معالمها من خلال استهداف المدرسين والتلاميذ على حد سواء ; على سبيل المثال لا الحصر وقوفنا عند ظاهرة الغش في الامتحانات الوطنية التي أصبحت حقا يدافع عنه بشتى الوسائل الإجرامية لدرجة أن النزيه بات يشكل الاستثناء. وفي هذا السياق حدثت واقعة غاية من الغرابة كان بطلها أحد معارفي من أساتذة التعليم كلف بمهمة مراقبة أحد أقسام الباكالوريا بحيث عينت لجنة تتوفر على آلة ضبط الهواتف النقالة التي تكون بحوزة التلاميذ الذين يجتازون امتحانات الباكبالوريا (ياحصرا) وأثناء مرور اللجنة في حدود الساعة الثامنة والنصف صباحا فإذا بالأستاذ المغبون يتفاجأ بحارسة عامة تسير بخطوات سريعة و متتالية تنبه الممتحنين وبصوت خافت نسبيا بقدوم لجنة المراقبة التي أثناء القيام بمهامها بادرت سيدة من أعضائها بمخاطبة التلاميذ قائلة ” من فضلكم لا أود أن أشغل هذه الآلة لأنني سأضطر أن أحرر تقريرا في موضوع الغش ولهذا فكل من لديه هاتف نقال أو ما شابه أرجو منه أن يضعه فوق الطاولة” الأستاذ المغبون مركزا ومنبهرا من ذكاء المشرفة عن اللجنة وكيف استطاعت أن تقنع التلاميذ وما أدراك ما التلاميذ ظنا منه أنها ستشرع في جمع الهواتف وتسليمها للإدارة ولكن وهي مبتسمة و معجبة بإنجازها ما فتئت أن غادرت هي وأفراد اللجنة تاركة وراءها التلاميذ رفقة هواتفهم .
أما فيما يتعلق بالجمعيات الحقوقية حدث ولاحرج والتي غالبيتها تخدم اجندات معينة حيث نسجل في أغلب نشاطاتها تدعم من طرف سفارات أجنبية; ولكي لا نذهب بعيداً فإن بعض الجمعيات التي تنشط في مجال تنظيم الأسرة مثلاً ونلاحظ انتشارها بكثافة لدرجة أن المشرفين على مستشفيات ومستوصفات الأحياء في القرى والمدن على حدٍ سواء يرسلون النساء الحوامل إلى جمعيات تنظيم الأسرة وهذا ليس عيباً ; الغريب أنهم يعتمدون أسلوب التحريض ضد الزوج بدل التحسيس والتوعية في مجال تنظيم الاسرة مما ينتج عنه اصطدامات أسرية تؤدي حتماً إلى تفكيك الأسرة وهنا يبدأ دور جمعية حقوق المرأة …. إلخ.
مشهد لا يقل تأثيرا عن هشاشة مكون الواقع المغربي وهو المتعلق بالانتخابات بحيث أضحى المواطن المغربي غير مهتم وتتسع الهوة بينه وبين الحدث الانتخابي عندما لامس خيانة الأحزاب ومرشحيها لمطالبه ومتطلباته , لدرجة آمن فيها أن الوعود الانتخابية هي مجرد شعارات تموت بانقضاء عمر الحملات ليس إلا .
أصبحت عدة أسئلة تطرح نفسها من قبيل من يتواطئ مع التخريب ؟ و ماهو المقابل ؟ بالموازات مع الواقع هل يمكن أن نعتبر أطفالنا ضحايا سنحاسب عليهم عاجلاً أم آجلاً ؟
ذلك بعض من الكل ,مكونات مشهد وواقع فيه الكثير من الإختلالات , اختلالات عمرها طويل لكونها لبت حاجيات من هم في مصلحتهم توسيع رقعة تلك الاختلالات , ولا ننكر أن هناك إرادات عازمة على الالتفاف على شرذمة من المعيقات, إرادات عبر عنها ملك البلاد ويؤازره فيها كل مكونات الشعب.