التحقيقات في سوناكوس حول “المسروقات المتفجرة” قد تصطدم بخيانة كبرى في حق الفلاحة الوطنية

فيما تواصل الجهات الأمنية المعنية تحقيقاتها في ما بات يعرف بـ”البذور والمواد المتفجرة”، مع كبار المسؤولين في شركة “سوناكوس” ومع كل من له علاقة بهذا الحادث، جاء الغيث، وشملت التساقطات كل المناطق الفلاحية بالمملكة. مما أنعش آمال الفلاحين في الانطلاق في موسم الحرث، لولا أن انعدام البذور طرح مشكلاً آخر، أخطر من الجفاف.

تقول مصادر موقع “أصداء المغرب العربي” “إن آمال الفلاحين اصطدمت في هذا الموسم بنفاذ وانعدام البذور، بجميع أصنافها” في إشارة إلى الحبوب الخريفية، ومنها القمح بنوعيه: الصلب واللين والشعير. بالإضافة إلى نقص أو انعدام بذور العلفيات والقطنيات، مما جعل القلق يعم جميع الفلاحين بالمغرب، لكونهم عاجزين عن الزرع رغم الظروف المناسبة لذلك، والتي طالما انتظرناها.

ومما ينذر بما لا تحمد عقباه، أن مصادر “أصداء المغرب العربي” وبتعاون من جميع مراسليها في جهات المغرب، تفقدوا ميدانيا، محلات بيع هذه البذور، فتأكد النفاذ التام لبذور القمح اللين (فرينا) وكذلك الشعير، بمختلف أقاليم المملكة، وجماعاته الترابية الحضرية والقروية.

يذكر أن أسباب نفاذ هذه البذور من السوق أمام الزارعين وعموم الفلاحين هو سياسة وزارة الفلاحة، هذه الوزارة التي نعتها الكاتب الوطني للقطاع الفلاحي في الاتحاد المغربي  للشغل، بالوزارة الضعيفة.
ويتجلى ضعف هذه الوزارة التي تسير قطاعا استراتيجيا من حجم القطاع الفلاحي، في بقاء الوزير صديق ووارث أخنوش عليها، متفرجاً اليوم” على ما يقع، دون تحريك ساكن في مجال البذور الذي تستحوذ عليه شركة “سوناكوس”. هذه الأخيرة، لم يعد شغل مسؤوليها الاهتمام بمعضلة الفلاحين، والبحث لهم عن البذور سواء داخل المغرب أو من الخارج، بقدر ما هم منشغلين باستدعاءات وبالغدو والرواح المتكرر إلى مكاتب الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي تستجوبهم في عدد من قضايا الفساد والتهور، وآخرها “ملف” المواد الخطيرة والمتفجرة التي تمت سرقتها، وتم اكتشاف تفاصيل خيوطها من قبل لجنة أمنية رفيعة في مخازن الشركة بمراكش. (اضغط الرابط التالي):

 

آلاف القناطر من البذور ومواد متفجرة بمراكش تحت تصرف لصوص وإرهابيين محتملين . 

تتحدث مصادرنا عن استنطاقات ماراطونية شملت الرأس الكبير، على شركة سوناكوس، والذي ليس سوى ابن خالة رئيس الحكومة أخنوش.

ويفترض في مثل هذه الحالات التي يشمل التحقيق عددا من أطر شركة وطنية كبيرة ، سوناكوس حاليا، أن يتم تجميد نشاط المتهمين مؤقتاً، وتعيين موظفين يقومون مقامهم من أجل ضمان استمرار العمل الإداري في مختلف مرافق الشركة، إلى حين انتهاء التحقيقات. فمتى تتدخل وزارة الفلاحة التي تقع سوناكوس تحت وصايتها، أم أن وزارة أخرى مثل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ستتدارك تقصير الوزارة الضعيفة كما وصفها القيادي في النقابة السالفة الذكر.

ان بقاء هؤلاء في مكاتبهم وهم متهمين بالتورط في قضايا ثقيلة، لا يتيح لهم سوى الانتقام من الموظفين ومن كل من يشكون في كونه يندد بالفساد وبالفضائح التي أصبحت تزكم الأنوف داخل وخارج سوناكوس.
لا تبالغ مصادر “أصداء المغرب العربي”، إذا قلنا إننا أمام خيانة وطنية كبيرة، بطلها رئيس شركة سوناكوس وضحية هذه الخيانة الفلاحة المغربية. والأدلة سنعرضها بالأرقام.
ضيع رئيس سوناكوس الدولة في 400000 قنطار (400 ألف قنطار !!) من البذور المختارة، في بداية هذا الموسم الفلاحي، وذلك بتوجيهها إلى مطاحن بعينها، وخرجت منها دقيقا إلى السوق.

يمكن في سياق المساءلة أو التحقيق الجاري، من قبل الجهات القانونية معرفة المتورطين من أصحاب هذه المطاحن وشركاء الخيانة الوطنية في حق الفلاحة المغربية. بكم تم بيع هذه القناطر المقنطرة من البذور ومن هم المستفيدون الصغار والكبار على حد سواء؟ ومن هم أصحاب المطاحن الذين دأبوا على التعامل مع سوناكوس في هكذا صفقات؟

لو تم الاحتفاظ بهذه الكمية الكبيرة وهي بحجم 400 الف قنطار قد تستجيب لعطش الفلاحين المطالبين اليوم بالبذور.

إن ما يزيد الطين بلة، خاصة مع التساقطات المطرية الحالية، هو أن رئيس الإدارة الجماعية لسوناكوس الغارق في استنطاقات رجال الفرقة الوطنية، نسي أو تجاهل تحت ضغط الفضيحة، وجود فلاحين مكثرين الذين تربطهم بسوناكوس عقدة، وكانوا ينتظرون من الرئيس الوفاء بالوعد الذي قطعه عليهم، وهو أن أثمنة البذور لهذا الموسم ستكون مشجعة، وما عليهم إلا إدخال البذور الى مخازن سوناكوس.

المكثرون هم منتجو البذور على المستوى الوطني، وتربطهم عقدة مع شركة “سوناكوس”، من خلال وصولات تسمى 4G يستلمها من الشركة كل منتج حسب كمية انتاجه من البذور.
لا يتجاوز سقف القنطار 800 درهم لبيع قنطار من البدور من قبل المكثرين لفائدة سوناكوس، قبل أن تتبرم عليهم الإدارة من خلال عرض سعر 400 درهم للقنطار، أي خفض التمن بنسبة 100%، وكان طبيعيا أن لا يقبل المنتجون، لتجد الإدارة الطريق سالكاً نحو الخارج، لشراء القنطار بـ2100 درهم. أي بزيادة 1700 درهم أنه لهامش ربح خيالي في هذه الصفقة الخارجية. وموتوا يا مكثرين بغيضكم !!

عوض مقابلة الفلاحين لما حان الأجل، طار السيد الرئيس إلى الخارج، لجلب بذور أجنبية رديئة للغاية وبأتمنة خيالية من شركة مغلفة باسم فرنسي هي Deprez France. ومما يؤكد فساد هذه البذور (أو الزريعة) هو أن مكتب ONSSA لم يؤشر عليها، لسبب عدم توفرها على أي من شروط الجودة المطلوبة. وهذه القضية، قد لا تخفى أهميتها في إطار التحقيقات الجارية، سيما وأن سعر القنطار منها خيالي بالفعل وبلغ تمن شراء القنطار الواحد 2100 درهم. ولو لم تكن هناك منافع ومصالح خاصة متبادلة بين الرئيس وشركة DepreZ France ، لفضلت إدارة سوناكوس الجلوس والوفاء بالوعد مع الفلاحين المغاربة، ولأدخلوا إلى مخازن “سوناكوس” بذوراً ذات قيمة وجودة عالية وبأسعار مناسبة جدا مقارنة بغلاء الشركة الأجنبية، خاصة وأن الدفع تم بالعملة الصعبة. هذا فضلا عن الدعم المقدم في إطار بذور الاستيراد، الذي يضاعف أربع مرات دعم البذور الوطنية أو المحلية التي ينتجها المكثرون

وليت فساد صفقات إدارة “سوناكوس”، توقفت عند هذا الحد، إذ استورد رئيس إدارة “سوناكوس” كمية أخرى بلغت 37000 قنطار، وكان مفروضاً، أن يتأكد بنفسه من جودتها قبل إدخالها، ذلك أن مكتب السلامة الصحية ONSSA رفضها مرة أخرى، رغم محاولاته المتعددة للبحث في ONSSA عن شركاء له في الفضيحة، من أجل التأشير له على بذور فاسدة أو ذات جودة ضعيفة، بمبرر النقص الحاصل في البذور عامة في هذا الموسم.

400000 قنطار، و 37000 قنطار من البذور الفاسدة، كلها صفقات خاسرة ومشبوهة، وبالتالي لايمكن تصنيف هذه المعالم  إلا في خانة الخيانة الوطنية بكل الأبعاد، وبتنسيق مع طرف أجنبي؟ ألا تهدد هذه الصفقات الخاسرة الأمن الغذائي للمغاربة.

من الواضح أن عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، يجدون في طيات هذه القضية غرائب وعجائب مع تعميق البحث مع المتورطين سيما وأن قضاة المجلس الأعلى للحسابات، نبهوا في وقت سابق إلى خطورة الاعتماد على البذور الأجنبية، وحذر المجلس الأعلى للحسابات من خطورة تعامل شركة سوناكوس مع موردين أجانب معدودين.
وقد اقتصرت إدارة سوناكوس، خلال السنوات الخمس الأخيرة، التي خضعت فيها لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات على أربعة موردين أجانب فقط لجلب أصناف من البذور. وقد استأثرت الشركة الفرنسية”Deprez Flomimond” على نسبة 80% من الشراءات، خلال الموسم الفلاحي 2015/2014.
وتظهر خطورة الاعتماد على الطرف الأجنبي في جلب البذور، في إضعاف البحث العلمي الوطني في هذا المجال.

انعدام البذور يعود كذلك لسوء ظروف تخزينها من قبل الشركة، في مناطق عالية الرطوبة، مثل مخزني سلا ومداغ. ونظراً لضعف القوة الانباتية لهذه البدور، فكان طبيعيا أن يرفضها مكتب السلامة الصحية ONSSA. ذلك أن كمية البذور التي فسدت بفعل الرطوبة ونتيجة وضعها في أكياس غير ملائمة من نوع BIGBAG ، ناحية بركان، قدرته مصادرنا المطلعة ب 23000 قنطار. إذا أضفنا إليها 37000 قنطار الفاسدة المستوردة، تكون إدارة “سونكوس” قد بددت وبذرت 60000 قنطار من البدور، تم تفويتها على الفلاحة الوطنية، بغض النظر عن تكلفتها المادية التي قد تتجاوز ملايير السنتيمات .

أسئلة تحز في نفوس كل من يعنيه هذا الفساد المستشري، لماذا تقرر إدارة “سونااکوس” تخزين البذور المختارة في مراكز موبوءة وهي تعلم أنها ستفسد، وتفقد قيمتها الإنباتية. تقول جهات فلاحية، ومنتسبون للقطاع الفلاحي بالمغرب إنه لم يعد مقبولا صمت الدولة عن هذه الشركة العمومية التي تعيث في الأرض فساداً وسرقات.

إن إدعاء عزيز عبد العالي رئيس مؤسسة “سوناكوس” علاقة قرابة تربطه برئيس الحكومة الحالي أخنوش، لا يعطيه بأي حال حصانة ضد المحاسبة وإعمال القانون.

والجدير بالذكر أن رئيس مؤسسة سوناكوس عزيز عبد العالي المتير للجدل والذي اضحى خلال هذه الأيام المطلوب الأول للفلاحين على الصعيد الوطني الى مراكش انتقل اليوم على وجه السرعة وذلك إثر استدعاء مستعجل للغرفة الفلاحية لجهة مراكش الحوز نتيجة احتقان غير مسبوق للفلاحين الصغار و الكبار بمختلف مناطق الجهة (الرحامنة،قلعة السراغنة،بن جرير، سيدي بوعثمان ، شيشاوة…..).