هل لازال من المعقول أن نكرر دائما و أبدا أسطوانة تزويد العالم القروي بالماء والكهرباء، لكونها أضحت اسطوانة مشروخة ولا تتلاءم مع العصر الحديث الذي تجاوز هكذا ضروريات التي هي من ضمن المسلمات.
ودأبت جل حكوماتنا مند أزمان هي توالت على التغني بتزويد العالم القروي بالماء و الكهرباء، حتى أنه لم تخل حقبة حكومية من هذا الحديث الذي لازال يتردد حتى مع الحكومة الحالية عندما طلع علينا تقرير برلماني يكشف حجم الاختلالات التي شابت عملية التزويد هاته في عدد من القرى و المداشر بالاستناد إلى دراسات قام بها المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب مند 2010 و التي أبرز خلالها أن نسبة عالية من ساكنة القرى لازالت تعاني من هشاشة الوسائل المستعملة للتزود بهاتين المادتين الحيويتين فضلا عن آلاف من الأشخاص لازالوا محرومين منهما، لكون جل مشاريع التزود التي رسم لها أن تتحقق خلال 2007 لم تتم إلا بعد ثلاث سنوات من التأخير، مع العلم أن ما يناهز ثلاثة ملايين نسمة في الوسط القروي لا تتوفر على خدمة قارة من الماء الشروب.
و إذا كان التقرير البرلماني قد حدد نسب التفاوتات بين الجهات و الأقاليم من حيث التزود بالكهرباء و الماء الشروب فإن التغطية الاجمالية للعالم القروي على مستوى المغرب لازالت تتراوح بين الثمانين والتسعين بالمائة، و إن كانت هذه النسب مقبولة على العموم فلابد من تقدير حجم معاناة الساكنة القروية في المناطق التي لم تستفد بعد من الماء والكهرباء مع ما يترتب على ذلك من نتائج ومعاناة تؤثر على الاستقرار و على النشاط الاقتصادي في تلك المناطق…
ومهما يكن يعتبر التقرير البرلماني هذا من الأهمية بمكان بحيث ضحد ادعاءات التغطية الكاملة و أوضح حجم الاختلالات في هذا المجال، وهو ماينبغي على الحكومة أخذه بعين الاعتبار للحد من التفاقمات…