مررت الحكومة القانون التنظيمي المُقنن للحق في الإضراب بعد مصادقة مجلس المستشارين الإثنين 03 فبراير على مشروع القانون إياهوذلك بموافقة 41 مستشارا فيما عارضه 7 آخرون، دون إمتناع أي مستشار، فيما إنسحب فريق الإتحاد المغربي للشغل عن أشغال الجلسة العامة منذ إنطلاقها الإثنين الماضي. وهكذا اسدل الستار تشريعيا عن آلية من آليات نضالات الطبقة العاملة في المغرب قبل الإستقلال وبعده، الإضراب الذي لم يكن في تاريخ المغرب السياسي نقابيا فقط بل في بعض محطاته التاريخية كان سياسيا وجزءا من لعبة شد الحبل بين المعارضة التقليدية والحسن الثاني سنوات الرصاص قبلها وبعدها أيضا.
قبل اللجوء إلى التصويت سجًّل الفريق الإشتراكي ـ المعارضة الإتحاديةـ موقفه عبر مداخلة سياسية كأنه يُوثقها للتاريخ، مُبرئا ذمته من الوأد الحاصل أمامه، حيث حفرت حكومة عزيز اخنوش حفرة عميقة لدفن الشكل النضالي الحَي الأكثر إزعاجا للباطرونا( أرباب العمل) وللحكومات المتعاقبة كيفما كان شكلها ولونها، وفي جميع الأحوال ستشكر الحكومات القادمة كما الباطرونا صنيع الحكومة الحالية وتُدين لها بالفضل في إقبار حق العُمال الكادحين في الإضراب كوسيلة لتحقيق مكاسب إجتماعية وانتزاع مطالبهم المشروعة. موقف المعارضة البرلمانية الإتحادية طرح العديد من المُلاحظات ومُقدِماً مجموعة من الإقتراحات ( التي ضربتها الحكومة عرض الحائط فيما بعد)، ففي مناقشته للقانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بشروط وكيفية ممارسة الإضراب إعتبره الفريق الإشتراكي ” نقطة تحول مهمة في المشهد القانوني والإجتماعي المغربي”، وأضاف ممثل المعارضة الإتحادية مُبديا تحفظه ” غير ان المشروع في صيغته الحالية يثير العديد من الإشكاليات الجوهرية التي تمس بجوهر الحق في الإضراب وممارسته الفعلية”، قد حددت كلمة الفريق هذه الإشكاليات بدءا من ” وتبرز الإشكالية الأولى والأساسية في التعريف المحدود الذي يقدمه المشروع لحق الإضراب، إذ يقتصر على فئة الأجراء الخاضعين لقوانين الشغل والوظيفة العمومية ، متجاهلا واقع سوق الشغل المغربي الذي يتميز بإنتشار العمل غير المهيكل وتعدد الفئات المهنية، هذا القصور في التعريف لا يتماشى مع المعايير الدولية التي تؤكد على شمولية هذا الحق وإرتباطه الوثيق بالحقوق الإنسانية الأساسية، كما يتعارض مع إلتزامات المغرب بموجب الإتفاقيات الدولية للعمل والمواثيق الحقوقية.”، كما أشارممثل المعارضة إلى أنه ” ومن منظور هيكلي، نجد أن مشروع القانون يعاني من إشكالات بنيوية تتجلي في تكرار المواد وتداخل النصوص المتعلقة بالعقوبات، مما يخلق صعوبة في الفهم والتطبيق”، ولاحظ في نفس الوقت تعارض المشروع مع المواثيق والمبادئ التالية ” كما ان التعريف لم يعكس بالشكل المطلوب أهمية حق الإضراب كحق دستوري/إنساني، ولم يبرز بوضوح إلتزام المُشرع بالمواثيق والإتفاقيات الدولية ..”،وعلى مستوى الإجراءات التنظيمية ينتقد الفريق الإشتراكي التنصيص على حصر المبادرة للإضراب في ” النقابات الأكثر تمثيلية يُشكل مساسا خطيرا بمبدأ التعددية النقابية ويحد من قدرة النقابات المستقلة والمنظمات المهنية على الدفاع عن مصالح منخرطيها”، أما عن الجانب الجزائي( العقوبات) قال ممثل المعارضة ” فإن إعتماد عقوبات مقترنة بغرامات ثقيلة تثقل كاهل الشغيلة ، يشكل تراجعا خطيرا عن المكتسبات الحقوقية في مجال الحريات النقابية، فتجريم ممارسة حق الإضراب من خلال عقوبات من هذا الشكل يتنافى مع طبيعة هذا الحق كآلية سلمية للاحتجاج والمطالبة بالحقوق المشروعة..”.