إذا ما اصطففنا من زاوية المتفرجين ووضعنا تحت المجهر تحركات وأنشطة المغرب الدولية، حتما في مخيلتنا ستطفوا إلى السطح أسئلة ليس من الصعب الإجابة عليها بقدر ما من الصعب تصديقها بحكم الوزن الثقيل في الميزان الدولي والمستوى العالي والراقي الذي لا يسمح في أي حال من الأحوال التشكيك في نزاهتها ومصداقيتها وخصوصا عندما يتعلق الامر بمؤسسة كالأمم المتحدة بصفة عامة وأمينها العام بصفة خاصة ، حيث اصبح محيراً ولافتا للإنتباه الانحياز الفادح و الغير المبرر قانونا والذي تُجهل اسبابه عند عامة الناس ،
ولكن نحن في ملاحظاتنا للشأن الدولي وتصرفات المشرفين عليه وبالذات الامم المتحدة اتجاه قضيتنا الوطنية على وجه الخصوص وعلاقاتها بالقضايا الإقليمية بصفة عامة،كان لابد ان نخرج بمعطيات غاية في الأهمية ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، نبدأ بإلغاء زيارة الملك محمد السادس لروسيا الفدرالية السنة الماضية بسبب وعكة صحية أصابته والدليل اضطراره لأخذ عطلة قصيرة في الإمارات ليتعافى بعد ذلك والغريب انها تزامنت بقدرة قادر مع زيارة المبعوث الاممي “كريستوف روس”والذي صرح تصريحات لا تقل شأنا عن تلك التي صرح بها رئيسه مما جعل المغرب يتخذ موقفا في شأنه بعد تعدد الانزلاقات التي بدأنا مؤخراً نفهم مصدرها ولولا ضمانات “بان كيمون” لأخذت الأمور منحى آخر ،
اليوم يقرر الملك محمد السادس زيارة روسيا الفدرالية بمباركة من القيصر الروسي في ظل التحديات التي تمر منها روسيا ابتداءاً من التدخل في سوريا ومحاربة التنظيمات الإرهابية مما نتج عنه إسقاط طائرة حربية روسية من طرف الصواريخ التركية في المجال الجوي السوري حسب المصادر، وهنا مربط الفرس حيث تأزمت العلاقة بين الجانبين التركي والروسي مما حذى بالرئيس الروسي ان يختار المغرب كوجهة بديلة لاستراد منتوجاته الفلاحية ويتخلى على تركيا ومنتوجاتها الملغومة، زِد على ذلك طريقة تعامل محكمة الاتحاد الاروبي مع منتوجات أقاليمنا الجنوبية،
في ظل هذه الأزمة بين الإتحاد الاروبي والمملكة المغربية وبمجرد ان يجدد الملك محمد السادس نيته لزيارة روسيا بدعوة من “فلاديمير بوتين” نسمع ونتفاجأ بزيارة” بان كيمون” المناطق المجاورة ويستثني المغرب في محاولة منه للضغط وطبعا قبل ان يعلم الرأي العام المحلي بالقرار الجريء الذي اتخذه ملك المغرب في هذا الصدد يمضي ملك المغرب هذه المرة في تنفيذ ما التزم به في تلبية الدعوة ، وبالموازاة يذهب الامين العام في تنفيذ ما أعلن عنه لكن المحطات الذي مرّ منها هذا الأخير، تصرفاته وتصريحاته كانت هي النقطة التي أفاضت الكأس حيث ترتبت عنها مسيرة مليونية سلمية ومشاركة أعضاء من الحكومة فيها الذي كان منطقيا بحكم ما تكتسيه من أهمية الوحدة الترابية لكافة المغاربة ملكا وحكومة وشعبا،
كانت مشاركتهم صفعة ل”بان كيمون” احتجوا وعبروا عبرها على الانحياز واللامبالاة للأعراف والمواثيق الدولية في شخص من المفروض ان يكون قمة في الحياد.
ولكن استثناء المغرب من الزيارة كانت رسالة واضحة لمن يهمه الامر. وبهذا النحو ينتقل التصعيد الى أقصى سرعة والذي تجسد في طلب المغرب لتقليص عدد المشاركين جنبا الى جنب مع قوات حفظ السلام “المنورسو” وفي المقابل يمر التصعيد إلى أعلى مستوياته وفي سابقة من نوعها في تاريخ الامم المتحدة حسب مصادر متطابقة أعطى الامين العام تعليماته برفع علم البوليزاريو في جميع مقرات المنورسو، وبهذا التسرع في القرارات الغير المحسوبة أصبح الرأي العام المحلي والدولي يشكك في الحالة النفسية والعقلية ل “بان كيمون” حيث أصبح التوتر سيد الموقف كما ان الأمور خرجت عن السيطرة،في هذا السياق أصبحت عدة أسئلة تطرح نفسها بقوة .
من وراء تحرك” بان كيمون” وهو المعروف ببرودة أعصابه ؟و هل تصرفاته هاته كانت بمثابة رد فعل على زيارة الملك محمد السادس لروسيا الفدرالية؟
وهل كل من وقفت بوصلته اتجاه روسيا يلقى نفس المصير في قضاياه واستقرار بلاده والنموذج التونسي ليس ببعيد؟ وهل توقيع اتفاقيات مع القيصر الروسي سيكون سبباً في مراجعة الجزائر لمواقفها مع المغرب ؟
بقلم / رشيد موليد