خصَّ عبد المولى المومني، في حوار مع وسائل الاعلام، بأن ما يهم التعاضدية العامة هو استرداد أموال المنخرطين، من مرضى وأيتام وأرامل وأشخاص في وضعية إعاقة، متهما مدير “كنوبس” بأن “تعيينه والتمديد له تحوم حوله الشبهات، وبأن جهاتٍ ما تحمي ظهره”، قبل أن يؤكد ارتياحه لاختيارات التعاضدية.
إليكم نص الحوار:
مؤخرا نظمت التعاضدية العامة لقاء عن دور التعاضد على هامش الندوة الدولية الـ 105 للشغل.. ما علاقة التعاضدية بمثل هذه اللقاءات؟
الأصح هو أن الاتحاد الإفريقي للتعاضد الذي تترأسه التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية هو من أشرف على تنظيم لقاء حول “التعاضد كعامل للتغيير وعلاقته بالتشغيل والحماية الاجتماعية”، مع اتحاد التعاضديات الأمريكية، من أجل تسليط الضوء على الممارسات الجيدة في مجال التعاضد والحماية الاجتماعية، وذلك على هامش الندوة الدولية للشغل الـ 105 التي نظمت خلال يونيو 2016.
وهو اللقاء الذي ترأسه السفير الدائم للمملكة بجنيف محمد أوجار. كما كان اللقاء الأول من نوعه الذي ينظم حول التعاضد على هامش الندوة الدولية للشغل فرصة بالنسبة لي للحديث، أمام ممثلي الدول من حكومات ونقابات وأرباب عمل، عن الأوراش الكبرى التي يقودها عاهل البلاد في المجال الاجتماعي والطبي في إطار محاربة الفقر والهشاشة وتحقيق التنمية البشرية.
قبل جنيف شاركتم مع الاتحاد نفسه في نشاط في كورسيكا بالقارة الأمريكية.. ما الذي يربطكم به؟
الأمر يتعدى المشاركة في نشاط منظم من طرف “أوديما”، الذي بالمناسبة تربطنا معه كاتحاد إفريقي للتعاضد شراكة جيدة، بل كان فرصة للحديث عن آخر الترتيبات لتنظيم لقاء “التعاضد كعامل للتغيير وعلاقته بالتشغيل والحماية الاجتماعية” الأول من نوعه الذي نظم على هامش الندوة الدولية للشغل الـ 105 بجنيف.
وكذا التوقيع على ورقة الأهداف لتأسيس منظمة دولية ستفتح بابها أمام مختلف التعاضديات حول العالم وليس فقط التعاضديات الصحية. وذلك بمبادرة من الاتحاد الإفريقي للتعاضد واتحاد التعاضديات الأمريكية كتتويج للرغبة المشتركة للمنظمتين من أجل النهوض بالوضعية الاجتماعية، خاصة في القارتين الأمريكية والإفريقية، وتطوير دور التعاضد في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. ونحن الآن نشتغل من أجل تنزيل هذا المشروع الطموح على أرض الواقع.
تعتزم التعاضدية العامة تنظيم مناظرة وطنية حول الثالث المؤدى ودور التعاضد.. لماذا هذا الموضوع؟ وألاَ تعتقد بأن وزارة الصحة هي الأجدر بتنظيم مثل هذا اللقاء؟
إن أجهزة التعاضدية العامة، من خلال مصادقتها على مثل هذا القرار، انطلقت من أن التعاضدية مؤسسة مواطنة تواكب جميع المواضيع التي لها علاقة بالتغطية الصحية ببلادنا، فالتعاضد أحد المتدخلين في سلسلة التغطية الصحية وأحد الركائز الأساسية له.
كما أن التعاضدية العامة معنية بالموضوع بالدرجة الأولى لأن الوحدات الصحية التي تتوفر عليها تشتغل في إطار الثالث المؤدى. وهنا أود أن أشير إلى مغالطة يتم تداولها بخصوص الوحدات الصحية والاجتماعية للتعاضدية، فنحن لا نسدد لنفسنا مستحقات هذه الوحدات، بل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي هو من يقوم بذلك بعد القيام بالمراقبة اللازمة. هذه المبالغ لم نعد نتوصل بها منذ سنتين بدون أي مبرر أو سند قانوني لذلك؛ حيث وصل إجمالي المبالغ المفوترة على الصندوق التي لم نتوصل بها إلى ما مجموعه 3 مليارات و200 مليون سنتيم.
بالحديث عن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي.. أين وصل مسلسل شد الحبل بين المؤسستين؟
أولا أود أن أوضح أن المشكل ناجم عن القرارات الأحادية وغير القانونية لمدير الصندوق الذي يجب أن يحال على التقاعد بعدما وصل إلى السن القانوني له قبل 3 سنوات، لكن تم التمديد له باقتراح من الرئيس السابق للمجلس الإداري للصندوق والرئيس الحالي لتعاضدية “أمفام” خارج الشروط القانونية للتعيين والمحددة في القانون 00-65، والذي ينص على أن مدير الصندوق يتم تعيينه من طرف رئيس الحكومة من بين 3 مترشحين يحددهم المجلس الإداري للصندوق، وهو الأمر الذي لم يتم احترامه مند دخول التغطية الصحية حيز التنفيذ؛ أي منذ 2005؛ حيث تم تعيين المدير الحالي للصندوق آنذاك دون اللجوء إلى المسطرة، وكأن البلاد لا تتوفر على الكفاءات.
الغريب في هذا المشكل هو أن مدير الصندوق المشكوك في قانونية تعيينه يعيق استفادة منخرطي التعاضدية العامة من التغطية الصحية. ولعلمكم فوحده مشكل إلغاء أقنان المستخدمين كلف التعاضدية، إلى حد الساعة، ما يناهز 200 مليون سنتيم، زد على ذلك المعاناة اليومية للمنخرطين الذين يضطرون للوقوف طوابير تحت أشعة الشمس الحارقة في رمضان، من أجل وضع ملفات المرض، والبعض منهم يتحمل مشاق السفر وتكلفة مالية إضافية هم في غنى عنها.
وماذا عن قضية مركز أمل بأكادير ورفض مدير الصندوق تعويضكم عن المبالغ المفوترة بحجة عدم استيفائه للتراخيص القانونية اللازمة رغم أنه فتح أبوابه منذ سنة 2010؟
بداية يجب التذكير بأن إحداث مشاريع اجتماعية عملية من صميم صلاحيات التعاضديات، وذلك بموجب المادة 38 من الظهير الشريف رقم 1.57.187، ومركز أمل يندرج ضمن هذه المشاريع، كما أن هذه المشاريع متضمنة أيضا في مشروع المدونة المعروضة حاليا على البرلمان.
وقبل الدخول في الجوانب القانونية الأخرى المتعلقة باستيفائه للمساطر الإدارية من عدمه، لا بد من التعريف بهذا المركز في عجالة. فقد تم افتتاح أول مركز “أمل” الرباط تابع للتعاضدية العامة سنة 1963 ويتضمن بنية تحتية ملائمة، سواء على المستوى التربوي أو النفساني أو الاجتماعي، وهو مركز يضمن مواكبة وتتبعا تربويا بيداغوجيا وعلاجيا لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة ذهنية.
وهذه المتابعة يسهر عليها فريق من المهنيين (أطباء نفسانيون، مربون متخصصون، وخبراء في العلاج النفسي الحركي…). ونظرا للنجاح الذي حققه هذا المركز في الرباط ولواجب التعاضدية في أن تقدم خدمات للقرب لفائدة منخرطيها لأنهم يؤدون الاشتراك نفسه، فقد قامت بتمديد خدماتها من خلال الوحدة النفسانية التربوية أمل سوس سنة 2010 الذي يعتبر امتدادا للخدمات البيداغوجية التي يقدمها نظيره في الرباط، وقد تم تثمين هذا المجهود من خلال تمكين مراكز أمل من الرقم الوطني الاستدلالي لمهنيي الصحة ومؤسسات العلاج للقطاع الحر INPE، الذي تشرف عليه الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، والتي هي، للإشارة، تشكل جهاز الضبط المسؤول عن تنظيم مختلف جوانب ونواحي التغطية الصحية ببلدنا، والمخولة قانونا لتسليم هذا الرقم.
لكن الصندوق ورغم هذه المعطيات رفض التسليم بتسخير هذا الرقم لفائدة مراكز أمل، بل تطاول على صلاحيات الوكالة الوطنية للتأمين الصحي ووضع نفسه خارج الضوابط القانونية، وضرب عرض الحائط بنود مدونة التغطية الصحية التي يستأنس بموادها في كل خرجاته.
ولماذا يتشبث مدير الصندوق بموقفه الرافض للتعويض؟
ربما لأن رئيس الحكومة لم يُفهمه مجال تدخله، فـ”أصبح يفتي في ما ليس له به علم”، أما القانون فينص على أنه يعاقب بغرامة قدرها يتراوح بين 10 دراهم ومائتين وأربعين درهما رؤساء جمعيات للتعاون المتبادل أو متصرفوها أو مديروها الذين يدانون بمخالفة الفصل 39 الذي يفرض علينا الحصول على الترخيص المسبق قبل بدأ الاشتغال بأي وحدة اجتماعية، وهي في حالتنا، ونحن لا نرفض ذلك، بل باشرنا الإجراءات اللازمة من أجل الحصول على التراخيص اللازمة، علما أن تشييد هذه الوحدة الاجتماعية تم في ظل مرحلة لم نكن نشرف فيها على تدبير التعاضدية العامة والمسؤولون عنها تم تحويلهم إلى القضاء.
فإذا كان القانون نفسه لم يرتب على عدم الحصول على التراخيص الإدارية أي جزاء غير غرامة قدرها عشرة دراهم وفي أقصى الحالات 240 درهما، فكيف يمكن للصندوق أن يستند إلى هذه الحجة الجوفاء لإعاقة المسار التدبيري لعملية الفوترة الخاصة بمراكز أمل رغم مصادقته على السحوبات النهائية بشأنها، وبالتالي يفرض علينا جزاءات أخرى من خارج النصوص القانونية الجاري بها العمل؟ كما أنه لا يوجد أي بند في القانون يسمح له بممارسة الجزاء، وهكذا يحرم أبناء المنخرطين من الأشخاص في وضعية إعاقة من الاستفادة من هذه المراكز، خاصة في الأقاليم الجنوبية، ظلما وعدوانا.
في ظل هذه الخسائر.. ما الذي قامت به التعاضدية لإيجاد حل لهذا المشكل؟
منذ بداية المشكل والتعاضدية العامة تراسل جميع الوزارات الوصية ورئاسة الحكومة والجهات المعنية من أجل التدخل لحماية مصالح المنخرطين وحقهم في الاستفادة من التغطية الصحية، لكن للأسف دون نتيجة تذكر، بل إن المنخرطين وممثليهم نظموا 9 وقفات جهوية ووقفة إنذارية أمام المقر الرئيسي لـ”كنوبس”، لكن، إلى حدود الساعة، لم نلمس أي تطور في الموضوع، ربما هناك جهات تحمي مدير الصندوق، لكن ما هو المقابل؟ هذا هو السؤال الذي يجب على جميع المغاربة طرحه، ولماذا هذا “الشطط” ضد التعاضدية العامة التي أصلحت إدارتها وحساباتها وحكامتها وخدماتها ونظمت انتخاباتها بشفافية وديمقراطية؟
أين وصلت الدعوى القضائية ضد “كنوبس”؟
هناك من يروج بأننا لجأنا إلى القضاء لمجرد المزايدة، والصحيح أننا نلجأ إلى القضاء بعد أن طالبنا بتحكيم الوكالة الوطنية للتأمين الصحي في ما يخص مختلف النقط العالقة، من بينها مشكل الأقنان، بتاريخ 10 نونبر 2015، لكن مدير الصندوق تغيب عن الحضور دون أن يعتذر والمحضر موجود، بل إن الوكالة راسلت رئيس الحكومة حول مجموعة من الأمور التي يعرقلها مدير الصندوق، من بينها هذا المشكل.
وبما أن التحكيم هو الأمر المخول لنا في حال وجود خلاف ولم يؤت أكله، فقد لجأنا إلى القضاء وباشرنا الأمر من خلال محضر استجوابي. واستمراراً في حسن النية، قمنا برفع تظلم إلى رئيس الحكومة يوم 22 ماي 2016 كما يمنحنا ذلك القانون، وسننتظر إلى غاية انتهاء المدة القانونية. وفي حال عدم تدخل رئيس الحكومة لحماية مصالح منخرطي التعاضدية، سيكون القضاء الفيصل بيننا، وبذلك نكون قد دافعنا عن حق منخرطينا بجميع الطرق المتاحة…اللهم إني بلغت.
بالحديث عن القضاء.. ما الذي يعني لكم حكم محكمة الاستئناف ببراءة الفراع؟
أولا لقد قدمت التعاضدية العامة طلبا للطعن في الحكم لدى محكمة النقض بعدما طعنت النيابة العامة في ذلك. صراحة ما يهمنا في التعاضدية في هذه القضية، كما سبق وقلنا في أكثر من مناسبة، هو استرداد أموال منخرطي التعاضدية العامة من مرضى وأيتام وأرامل وأشخاص في وضعية إعاقة، وهي المبالغ التي حددت في مائة وسبعة عشر مليار سنتيم، حتى يتم توجيهها إلى خدمة المنخرطين.
يعاني منخرطو تعاضديات القطاع العام من مشكل الديون المتبادلة والأخطاء في تحويل اقتطاعاتهم لكن المنخرط هو من يتحمل عواقب هذا المشكل ويحرمه من الاستفادة من بعض الخدمات.. ألن يتم إيجاد حل لهذا المشكل؟
حقيقة هذا المشكل يؤرقنا لأن المنخرط يعاني. وكتعاضدية عامة، طلبنا من التعاضديات الأخرى المعنية أن نعقد لقاءات تقنية ونكوّن لجانا مختلطة تنكب على إعداد سيناريوهات كفيلة بإيجاد حل نهائي لهذا المشكل، لكننا وجدنا أنفسنا نغرد وحيدين في السرب، ربما الأمر لا يحظى بدرجة الأولوية نفسها لدى مختلف التعاضديات. كما راسلنا الصندوق والوكالة ووزارة التشغيل للتدخل، لكن الأجهزة المسيرة للتعاضدية العامة حريصة على حل هذا المشكل لخدمة المنخرطين حتى ولو اقتضى الأمر اللجوء إلى القضاء.
معاناة أخرى يتكبدها المنخرطون وهي إغلاق صيدلية الصندوق.. ما هو رأيكم بهذا الشأن؟
لقد كان موقف التعاضدية واضحا بهذا الخصوص، فمدير الصندوق جعل بقراراته الأحادية الصيدلية في وضعية غير قانونية منذ أن قام بإغلاق مصحة التعاضدية التي ليست في ملكية التغطية الصحية الأساسية، والتي هي مصنفة من طرف جلالة الملك ضمن المآثر الإنسانية، في خطة لمحاولة الإجهاز على جميع مكتسبات القطاع التعاضدي، وهو الأمر الذي ظهر جليا من خلال مقترحه في المجلس الإداري الأخير للصندوق، والقاضي بتحويل الصندوق إلى مؤسسة عمومية، وإبعاد التعاضديات من مجلسها الإداري والسطو نهائيا على ممتلكات التعاضديات.
واليوم، المنخرطون يعانون الأمرين إذا لم نقل أصبحوا معرضين للموت، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة أو من قاموا بعمليات زرع للكلي أو الكبد؛ فالصيدلية متوقفة ولم تعد تزود المرضى بالأودية المكلفة، وقرار اعتماد الثالث المؤدى في الصيدليات لم يدخل حيز التنفيذ..اللهم إن هذا منكر ..فهل من منقذ؟
جدول أعمال المجلس الإداري للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي يتضمن نقطة حول التعاضدية العامة.. هل تعتقد بأن إدراجها أمر عادٍ؟
اطلعنا نحن كذلك باستغراب على إدراج هذه النقطة، خاصة أن القوانين المنظمة للتغطية الصحية، 65.00 والمادة 59 منه، تعطي صلاحيات فض النزاعات والخلافات التي يمكن أن تقوم بين أحد المتدخلين في التغطية الصحية للوكالة الوطنية للتأمين الصحي.
وما أثار استغرابنا هو أن مجموعة من الأوراق التي تتضمن شعار الصندوق وغير موقعة وتم إرسالها إلى أعضاء المجلس الإداري للصندوق، تكيل الاتهامات للتعاضدية العامة، مع العلم أن التحكيم الذي باشرته الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، والذي عرف تغيب مدير الصندوق بدون مبرر ولا سابق إشعار، أنصف التعاضدية وطالب رئيس الحكومة بإعادة الأمور إلى نصابها، وكذلك الاستشارة القانونية التي قمنا بها رفعا لأي لبس أوضحت أن مدير الصندوق يتصرف بطريقة أحادية وخارج الضوابط والقوانين الجاري بها العمل …إيوا الله يهديه على راسو.
لقد طالب مدير الصندوق في أكثر من مناسبة بتطبيق الفصل 26 القاضي بحل الأجهزة المسيرة للتعاضدية العامة.. ما هو ردكم؟
(ضاحكا) من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجر.. لا أفهم كيف لمدير “تحوم الشبهات حول تعيينه” في 2005 والتمديد له في 2013، أن يتحدث عن منتخب يكتسب شرعيته من صناديق الاقتراع، مع العلم أن القضاء زكى هذه العملية الديمقراطية.
الحمد لله، الأجهزة المسيرة الحالية حققت مجموعة من الإنجازات على مستوى التدبير والشفافية والحكامة الجيدة، حتى مأمور الحسابات يقر بأن الشوائب التي تعرفها مالية التعاضدية ترجع إلى ما قبل سنة 2009. أنا مرتاح البال ومتأكد من سلامة اختياراتي وكذا من نضج قرارات وتوصيات الأجهزة المسيرة للتعاضدية العامة. أما مدير الصندوق فهو مسؤول معين لم يقم بالعمل المناط به لخدمة دافعي راتبه السمين من أرامل وأيتام ومرضى، بل يكبدهم معاناة وخسائر هم في غنى عنها.