استضاف معهد واشنطن والمجلس الوطني للعلاقات الأمريكية العربية في العاصمة الأمريكية واشنطن ـ كلّ على حدة ـ أمين عام رابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى بحضور قيادات المعهد والمجلس وعدد من النخب الدينية والسياسية والفكرية الأمريكية.
وقد استهل مدير المعهد روب ساتلوف اللقاء بكلمة رحب فيها و معرباً عن سرور المعهد والحضور بلقائه المفتوح، فيما استهل رئيس المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية العربية جون ديوك اللقاء مرحباً بالضيف، تلا ذلك كلمة أمين الرابطة والتي شرح خلال لقاءيهما الأسس التي يرتكز عليها خطاب ومفاهيم الاعتدال، موضحاً أن الرابطة لقيت ترحيباً عالمياً بمبادراتها وبرامجها في الداخل الإسلامي وخارجه والتي تتركز على ثلاثة أهداف: أولها إيضاح حقيقة الإسلام ويتضمن ذلك نشر وتعزيز الوعي بالمفاهيم الصحيحة للإسلام في الداخل الإسلامي، ولاسيما التوعية ببعض النصوص الدينية والوقائع التاريخية والمصطلحات الإسلامية التي سعى التطرف لتحريف معانيها لصالح أجندة تشدده النظري أو تشدده العنيف أو الإرهابي.
واستعرض لذلك عدداً من الأمثلة والوقائع والمصطلحات، وأضاف بأن هذا الهدف يشمل أيضاً إيضاح المفاهيم الصحيحة عن الإسلام لغير المسلمين من خلال الحوارات والكتابات العلمية والفكرية بوسائل اتصالها المتعددة مؤكداً أن المعلومات آحادية الجانب سببت تضليلاً لمن لم يكن لديهم منهج صحيح في مصادر المعلومات وأن الإسلاموفوبيا كمثال كانت ضحية تلك المنهجية الخاطئة.
وتابع بأن هناك أخطاء صدرت عن بعض أتباع الأديان لا يتحملها إلا من صدرت عنه وأنه لا يمكن مثلاً أن نحمل المسيحية أو مذهبها الكاثوليكي تحديداً أخطاء ما يسمى بالحملات الصليبية والتي رفض عدد من الفقهاء والمؤرخين المسلمين تسميتها بالصليبية بل أنشأوا لذلك مصطلحاً جديداً لأول مرة يدخل القاموس الإسلامي وهو الفرنجة لأنهم رفضوا نسبة تلك الأخطاء الفادحة للمسيحية مدركين أن أهدافها كانت سياسية تحمل راية دينية غير صحيحة وقد شاهد المسلمون برهان ذلك في إبادة قرى مسيحية أرثوذكسية بالكامل خلال هذه الحملات، والأمثلة على ذلك كثيرة تشمل وقائع لأتباع أديان أخرى، ونحن في الإسلام لا معصوم عندنا في أقواله وأفعاله إلا النبي محمد صلى الله عليه وسلم والذي كانت جميع حروبه من أجل الدفاع ولمواجهة الظلم والاضطهاد ولم يدخل معركة مطلقاً من أجل فرض الإسلام على الآخرين.
أما الهدف الثاني من أهداف رسالة الرابطة فهو مد جسور الحوار والتعاون مع أتباع الأديان والثقافات والعمل معهم في دائرة المشتركات، وقد قلنا إن 10% منها فقط كاف لإحلال السلام والوئام في عالم اليوم، ولدى الرابطة في هذا مشروع مهم تعمل عليه في دول الأقليات الدينية والإثنية يتعلق بتعزيز الاندماج الوطني الإيجابي والإسهام في سد ثغرات وزارات الاندماج حيث يعاني عدد منها أخطاء أعاقت خططها وبرامجها، كما أن الرابطة تنشر الوعي لدى الجميع بأهمية تفهم سنة الخالق في الاختلاف والتنوع والتعدد وأنه إذا وجد الاختلاف فلا يعني عدم التفاهم، وإذا وجد الاختلاف فلا يعني عدم التعاون والتعايش كما لا يعني أيضاً عدم المحبة والتسامح، وهذه القيم تمثل لدى جميع الأسوياء راسخاً لا يُستدعى لحالة معينة أو زمن خاص بل يمثل ثابتاً وقاعدة عامة.
والهدف الثالث للرابطة هو أعمال الإغاثة والرعاية والتنمية في الأماكن المحتاجة وهي متاحة للجميع دون أن يكون هناك أي تفريق لأسباب دينية أو إثنية لكن هذه الأعمال تكون عن طريق الحكومات وليس الأفراد والمؤسسات مهما تكن درجة الثقة بهم.
ودار بعد ذلك نقاش مطول أجاب فيه الامين العام على أسئلة الحضور في كلا اللقاءين والتي شملت عدداً من الموضوعات المهمة.
فيما أشاد الحضور بتميز اللقاءين وشفافية الطرح المتبادل فيهما، والذي شمل فك كثير من اللبس والتداخل حول بعض المفاهيم، ومن ذلك التفريق بين التشدد الفقهي والتطرف الفكري، ومفهوم الجهاد، والأمة، والوطن، والخلافة، والولاء والبراء، ومعنى مصطلح الكفر في الإسلام، وماذا تعني الدعوة في الإسلام، وما حدود علاقة المسلم بغيره، وهل الثقافة الإسلامية رافضة وكارهة للثقافة الغربية وما مستوى الثقة بينهما قديماً وحديثاً وأسباب ذلك.
وقد أجاب عن كل منها بإيضاح لاقى تفهم الجميع فيما اعتبر النقاش الثري حولها وثيقة فكرية مهمة أوصى بعض المتداخلين بطباعتها ونشرها.
إلى ذلك أوضح الامين العام للرابطة أن الدين الإسلامي تأسس على عقيدة توحيدية تحترم الآخر وترعى حقوقه وكرامته وتعزز إيجاباً بفاعلية قيم إخوته الإنسانية، وعندما نقول بفاعلية نقصد أن مفهوم الأخوة الإنسانية المجرد موجود ومسلم به أياً كانت طبيعة العلاقة مع هذه الأخوة سلبية أو إيجابية فالأخوة الإنسانية قدر إلهي محتوم فالإنسان أخو الإنسان شاء أم أبى وهي عامة وخاصة، لكن يبقى تفعيل هذه الأخوة بالشكل الإيجابي فنحن نريد الزمالة والوئام الإنساني.
وأضاف: بأن تلك العقيدة هي عقيدة سمحة في تشريعها الداخلي وفي تعاملها مع الآخرين فهي تؤمن بأحقية الآخر في الوجود بل وتتعايش معه وتُسدي إليه العون والإحسان ومعنى ذلك أنها تؤمن بالحكمة الإلهية في الاختلاف والتنوع الديني، كما رسَّخ الإسلام قاعدة “لا إكراه في الدين” ودعا إلى الإحسان للجميع والعدل معهم من مسلمين وغيرهم، كما دعا لتأليف القلوب واللين مع الآخرين، ونهى عن أي خُلق يؤدي للشدة والغلظة، كل هذا بنصوص قرآنية واضحة.
وتساءل د.العيسى هل كان التطرف بوجه عام أو العنيف منه أو حتى الإرهابي يجهل تلك النصوص؟ وإذا كان لا يجهلها فلماذا لم يطبقها وبمعنى آخر ما هو موقفه منها؟ وأسهب معاليه في الإجابة على ذلك بالمحتوى الذي لاقى تفهم واستحسان الحضور.
وفي سؤال حول الفرق بين تنظيمي القاعدة وداعش أوضح العلاقة بينهما وأوجه الفرق، وختم بأن تأسيس كل منهما مر بمنبع وفكر واحد وأن كثيراً منهم كانوا قبل داعش في خندق إرهابي واحد.
وعن أسباب وجود هذه الظاهرة الإرهابية وتناوب أدوارها أجاب: سبق أن قلنا بأنه لا يوجد دين في أصله متطرف أو إرهابي، كما لا يخلو دين من أتباع له متطرفين أو إرهابيين، وأن هذا جرى عَبْر التاريخ من دين لآخر بين مد وجزر، وأنتم تعلمون أن التنوير تمت إعاقته في أوروبا عدة قرون بسبب التطرف الديني، وأن الأحكام الصادرة بتهم الهرطقة ضد علماء أبرياء كان فصلاً قاسياً في التاريخ الإنساني.
وتابع: ان الوعي التاريخي الإسلامي لم يرض بتسمية الحروب الصليبية إلا بحروب الفرنجة وهو مصطلح ناشئ جرى تداوله في ذلك الوقت لأنهم على يقين بأن المسيحية الحقيقية لا تفعل ذلك وهي التي وصف القرآن أتباعها بالمودة للمؤمنين والتواضع وعدم التكبر على الخلق ومن ذلك استخدام غطرسة القوة والهيمنة الظالمة، كما أن تلك الحملات أبادت قرى مسيحية أرثوذكسية، وبناء على ذلك فليس كل من رفع راية الرب كان محقاً، وقد صدر عن البابا يوحنا بولس الثاني اعتذار شجاع عن أخطاء تاريخية للكنيسة الكاثوليكية.
فيما أجاب البابا الحالي فرانسيس وقد سئل على خلفية عملية إرهابية قام بها مَن قيل إنه محسوب على المسلمين أجاب بأن دين الإسلام ليس إرهابياً وإذا كان بعض أتباعه قد قاموا بأعمال إرهابية فإن الكاثوليك صار من بعضهم ذلك، نفهم من هذا أنه ليس كل ما يُنسب للدين يُعتبر حقاً، وإذا كان ذلك خطأ جسيماً من بعض أتباع الأديان فإن الخطأ الموازي هو في تحميل الدين وبقية أتباعه ذلك الخطأ ونسبته لهم، نعود لنقول إن الظاهرة الإرهابية لها أسباب، منها الوجود الكوني للانحراف بوجه عام، وسبق أن قلنا إنه قد تبادل الأدوار وأنه ينشط ويخف من حين لآخر بين مد وجزر، ومن الأسباب تصعيد الحماسة الدينية مع ضعف الوعي العلمي والفكري والسياسي فقد يكون الشخص عالماً لكن ليس لديه دراية بالتدابير السياسية الحكيمة وينزل النصوص الشرعية بناء على خلفيته السياسية المحدودة وينتج عن ذلك أخطاء يُصنف بعضها بأنها تأتي في خانة خدمة التطرف العنيف وأحياناً الإرهابي، بينما مقاصد النصوص الدينية بخلافها تماماً فحفظ النص شيء وفهمه شيء آخر وإنزاله على الواقعة أمر ثالث، ويتم استنتاج مقصد النص في المرحلة الثالثة أكثر من غيرها، وإذا لم تتم عملية الاستنتاج بشكل صحيح كانت النتيجة الخطأ على النص وعلى الآخرين، إضافة إلى أن تصعيد الحماسة الدينية المجردة كان مبنياً على أسباب خاطئة من الأصل ولم يكن هناك يقظة مبكرة لها بالقدر الكافي من جانب، ومن جانب آخر ضعف المواجهة ولاسيما عدم الدخول في تفاصيل أيديولوجية التطرف ومن ثم الرد عليها، والأهم في ذلك هو التحصين من الصغر من قِبَل الأسرة والمدرسة ومنصات التأثير بوجه عام، وعلى الجميع تعليم النشء أيضاً كيف يفكرون.
وزاد معاليه ان من الأسباب أيضاً رغبة بعض الشباب التائه في البحث عن ذاتية مثيرة ومن ذلك إيجاد قضية كبرى يقتحم مخاطرها في سبيل الدين فيما يدعي ويتوهم، ويجد ذاته الدينية مكتملة في تلك الأفكار والأفعال ليشبعها إلى الآخر عن طريق ذلك الوهم، ومتى كان هناك فراغ في التحصين والمواجهة المدروسة تعمقت الهوة، ويوجد هذا في بعض بلدان الأقليات الدينية للشعور في بعض الأحيان بالحرمان والإقصاء والممارسة العنصرية ضدهم مع ضعف بعضهم في التحصين التوعوي، وكنا نقول بأن ظاهرة الإسلاموفوبيا خدمت التطرف الإرهابي بدليل أنه من أكثر المروجين لنماذجها الاجتماعية والسياسية، نعم روج التطرف الإرهابي لتلك الظاهرة حيث خدمته كثيراً، ثم تابع الشيخ محمد العيسى موضحاً أساليب علاج ذلك بالتفصيل.
وعن العلاقة التاريخية الروحية والثقافية بين الشرق والغرب والتي لا تزال تثار على أنها مشوبة بالتوجس والحذر وعدم الثقة بالرغم من التعاون المادي والتبادل المعرفي، قال الشيخ محمد العيسى: إن الفجوة الدينية والثقافية لم يتم التعامل معها في كثير من الأحيان والحالات بالأسلوب الصحيح ونتج عنها أن الشرق لم يفهم الغرب الفهم الصحيح وكذلك العكس، وقد تحدثتُ في إحدى المحاضرات بأن هناك ركائز خمساً في هذا الموضوع هي أولاً الإيمان بسنة الخالق في الاختلاف والتنوع وأنه لا يعني الصدام والصراع والكراهية بل على العكس تماماً فهذا الإيمان يُوَلّد وعياً وليس تصوراً مجرداً، كما أن التفهم لا يعني بالضرورة القناعة، وقد قال القرآن في ذلك لكم دينكم ولي دين، والثالث أهمية التعاون في منطقة المشتركات الدينية والإنسانية والتي سبق أن أوضحنا أن 10% منها فقط كافٍ لإحلال الوئام والسلام في عالمنا، والرابع أن البشرية جرّبت على امتداد تاريخها الطويل الصراع والصدام الديني والحضاري والإثني ولم تَعُد من جراء ذلك بطائل بل على العكس عانت طويلاً وكان الجميع خاسراً حتى المنتصر الأول هو في النهاية خاسر كصاحبه، والخامس أن الأخطاء التاريخية يتحملها أصحابها وليس غيرهم وليس في الإسلام أحد معصوماً إلا نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، وهو لم يَعْتدِ على أحد مطلقاً وإنما دافع عن رسالته من الهجوم والظلم والاضطهاد، ولم يَفرض دينه على أحد بالقوة مطلقاً وتاريخ سيرته كتاب مفتوح يقرؤه الجميع وليس له صلى الله عليه وسلم إلا هدف واحد هو رضا الله تعالى بينما الأهداف المادية والتوسعية كانت شائعة بين البشر إلا قليلاً منهم وكثيراً ما ترفع لها رايات دينية على امتداد نزاعات التاريخ الإنساني، والله تعالى برئٌ من أهدافها المادية والتوسعية، لقد استبيحت دول ومدن برايات دينية مزورة.
وجاءت مداخلة حول أن الإسلام نص على أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يدخلوا الإسلام، وهذا فرض للإسلام بالقوة.
وأجاب معاليه بأن المقصود بذلك ليس فرض الإسلام وإنما مواجهة الظلم والاعتداء والاضطهاد الذي واجه المسلمين ومحاسبة كل مجرم في ذلك وأنه لا يعفيه من العقاب إلا أن يعلن انضمامه للجماعة التي اضطهدها أو يدفع تعويضات الاعتداء بمقابل مالي يفرض عليه وهذا متداول في الأعراف الدولية قديماً وحديثاً، وبهذه المناسبة أشير إلى أن هناك بعض التفسيرات والتطبيقات الخاطئة لما يسمى بالجزية في الإسلام وقد ترجمت بـأنها Tribute فيما يرى آخرون كثيرون أن صحة ترجمتها هو Tax ، والمسلم تؤخذ من ماله أيضاً الزكاة بينما غير المسلم لا تؤخذ منه، ويفسرها البعض بأنها ضريبة على المال، والدليل على ما سبق أن هناك آية صريحة تنص على أنه لا إكراه في الدين وآيات أخرى أمرت بقتال من اعتدى ونبهت على المسلمين بألا يعتدوا على أحد بالقتال ما لم يعتد عليهم وختمت الآية بأن الله لا يحب المعتدين، وذلك أن الإسلام لقي من الناس وهم الذين حوله من الوثنيين ظلماً واضطهاداً كبيراً على حين تعايش مع أهل الكتاب في المدينة المنورة ولم يرفع السيف عليهم ويأمرهم بالدخول في الإسلام، وقد حصل من بعضهم وليس كلهم تصرف سياسي لا علاقة له بجانب الدين اضطر المسلمين لاتخاذ إجراءات سياسية لا تختلف مع ما كان متفقاً عليه في ذلك الوقت من قبل الجميع سواء من مسلمين أو غيرهم فليس الإسلام وحده من كان يتخذ مثل تلك الإجراءات وهو ما يسمى اليوم بالعرف الدولي والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحكم في الأمر ابتداء بل طلب من أولئك أن يُحَكِّموا من شاؤوا في شأنهم فاختاروا الحَكَمَ برضاهم التام فحَكَمَ في شأنهم باختيارهم بعدما أقروا بما صدر منهم من محاولة استئصال المسلمين بالاتفاق مع الوثنيين وهؤلاء هم فئة معينة كانوا من قبل في تعايش وتعاون مع المسلمين معنى هذا أن الموقف منهم ليس ضد حقهم في العيش بكرامة أو أنه ضد حقهم في الوجود الديني وحريتهم في ذلك فما حصل ليس موجهاً ضد الدين بل ضد تصرفات سياسية من بعضهم وليست من جميعهم كما قلت حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم تعامل مع البقية تجارياً حتى توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بل لقد قَبِلَ بجوار يهودي وزاره عند مرضه ولو شاء لا ختار من جيرانه أقرب أصحابه ومع ذلك لم يفعل، لقد أعطى الإسلام اليهود والمسيحيين خصوصية في التسمية فسماهم أهل كتاب وخصوصية في الأحكام تتعلق بأكل ذبائحهم والزواج منهم، وقدم الإسلام في هذا تسامحاً واضحاً وفي بعض الأديان من لا يقبل طعام غيره أياً كان مصدره، بينما نحن نقبل طعامه ونرى أنه اكتسب وصف الحلال لأنه صدر منه.
واضاف معاليه انه لو كان للإسلام موقف آخر لما كان منه هذه الخصوصية لهم ابتداءً والتي مثلت تشريعياً إسلامياً باقياً حتى اليوم وإلى قيام الساعة، وأحب أن أشير إلى أن النصوص يفسر بعضها بعضاً وأن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم تفسر النصوص كذلك، وأن ظاهر النص الذي ربما التبس على البعض يجب أن نفهمه من سياق القصة وهو ما يسمى بسبب ورود النص أعني الحالة الباعثة عليه ونفهمه أيضاً من النصوص الأخرى ومن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم فالشريعة تؤخذ بمجموعها وليس بالاجتزاء، وهذا في جميع الشرائع، بل نجد هذا في تفسير النصوص الدستورية والقانونية أيضاً.
وتابع: بأنه مع خطورة التساهل مع تنظيم داعش فإن القاعدة تظل أخطر وأنها حالياً في وضع كمون ينتظر ضعف المناعة لينشط مجدداً مضيفاً إن الهزيمة الكاملة للتطرف العنيف والتطرف الإرهابي لا تكون إلا من خلال تفكيك أفكاره التي بنى عليها كيانه الهش، وهي مع خطورتها على الشباب إلا أنها ضعيفة كما هي حال الفكر الذي تأسست عليه برمته وهي خطرة لكونها تستهدف شباباً مجرداً عن الوعي، أما التطرف المجرد عن العنف فمع كونه في الظاهر مسالم إلا أنه يمثل المواد الأولية لصناعة التطرف العنيف والإرهاب فما من تطرف عنيف وإرهاب إلا ومر بالتطرف الأول وتزود بنظرياته.
وحول سؤال عن نصيحة المسلمات الفائزات بمقعد مجلس ممثلي الشعب في الكونغرس قال الشيخ العيسى عليهن مثل بقية الأعضاء القيام بواجبهن الوطني وأن يكن عند ثقة الشعب الأمريكي بهن.
وحول المؤتمر الذي أقامته رابطة العالم الاسلامي في مكة المكرمة عن مخاطر التصنيف والإقصاء شرح الامين العام أهم وأبرز توصياته والتي أكدت على اعتزاز حضور المؤتمر والبالغ عددهم أكثر من ١٢٠٠ مفتي وعالم ممثلين لـ ٢٨ مذهبا وطائفة إسلامية أكدوا على تثمينهم وتقديرهم للدور الكبير الذي تقوم به المملكة العربية السعودية من رحابها المقدسة في قيادة العالم الإسلامي روحياً وعلمياً باعتبارها مركز ثقله ومرجعيته ورمزية تمثيله.