على اثر مُشاهدتي لبرنامج ضيف الاولى والذي استضاف السيد الياس العماري بصفته رئيس حزب الاصالة و المعاصرة و رئيس جهة الشمال، لم استسغ لحد الان تلك المسرحية التي عرضت أمامنا و التي تقاسم بطولتها الياس و التيجيني. لقد بدا جليا و منذ الوهلة الاولى ان تلك الحلقة سبقها استعدادات طويلة بين البطلين حتى يتمكنا من إبراز صورة القائد المناضل الثابت و السياسي الرزين المتمكن من ملفات الدولة بتفاصيلها وأرقامها. التيجيني الذي عهدنا فيه الصحفي الباحث عن الحقيقة و المحاور الجريئ هو الذي اطاح بوزيرة جوج فرنك و وزيرة 22 ساعة عمل، هو الذي تكلم عن الانشقاقات و الارث و المثلية بدون حرج، هو الذي وقف ندًّا للند لكل كتائب العدالة و التنمية في سابقة و جرئة ناذرين، هو الذي صفق له الجميع بل و ساندوه بعد تحامل آليات الدولة والحزب الحاكم على صحفي جريئ، ذاك التيجيني الذي كان يترجم تساؤلات المواقع الاجتماعية لأسئلة مباشرة و بكل شفافية لضيوفٍ قلّت المناسبات التي تطرح عليهم تلك الأسئلة و بتلك الجرئة. ذاك التيجيني لم يكن حاضرا مع الياس العماري بل تم تعويضه بببغاء يقرأ ما كُتب اليه بطريقة توحي و بالملموس التواطؤ و عدم الحياد، وبطبيعة الحال مع بعض المحاولات اليائسة لإنقاذ ماء الوجه. لقد كانت معظم أسئلته تصب في دلو ضيف الحلقة، فعندما يطرح مقدم البرنامج سؤالا لرئيس حزب معارض طالبا منه تعليقه على معدل النمو الذي وصل الى ٪1,5 في حين ان الوعد الانتخابي للحزب الحاكم يناهز ٪7 بدون شك ليس لإحراج المحاور بل عكس ذلك لإعطائه الفرصة المناسبة لجلد بنكيران و زبانيته كيفما يحلو له. كعادته التيجيني وفي الحلقات السابقة يطرح الأسئلة المتداولة بين النشطاء و باقي الفاعلين لكنه نسي في هذه الحلقة أسئلة تراودنا جميعا كعلاقة حزب ضيفه بزراعة الكيف، المستوى الدراسي للاستاذ الياس العماري و أهليته لقيادة الحكومة، علاقة الحزب بقوى الحكم و بلاط الملك، هل ما زال هناك تأثير لفؤاد علي الهمة على قرارات الحزب … الى غير ذالك من الأسئلة التي بقيت دون جواب. من المؤكد ان التيجيني كان مشغولا بتنظيف ربطة عنقه من بقايا “المرقة” التي تناولها في منزل الياس خلال البروفات اللتي سبقت التسجيل.
اما ضيف الحلقة و الذي مَثّل دوره لن أقول بامتياز لان آثار الحفظ و الثوتر كانت بادية على وجه رفيقنا العماري. هو الذي بالامس القريب كان لا يفرق بين معدل النمو و التنقيط على 10 ظهر في هذا البرنامج المسرحية متمكنا من الملفات الكبرى للدولة بل مقنعا و مقرها و معللا جل تدخلاته بالدلائل و الأرقام، ارقام أشك في فهمه لمضامينها.
مع كل ذلك أستطيع ان أقول ان من حقهما انتاج و عرض مسرحيتهم تلك ففي الأخير و اذا احتكمنا للقانون فهم لم يخالفوا القانون في شيئ، لكن ما يحز في القلب هو تهافت نخبنا الثقافية على التصفيق لهذه المسرحية، كل تلك الاقلام التي لم يجف حبرها في في التهليل بكل صغيرة و كبيرة عن بنكيران او ادريس لشكر او عائلتيهما او محيطهما لم اسمع او اقرأ منهم تعليقا واحدا عن هذا البرنامج و كأن المرقة جابت ربوع المملكة و نسيتني و معي خدام الوطن الحقيقين. نخبة التيليكوموند بدون شك .
بقلم : رشيد شجاري