على هامش الإعداد للدورة الثانية للمجلس الأعلى لإعداد التراب الوطني خص وزير التعمير مجلة أصداء المغرب العربي بحوار مسهب تطرق فيه للسياق العام الذي تجري فيه هذه الاستعدادات وحجم المنتظر من هذا الملتقى والنتائج المنتظرة منه على مستوى سياسة التعمير عموما بالمغرب.
س : في البداية نشكركم سيادة الوزير على تفضلكم بإجراء هذا الحوار مع منبرنا و الذي نستهله معكم بالتساؤل التالي:
- هلا قدمتم ورقة تعريفية لقراء منبرنا للمجلس الأعلى لإعداد التراب الوطني؟
ج : المجلس الأعلى لإعداد التراب الوطني هو هيئة وطنية يترأسها رئيس الحكومة وتضم في عضويتها كل طاقات وفعاليات البلاد من أعضاء الحكومة ورؤساء الجهات والولاة والعمال وكذا المقاولات و الأبناك وهي تعتبر أوسع هيئة موجودة في البلاد.
س : من المعروف أن آخر لقاء عرفته هذه الهيئة يعود لسنة 2004 وهذا يعني أن الفارق الزمني الآن يصل إلى 12 سنة، فهل يعني أن هناك عقبات وتعثرات شابت مسار هذه الهيئة ؟
ج : أنا لن أدخل في الأسباب و الدوافع التي جعلت الوزراء السابقين ربما يتجاهلون هذه الهيئة، لكن يظهر لي أنه لا يمكن بعد 12 سنة مع الدستور الجديد والصلاحيات الكبرى التي أعطيت للجهات مع التركيز على اللامركزية ألا نعقد اجتماعا للمجلس الأعلى لإعداد التراب الوطني من أجل تقييم ما تم إنجازه مند 2004 من حيث حجم احترام التوجيهات التي كانت في تلك المرحلة، وكدا حصر الايجابيات والسلبيات وما إلى ذلك.
كذلك هي فرصة للجميع من أجل تقييم الحكامة القطاعية والترابية و التوجهات المستقبلية لإعطاء التوازن الأكبر بين الجهات على مستوى التجهيزات المهيكلة للبلاد لكون الجميع يعرف أن المنطقة الشاطئية على البحر الابيض و على المحيط الاطلسي عرفت وتعرف قفزة نوعية كبيرة جدا و هدفنا الزيادة في وتيرة سرعتها وكدا الدفع بالمناطق التي لم تصلها هذه السرعة لأن إعداد التراب الوطني من شأنه العمل على إحداث فرص جديدة للشغل و البحث على ثروات جديدة وتوزيعها بعدالة.
س : من المعلوم أن دورة 2004 خرجت بمجموعة من التوصيات من ضمنها خلق لجنة تتبع، فهل استمرت هذه اللجنة في عملها و ما طبيعة مستنتجات أشغالها؟
ج : نعم اشتغلت ولم تتوقف، و هي اللجنة المسماة بين الوزارية، لكننا نعتبر هذا غير كافي على اعتبار أن إعداد التراب الوطني يجب أن يكون حاضرا في جميع المحطات الأساسية التي نضع فيها المخططات أو نبرمج مشاريع حتى نتمكن من خلق الظروف المواتية لاندماج ما هو قطاعي فيما هو شامل.
س : يلاحظ المتتبعون لشأن التعمير في بلادنا أنكم بادرتم في تنظيم مهرجان الهندسة فما السر في ذلك؟
ج : نعم هي مبادرات مستحدثة من ضمنها كما قلتم مهرجان الهندسة المغربية الذي سيكون إن شاء الله في المستقبل مهرجانا دوليا. وهي مبادرة لتسليط الضوء على الهندسة المعمارية المغربية على اعتبار أنه حان الوقت لتفكير جديد في هيكلة المعمار المغربي و تضمينه المجال البيئي و إدخال التقنية الحديثة عليه.
من جهة ثانية ينبني هذا المهرجان على إعادة قراءة التاريخ المعماري الوطني، فطيلة ستة أيام و الخبراء يلقون عروضا غنية تثري المهندس المغربي و التقني كما وقعنا اتفاقية مع المهندسين المعماريين ووزارة الصناعة التقليدية و الهيئة الممثلة للصناع التقليديين من أجل إدخال المواد المحلية و الصناعة التقليدية في البناء وهذا من شأنه أن ينعش الصناعة التقليدية و يجعل ثقافتنا حاضرة في مساكننا. و نستحضر بجلاء هنا جلالة المغفور له الحسن الثاني الذي يعود له كل الفضل في إعطاء الأهمية القصوى للصناعة التقليدية حينما أعطى أوامره لتوظيفها في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.
كذلك وفي القريب العاجل سنمضي اتفاقية مع رئيس جمعية الجهات ورئيس جمعية الجماعات الترابية من أجل دعوة كل المجالس الجماعية لإدخال الطابع المحلي على البناء بشكل يراعي خصوصيات كل منطقة على حدة .
س : و أنتم على وزارة التعمير، ما تقييمكم لسياسة التعمير في بلادنا عموما؟
ج : حقيقة التعمير مجال صعب، و لم تتضح فيه الرؤية بعد متدخلين بسبب كثرة المتدخلين وصعوبة حصر مرجعية المسؤولية، فهل هي من اختصاص الجماعات المحلية أم السلطات الإقليمية والجهوية أم وزارة التعمير أم الوكالة أم العامل أم القائد أم الشيخ ؟ و الإشكال يطرح بحدة على مستوى المراقبة لهذا نعمل الآن على تحديد نوع من المسؤولية عن طريق قانون هو حاليا موضوع بقية البرلمان والذي بمقتضاه سيكون العامل أو الوالي هو المسؤول على مراقبة البناء و له وسائل الدولة من أجل ذلك، وللوكالة اختصاص دقيق في اتخاذ القرار في مجال التعمير وفقط، ورئيس المجلس له اختصاص التجهيز من طرق و ماء وكهرباء و رخص البناء وهكذا، مع الحرص على أهمية التعاون والتكامل بين الجميع.
س : ما توقعاتكم لمدى نجاح هكذا مبادرات؟
ج : هذه مبادرات وجب علينا القيام بها، ويجب علينا كذلك أن نستفيد من تقنيات العلم سعيا لربح ما يكفي من الوقت، ونخضع أوامر جلالة الملك الموجهة لنا خلال الملتقى الذي قمنا به حول العقار للتنفيذ و الذي طلبنا جلالته عبرها بإعادة النظر في قوانين التعمير. فقمنا باجتماعات ولقاءات متعددة مع مختلف المتدخلين في مجال التعمير. ونحن نتطلع للاستفادة من تجارب الخارج في التعمير مع اعتماد ثرات تاريخنا و أن نكون قادرين على استثمار كل هذه الأمور في وثائق لتيسر المعمار في المغرب و نسهل تعامل المواطن مع الإدارة في هذا المجال بما يمكنه من الحصول على سكن لائق محترم وبثمن معقول و أن تكون المدينة بفضائها المعماري مجالا يحبه ويرتضيه…