في استهتار و تناقض غريب بين ما يحدث في النقل الجوي على متن الطائرات المغربية (لارام) داخل أرض الوطن, وما يقع عند النقل خارجه، قد يخيل أو يتبادر للأذهان، وجود نظامين منفصلين يؤطران رحلات نفس الشركة داخل أرض الوطن وخارجه، وما يطرح تناقضا أيضا مقارنة مع كيفيات تنظيم نفس الشركة خارجيا، أو مع شركات طيران أجنبية، من قبيل العربية أو شركة الطيران التركية أو القطرية..
مناسبة القول، ما آثار الجدل لما نبه إليه راكب أجنبي على متن إحدى الطائرات المغربية (لارام)، في الرحلات الداخلية بين مدن الدارالبيضاء العيون والداخلة، حول مشكل استغلال الفضاء الخاص بإجلاء المسافرين في حالة الطوارئ، بعدما قامت الشركة المذكورة الى تثبيت ما مجموعه 18 مقعد في الواجهتين المخصصتين للإغاثة..، إذ ما آثار الإستياء عن هذا الاستهتار والمتحدث يشير على شاشة هاتفه الى المجال الذي توجد به أبواب الإغاثة وسط الطائرة، على أن هذه الكراسي لا ينبغي أن تثبت في هذا المجال, وهو ما لا يوجد عند الحديث عن نقل نفس الشركة خارج أرض الوطن، الشيء الذي دعى الى الإستغراب وإثارة استياء المتتبعين، وما دفع الى طرح العديد من التساؤلات عن المسؤوليات وفعالية المراقبة والامتثال إلى القانون والأعراف المعمول بها في هذا الاطار. إذن، من المستفيد من عائدات المقاعد الزائدة بأمكنة الإغاثة؟، هل المبالغ المتحصلة منها تدخل ضمن مجموع عائدات الرحلة الواحدة أم الأمر غير ذلك…؟.
في هذا السياق، إذا كانت تذكرة طائرات الشركة المذكورة كمعدل يؤديه الراكب بحوالي 2000 درهم، وإذا ما احتسبنا مجموع عدد الركاب المضافين بالمقاعد الموضوعة بمجال الاغاثة بكل الخطوط الجوية الداخلية، سنكون أمام مبلغ 36 ألف درهم ذهابا ومثله إيابا، أي ما مجموعه 72 ألف درهم عن كل طائرة في رحلة واحدة. وعليه، هل جميع الطائرات تستغل الكراسي الزائدة ؟، بل كم من عقد أخل بحق الإغاثة نتيجة هذا الاستهتار؟.
وإذ الشركة المذكورة وهي تتناقض مع نفسها بين زيادة المقاعد واستغلال الفضاء المخصص عند الطوارئ داخليا ودون ذلك خارجيا، صفعت نفسها مرة أخرى وهي تتطرق عبر دليل ضد هذا التجاوز الذي وصفته بالخطير، والذي يمس بسلامة الركاب والزبناء، ويتمثل في الفيديو الإرشادي الذي يفسر للركاب كيفية التعامل مع الطوارئ، وكيفية ربط الأحزمة، وكيفية فتح أبواب الإغاثة، ولا يظهر الفيديو أثرا للمقاعد 18 التي تم تثبيتها….!
إن التساؤل عن الجهة المستفيدة من عائدات المقاعد الزائدة، يذكرنا تماما بفعل بعض مساعدي سائقي الحافلات العمومية بين المدن، بوضع كراسي خشبية أو بلاستيكية في الممر وسط الحافلة، وفي تقليد لمثل هذا الفعل في وسائل نقل تحلق عاليا، يعد سلوكا غير مألوف يضع دور المراقبة في قفص الإتهام؟، وينتقص من مصداقية هذه الشركة، لفعل يعد أسوء ما يجري بخصوص تدبير السلامة من جهة، ويطرح استفسارا فيما يتعلق بالملاحظين والمراقبين أثناء الصيانة داخل مطارات المغرب من جهة أخرى، مع العلم أن ركابا لمحو أيضا مخلفات حريق بأحد أجنحة طائرة لازالت بادية ومن دون إصلاحها، حيث يعم السواد جنباتها بشكل واضح، ما يؤكد مرة أخرى أن حريقا شب بجناح الطائرة ومن دون إزالة السواد بعد هبوطها، ولتترك هكذا من دون النظر في جميع الجوانب المتعلقة بالسلامة.
تشير دراسة للمجلس الأوربي لسلامة النقل الجوي، أن 40 في المائة من أصل 1500 شخص يموتون كل عام في حوادث طائرات، ونحو 600 ألف يموتون في حوادث غير مميتة، حيث أظهرت أن ما يزيد قليلا عن نصفهم يموتون كنتيجة مباشرة للإصطدام، ويموت الباقي بسبب الحريق أو الدخان أو المشاكل التي تنشأ أثناء عملية الإجلاء في حالات الطوارئ..، ما يعطي الإنطباع أن النقل الداخلي على متن الطائرات المغربية التي تستغل أمكنة الإغاثة لن يوفر فرص نجاة البعض، ولن ينجو أحدا من الموت، بالنظر الى الثواني المعدودة للإغاثة التي لا تتجاوز في أقصاها 90 ثانية، في إخلال واضح بمعايير السلامة الهامة وغياب جهود المراقبة.
خلاصة، إن الوضع الذي عليه الطائرات المغربية داخليا باستغلال أمكنة الطوارئ بتثبيت كراسي زائدة، لا يقدم صورة جيدة على سلامة المقصورة وسلامة الركاب، وبما في ذلك مسؤوليات أفراد الطاقم، والبيئة الآمنة في حالة الإجلاء. إذن هي مسؤولية تقصيرية مكتملة الأركان، من يتحمل تبعاتها؟.