في خبر إعلان اتفاق لتفويت حصة crédit agricole الفرنسية لمجموعة holmarcom وخطر تركيز اقتصادي جديد يكريس لامحالة للهيمنة الإقتصادية في سوق التأمين- البنكي ويضرب في الصميم توجهات الدولة نحو تفعيل التنافسية في هذا القطاع لخدمة المستهلك المغربي.
لقد صدر بلاغ اليوم الأربعاء 27 أبريل 2022 عن شركة credit agricole الفرنسية يؤكد توصلها الى اتفاق لتفويت حصتها من رأسمال بنك مصرف المغرب والتي تبلغ 78.7% لفائدة مجموعة اولماركوم ويأن هذا التفويت مشروط بموافقة السلطات المغربية. وهنا يجب الإشارة الى أن هذا الإتفاق يمثل تكريس لامحالة للهيمنة الإقتصادية في سوق التأمين- البنكي ويضرب في الصميم توجهات الدولة نحو تفعيل التنافسية في هذا القطاع لخدمة المستهلك المغربي.
لقد انعكست توجهات دستور 2011 في بابه المتعلق بهيآت التقنين و الحكامة، على صياغة كل من القانون المتعلق بحرية الأسعار و المنافسة رقم 104.12 و القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة، خاصة فيما يتعلق بصلاحيات ضبط و نظام المنافسة في السوق المغربية، و منها صلاحية مراقبة عملية التركيز الاقتصادي. وذلك لكون واقع الممارسة في المجال الاقتصادي الوطني أبان على أنه بدل من أن تنصرف المقاولات إلى تحقيق تنافسية حقيقية في السوق واستغلال كل الفرص التي تمنحها لتطوير أنشطتها وتحسين صورتها ومكانتها ، فأنها تلجأ إلى إبرام اتفاقات غير مشروعة تتوافق بواسطتها في الحد من المنافسة و تحقيق هيمنة اقتصادية، مما أدى إلى ظهور مخاوف لدى الجهات المشرفة على السياسة الاقتصادية و الوطنية من آثار هذه العمليات على بنيات السوق المغربي و حرية المنافسة، هذه المخاوف فرضت على المغرب نهج مجموعة من الإصلاحات في ميدان المنافسة، تهدف إلى خلق منافسة شريفة بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين، و هكذا تم تنظيم عملية التركيز الاقتصادي في قانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار و المنافسة وقد تناول المشرع المغربي الحالات التي يتحقق فيها عمليات التركيز الاقتصادي من خلال مقتضيات المادة 11 من القانون رقم 104.12 ،حيث جاء فيها تنجز عملية تركيز في الحالات التالية:
1 – حينما تندمج منشأتان أو عدة منشآت كانت مستقلة سابقا ؛
2 – حينما يقوم شخص أو عدة أشخاص، يراقبون منشأة واحدة على الأقل، بتولي المراقبة، بشكل مباشر أو غير مباشر، على مجموع منشأة أخرى أو جزء منها أو على مجموع منشآت أخرى أو أجزاء منها، سواء بواسطة المساهمة في رأس المال أو شراء الأصول أو بواسطة عقد أو غيرها من الوسائل ؛
3 – عندما تقوم منشأة أو عدة منشآت، بشكل مباشر أو غير مباشر، بتولي المراقبة على مجموع منشأة أخرى أو جزء منها أو على مجموع منشآت أخرى أو أجزاء منها، سواء بواسطة المساهمة في رأس المال أو شراء الأصول أو بواسطة عقد أو غيرها من الوسائل.
يشكل تركيزا في مفهوم هذه المادة، إحداث منشأة مشتركة تقوم بشكل دائم بكافة مهام كيان اقتصادي مستقل.
لأجل تطبيق هذا القسم، تنتج المراقبة عن الحقوق أو العقود أو الوسائل الأخرى التي تخول وحدها أو مجتمعة، اعتبارا لظروف الواقع أو القانون، إمكانية ممارسة تأثير حاسم على نشاط منشأة، ولا سيما :
– حقوق الملكية أو الانتفاع القائمة على مجموع ممتلكات منشأة أو جزء منها ؛
– الحقوق أو العقود التي تمنح تأثيرا حاسما على تأليف أجهزة إحدى المنشآت أو مداولاتها أو قراراتها.
وبالتالي أصبح مجلس المنافسة هو المختص بفحص مشروع التركيز و دراسته ، لتقدير مدى عرقلته للمنافسة و اتخاذ القرار المناسب بشأنه. ويعرف سوق التأمين -البنكي العديد من الخروقات والممارسات المنافية لمبادئ المنافسة الشريفة في السوق مما جعل سوق التأمين تغيب فيه أدنى شروط التنافسية الحرة ولا تحترم مقتضيات القانون 104.12 الخاص بحرية الأسعار والمنافسة خصوصا بعد تحرير القطاع من طرف الجهات الحكومية سنة 2006 وكما هو معلوم يتوفر مجلس المنافسة على أزيد من 7 ملفات من مهنيي الوساطة في التأمين ففط عن الخروقات المسجلة في قطاع التأمين والتأمين-البنكي ودون الأخذ بعين الإعتبار باقي الهيئات المهنية الأخرى مثل أرباب كراء السيارات والنقل السياحي ونقل المسافرين وغيرهم … معطيات تؤكد حجم الأضرار الجسيمة التي تمس العديد من الفاعلين في السوق بسبب غياب الرقابة من هيئات التقنين وفي ظل التواطؤات التي كرستها شركات التأمين فيما بينها من جهة وشركات التأمين وشركات الأبناك من جهة أخرى على باقي الفاعلين الإقتصاديين وأمنهم الإجتماعي وهي الملفات التي لا زال المجلس لم يبث فيها الى الآن.
فهل سيوافق مجلس المنافسة على إتمام هاته الصفقة و التي تدخل في باب للتركيز الإقتصادي رغم الخطورة التي ستشكلها على القدرة التنافسية للمقاولات المغربية من جهة ، و على أمن المستهلك من جهة أخرى، وضبط هاته المجموعات الاقتصادية في المستقبل وهو واقع الحال الفعلي منذ الآن؟!!!
يونس بوبكري
رئيس جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب.