وضع المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام، شكاية لدى وكيل الملك العام ضد مجهول، طالب فيها بفتح بحث معمق بخصوص وجود شبهة جنايات تبديد واختلاس أموال عمومية وتلقي فائدة، والغدر بخصوص التدبير العمومي بالمجلس الإقليمي لوزان.
واستنادا على التقرير المنجز من طرف المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية سنة 2016، وطبقا لمقتضيات الفصول 241-245-243 من القانون الجنائي، فالمكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام، طالب بتعميق البحث حول مجموعة من الصفقات التي أحدثت سنة2016، بالمجلس الإقليمي بوزان.
وحسب التقرير الذي أعده المكتب السالف الذكر فالصفقة رقم 10/2016، والتي فازت بها مقاولة “projet Ghomari ” وتتعلق بشراء مواد المقالع، عرفت العديد من التلاعبات بعد أسبوع من إعلان المجلس الإقليمي لوزان عليها، حيث تم تغيير الجدول التقديري بنقص كمية التوفنة وإضافة فصل أخر يتعلق بالحصى ” carvier”، إذ يعد هذا التغيير في المعطيات التقنية للصفقة مخالف للقانون وخاصة الفصل 45 من مرسوم الصفقات العمومية.
وحسب المعطيات المتوفرة فالمقاولتين اللتين تم إبعادهما قد قدمتا عرضين على التوالي بقيمة 733.200 درهم و506.000 درهم، دون إدراج الفصل المتعلق بالحصى والمواصفات الجيوتقنية المتعلقة به، وكذا عدم إخبارهما بالتغيير الذي حصل كما تفرض ذلك مقتضيات الفقرة 7 من المادة 19 من مرسوم الصفقات العمومية .
كما أن أشغال الإنجاز في هذه الصفقة عرفت تأخرا لأزيد من 14 شهرا على تاريخ بدايتها، بالإضافة أن القائمون عليها لجؤو إلى توقف واستئناف الأشغال، وهي آلية قانونية يعتمدها أصحاب الصفقات غير النزيهة قصد إعفاء المقاولة نائلة الصفقة من غرامات التأخير في إنجاز الأشغال المأمور بها وهو ما يحتم حجز دفتر الورش للتأكد من حقيقة توقف الأشغال من عدمها.
أما ما يتعلق بالصفقة رقم11/2016، فعرفت إقصاء مقاولة منافسة دون مبرر وعدم احترام مبدأ المنافسة، ليتم بعدها إسناد الصفقتين معا لنفس المقاولة “Ghomari projet”، رغم أنها لا تصرح بأي أجير لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتبين الشهادة المتضمنة للوسائل البشرية والتقنية المقدمة من طرف المقاولة أنها تتوفر فقط على 16 أجير وهو ما يعد مخالفة لمقتضيات المادة 24 من القانون المتعلق بالصفقات العمومية، كما أن المقاولة النائلة الصفقة لم تنصص على المواصفات التقنية الخاصة بآليات ” Chargeuse sur pneus” و “camion – citerne”، وكذا لم تحدد أماكن إنجاز الأشغال موضوع الصفقة في دفتر تحملاتها كما تفيد ذلك مقتضيات الفقرة (3.د) من المادة 3 من مرسوم الصفقات العمومية، وكذلك عدم إجراء التجارب المخبرية لمعرفة نسب دك الطبقة العليا” Tout de compactage” ومدى ملاءمة هذه النسب للمقتضيات التقنية المعمول بها .
ويتضح من خلال الصفقتين المذكورتين، أن المجلس الإقليمي لوزان صرف من أجل إنجاز 5000 متر مكعب من 60/0″ tout venant “، حوالي 979.600 درهم لشراء مواد المقالع وكراء الآليات أي بمعدل 196 درهم للمتر المكعب، رغم أن معدل إنجاز المتر المكعب الواحد لا يتجاوز 123 درهم، فيما بلغت نسبة التكلفة الزائدة للصفقتين حسب المكتب الوطني لجمعية حماية المال العام ما مجموعه 469.320 درهم والذي قد يكيف جنائيا بأنه يشكل اختلاسا للمال العام.
وفي السياق ذاته فالصفقة رقم 24/16 بمبلغ 1.048.068درهم والتي نالتها مقاولة” intratray”، عرفت العديد من الاختلالات، المتمثلة في الشهادة المسلمة من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التي تفيد أن المقاولة السالفة الذكر لاتصرح بأي أجير لديها، وحسب الشهادة الصادرة عنها تفيد بأنها تتوفر على ما لايقل عن 20 أجير، الأمر الذي يشكل مخالفة صريحة للمادة 24 من مرالصفقات العمومية، كما أن تدبير المشروع من طرف المقاولة النائلة بالصفقة تمت إدارته بطريقة عشوائية دون إشراك مكتب دراسات مختص في إعداد التفصيل التقديري لدفتر التحملات الخاص، أي أن كل الدراسات التي قام بها المهندس “عبد الكريم الدباع “، تعد غير نافعة بسبب اعتماده على أساسات “fondation” كانت موجودة ، فاقتصر البيان التقديري الذي أعده على الأشغال العلوية فقط” ttavaoux en elevation”.
ومع بداية الأشغال يقول المصدر ذاته، أن الأساسات الموجودة في عين المكان لايمكنها أن تتحمل أشغال بناء مسجد وعليه فإنه تم إعداد ملحق رقم 01 بتاريخ 12/12/2016 من طرف المهندس الذي كلف بالتتبع والذي حدد فيه مبلغ الأشغال الإضافية ” travaux Hors bordereaux” في مبلغ 359.496 درهم ،كما تم نقص بعض الكميات التي اعتقد مكتب الدراسات أنه مبالغ فيها ( الخرسانة والحديد) بمبلغ إجمالي قدره 325.000 درهم ليتم في الأخير الإعلان على أن مبلغ هذا الملحق هو 34.296 درهم فقط.
وعرف مبلغ الأشغال الإضافية غير الواردة في الصفقة الأصلية زيادة بنسبة % 34.30 من المبلغ الأصلي للصفقة، بنسبة تفوق بكثير %10 المحددة في الفصل 86 من مرسوم الصفقات العمومية مما يجعل الملحق المذكور مخالفا لمقتضيات هذا المرسوم كما أن الفصل 53 من دفتر الشروط الإدارية العامة ينص على أنه إذا فاقت نسبة التقليص 25% من الحجم الأولي فإنه يحق للمقاول أن يعوض عن الضرر الذي يكون قد لحقه من جراء هذا التقليص دون الحاجة إلى إبرام وإعداد ملحق بذلك .
أما الاختلالات الكبيرة التي عرفتها الصفقة رقم 19/16، والتي نالتها مقاولة الهلاوي El Halaoui” من أجل التأهيل الحضري لمركز تروال الشطر 2، فقد تمثلت في غیاب تصاميم الإنجاز المتعلقة بأشغال التهيئة وكذا التصاميم المتعلقة بالصرف الصحي، إضافة إلى عدم التنصيص في دفتر التحملات على سمك الطبقات من نوع( GNF) و (Gnb) التي ستنجز، وهو ما يبين ضعف الدراسات التي أنجزها
المكتب المكلف بذلك لصالح جماعة تروال .
وما يؤكد شبهة الاختلاسات التي ذكرها المكتب السالف الذكر، هو ضعف مراقبة وتتبع تنفيد الصفقة من طرف صاحب المشروع، بسبب غياب دفاتر ومحاضر تتبع الورش، مما يعد خرقا لمقتضيات المادة 18 من الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال” CCAGT”، ثم عدم أخد عينات جوفية من أجل مراقبة سمك الطبقات المنجزة للتأكد من الكميات المؤدات للشركة، ثم عدم مراقبة صاحب المشروع للوزن المصرح به من قبل المقاولة فيما يخص كميات الإسفلت المنجزة، بالإضافة إلى قلة الاختبارات التقنية اللازمة للتأكد من نسبة “toux de compactage” الطبقات من نوع ( GNF) و (GNB) و ( GNF3) ، مقارنة مع ماهو منصوص عليه في دفتر الشروط الخاصة ودفتر الشروط المشتركة.
ومن جهة أخرى فالاختلالات التي عرفتها الصفقة رقم 13/16، والتي نالتها مقاولة الهلاوي ” EL Halaoui”، من أجل تهيئ المسالك بمختلف جماعات إقليم وزان، لم يتم التنصيص خلالها على دفتر التحملات، وكذا على أماكن إنجاز الأشغال مما يحد من مبدأ المنافسة والشفافية، إذ لايمكن لمقاولة ما أن تحدد ثمن الفصول بدقة وهي لاتعلم مكان إنجاز الأشغال خاصة وأن الإقليم يتميز بطبيعته الجبلية الوعرة. كما أن هذه الصفقة كانت تحت مقص التوجه السياسي، حيث تم توزيع كميات الأشغال المتمثلة في 30 كلمتر من المسالك و 07 كيلو مترات من التبليط على 14 جماعة، وذلك لإرضاء أعضائها فقط، بالإضافة إلى غياب دفاتر ومحاضر تتبع الورش وهو ما يشكل خرقا لمقتضيات المادة 18 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال “CCAGT”، ثم غياب الدراسات الجيو تقنية والتصاميم المتعلقة بالإنجاز وعدم تسلم الطبقة الأرضية من طرف صاحب المشروع كما ينص على ذلك دفتر التحملات، بالإضافة إلى عدم تسليم المشروع في وقته رغم انتهاء الأشغال.
وبخصوص الصفقة رقم 01/2016، والتي نالتها شركة “OJETTE ” من أجل أشغال تهيئة المسالك بجماعة سيدي أحمد الشريف، والصفقة رقم 2019/15، والتي نالتها مقاولة driss Beton، من أجل تهيئة الحي الإداري بوزان، فقد شهدتا نفس الاختلالات التي تم ذكرها في الصفقات السالفة الذكر.
ويتبين من خلال المتحصل عليه من المعطيات فمقاولة الهلاوي ” El Halaoui ” النائلة بالصفقة رقم 2015/14، والمكلفة بإنجاز أشغال بناء الطريق الدائري لوزان، الذي تمت برمجته في إطار اتفاقية شراكة بين المجلس الإقليمي لوزان ووزارة الداخلية والمديرية الإقليمية للتجهيز، أنها قدمت عرضا يفوق العرض التوقعي للإدارة (72.871.736.4) بحوالي 12.662.149.44 درهم، أي بزيادة تفوق 17.38%، خصوصا وأن هذه الأخيرة نالت خلال سنة 2016 أربع صفقات بمبلغ إجمالي يقدر 20.876.2015.20 درهم، مما يطرح العديد من التساؤلات حول كيفية حصولها على هذه الصفقات رغم الحروقات التي تعرفها.
ويظهر من خلال الدراسات التي قامت بها المديرية الإقليمية للتجهيز، والتي حددت مسار الطريق على مقبرتين” بدوار کزروف” وتحت أسلاك الضغط المرتفع، وكذا على عقار مخصص لمحطة تصفية المياه العادمة، إذ لم يتم الانتباه لذلك إلا عند بداية الأشغال مما فرض توقف الأشغال منذ 2016/8/15 من أجل إيجاد الحلول التقنية اللازمة لتغيير المسار على طول 05 كيلومترات وهو ما ينتج عنه الزيادة في التكلفة المالية وهدر الوقت. ومن أجل تسوية وضعية مراقبة جودة الأشغال قام المجلس الإقليمي لوزان بإبرام سند الطلب رقم 01/2016 بتاریخ 2016/4/12 بمبلغ 199.740 درهم مع مكتب الدراسات ’’trecq”، وتبين بعد ذلك أن الأشغال موضوع سند الطلب قد انطلقت قبل ذلك في فبراير 2016.
ومن أجل تهيئة المسالك بمختلف جماعات الإقليم، اتضح أن البيان المتری موقع فقط من طرف المقاولة نائلة الصفقة ومكتب الدراسات دون صاحب المشروع، مع عدم التنصيص في الرسائل الدورية الموجهة إلى المتنافسين على تاريخ إيداع العروض، ثم إعداد سندات الطلب المتعلقة بأشغال تهيئة مقر الإقليم وتهيئ مقبرة “بدوارمزاورو” بسيدي أحمد الشريف ، وشراء المكيفات وكذا سندات الطلب المتعلقة بشراء أدوات المكتب والمعلوميات من دون تحديد آجال التنفيد وتواريخ التسليم وشروط الضمان كما هو منصوص عليه في المادة 88 من مرسوم الصفقات العمومية.
ووفق تقرير المكتب العام للجمعية المغربية لحماية العام، فقد تم اللجوء إلى تسوية مجموعة من الأشغال والتوريدات عن طريق سندات الطلب مما يعني أن المنافسة كانت شكلية، كما أن تدبير بعض سندات الطلب غير قانونية، بالإضافة إلى تدبير النفقات عن طريق القانون العادي واتفاقيات الشراكة، أما بالنسبة للنفقات المتعلقة بالوقود وقطع الغيار وصيانة وإصلاح السيارات والآليات، وحسب سند الطلب رقم 07/16 قد تم صرف مبلغ 49.997.17 درهم لفائدة بعض الأشخاص الذين لاتربطهم أية علاقة بالمجلس الإقليمي لوزان، كما يتضح من خلال جدول استهلاك الوقود أن 26% من المبلغ المخصص للوقود للاستهلاك من طرف سيارات لاعلاقة لها بالمجلس الإقليمي لوزان ،كما أن الكمية المستهلكة من طرف كاتب المجلس” نور الدين بن علي” تبقى غير مبررة تبعا لمقتضيات الفصل 67 من القانون التنظيمي رقم 112/14.