لاشك أن المتتبع لأشغال البرلمان يلاحظ عملية التصويت على مشاريع قوانين وسط غيابات بالجملة سواء في صفوف الأغلبية أو المعارضة مما يطرح العديد من الأسئلة حول طبيعة الأدوار الحقيقية المنوطة بالبرلماني وحجم تقديره لمسؤولية الإنابة على من صوت عليه و نقل هموم ومشاكل الشعب إلى فضاء قبة البرلمان.
فما معنى أن يتم طرح مشاريع قوانين للتصويت في غياب 300 برلماني بمن فيهم 60 برلمانيا لحزب رئاسة الحكومة؟ فهل يعني هذا أن الحكومة واثقة من تمرير قوانينها دون حاجتها لتواجد البرلمانيين بمن فيهم الذين يؤمنون لها الأغلبية؟
أسئلة و أخرى تطرح بحدة حول المشهد البرلماني ببلادنا، فعلى سبيل المثال لا الحصر تمت المصادقة على قوانين متعلقة بوكالة المغرب العربي للأنباء مؤخرا بحضور ربع عدد البرلمانيين بينما تخلف الباقون، ومن بين ذاك الحضور الهزيل أيد مشروع القانون 70 صوتا من أصل 244 برلمانيا محسوبا على الأغلبية، في حين عارضه 16 نائبا من أصل 102 فقط محسوبين على حزب الجرار، في الوقت الذي امتنع عن التصويت 14 برلمانيا استقلاليا من أصل 46 برلمانيا محسوبين على ذات الحزب. و الخلاصة الجردية لهكذا غيابات توضح أن المتخلفين عن جلسة مناقشة القانون السالف الذكر و التصويت عليه تفيد بغياب ما يناهز 174 نائبا عن الأغلبية ضمنهم 55 نائبا عن حزب البيجيدي المتزعم للحكومة، وكذا غياب ما يقارب 86 برلمانيا من المعارضة، وهذا يدل على أن العمل البرلماني عند البعض لا يؤخذ بالجدية اللازمة، ولعل المقعد البرلماني بالنسبة إليهم هو قنطرة موصلة إلى تحقيق المنافع الذاتية ليس إلا مما يكون له سالب الأثر على أداء الدور الحقيقي لهذه المؤسسة الدستورية التي هي منبر الشعب أولا و أخيرا…