يعاني سكان دوار المطاحن التابع لجماعة غياثة الغربية باقليم تازة أزمة حادة تتعلق بالبناء والتعمير، تناولها أيضا تقرير قضاة المجلس الأعلى للحسابات منذ 2014.
السكان يشتكون من حظر البناء والتعمير في الدوار، لسبب أن طبيعة الأرض سلالية أو أرض الجموع، وكأن هذا الدوار معني لوحده في المغرب باحترام الظهائر المتعلقة بهذا النوع من الأراضي، مما جعل السكان يعانون حالة ترهيب نفسية وإدارية وقانونية، وأصبحوا في هذه الحال ضحايا شطط اداري من قبل عدة جهات في الإقليم، تتجاوز اختصاصات المجلس القروي والسلطات المحلية بذات الجماعة.
لا يمكن حصر مشكل البناء في هذا الدوار المترامي بتبادل الاتهامات بين الرئيس السابق والقائد سواء السابق او الحالي بقيادة غياثة الغربية، ولو تعاملت الجهات الاقليمية المعنية ومنها مصلحة التعمير بالعمالة، ومندوبيات السكنى والتعمير، لكان دوار المطاحن اليوم، نواة عمرانية مؤهلة لتشكل القاعدة السكانية لجماعة غياثة الغربية التي ظلت في احتضان جماعة أخرى هي بلدية واد أمليل منذ 1992.
وسجل تقرير المجلس الأعلى للحسابات عدة خروقات تهم التعمير بهذه الجماعة، ولا يمكن اليوم التغطية على هذه المشاكل بتبادل التهم بين من تحملوا المسؤولية سابقا والسلطات المحلية في شخص قائد غياثة الغربية، سواء الحالي أو سلفه. لأن ازمة البناء بالدوار عمرها عقود. ليبقى المطلوب فعله، حسب السكان بهذا الدوار الذي اوفدت اليه “أصداء م ع” موفدين للوقوف على حقيقة ما يجري فيه، واستمعت لغيض السكان وصراخ حناجرهم كبارا وشبابا رجالا ونساءً، وهم يطالبون بفتح تحقيق نزيه حول من أغرقهم وأثقلهم بغرامات وذعائر البناء غير المرخص، فيما كان المطلوب هو مساعدتهم على بناء منازلهم في اطار حل واقعي، لا يتذرع باعتبار الأرض سلالية أو أرض جموع، لا يمكن البناء عليها.
الدستور يضمن للمواطن المغربي، حقوقا ومنها الحق في السكن اللائق.(في الصورة أسرة تعاني من أمراض تنفسية لكون السكن غير لائق). سكان دوار المطاحن لا يتوفرون أيضا على مرافق عمومية، ومنها مركز صحي، أو نقل مدرسي لأبنائهم، بل لا حق لهم في بناء مساكنهم أصلا.
توسع الدوار بشكل عشوائي، ولم يكن ليكون هذا حال “المطاحن”، لو جرى تنظيم البناء فيه منذ ادراجه في تصميم التنمية لعام 1992.
وصلا موفدا “أصداء م ع” الى ذات الدوار، ربما مصادفة، وذلك 24 ساعة فقط على حصول انتفاضة سكانه في وجه رجل السلطة الأول بالجماعة، مرفوقا بعدد من أفراد القوات المساعدة يحملون معهم فؤوسهم لهدم منازل… تم اتهامه بكونه هو من اغمض عينيه لبنائها.
يحكي السكان أنه كادت تحصل كارثة لو لم يتوقف الهدم ولم ينسحب “القايد والمخازنية” من الدوار. أغمي على سيدة كان بيتها موضوع الهدم، وتم نقلها على متن سيارة اسعاف.
تتكهرب الأجواء في ذات الدوار، كل مرة يسمعون بقدوم رجل سلطة…لكن الرئيس السابق وصف ما جرى قبل ذلك اليوم، بمسرحية جرى التحضير لها مسبقا للتمويه على خروقات السلطات ذاتها. وهكذا يستمر شد الحبل بين الطرفين، ويبقى المتضررون الحقيقيون هم السكان. هذه هي ملامح العهد السابق في الدوار وفي الجماعة برمتها.
من مظاهر شؤم العهد السابق، يؤكد عبد الكريم كربي، الذي قدم نفسه على أنه ناشط جمعوي أن السلطات الإقليمية في شخص عامل تازة لا يقيم وزنا للعمل الجمعوي بالإقليم، إن لم يكن ضد جمعيات دون غيرها. وكشف كربي أنه أوصل الى عامل تازة أزيد من 150 شكاية “وأن عدم الرد، ولوعلى شكاية واحدة منها جعلنا نطلب لقاءه، ومن خلال النقاش معه، يرى كربي أن الحديث مع رجل سلطة من عيار ممثل جلالة الملك، ينزل الى مادون دون المستوى مضمونا وشكلا”. ويضيف ذات المصدر أن مسؤولا آخر بالعمالة متواطئ مع الرئيس السابق او المخلوع كما يسمونه. وهو نفس المسؤول الذي وقف سدا منيعا ضد التطور العمراني الإيجابي بدوار المطاحنة.
امام هذه المستجدات، أكد منتخبان لـ”أصداء م ع” عن ذات الدوار وهما خالد جابر، واحمد الطيبة ان الحل لمشاكل التعمير ليس فقط بدوار المطاحن، بل على مستوى الجماعة برمتها يكمن في انكباب كل السلطات الإقليمية المعنية في إشارة الى وزارة الداخلية، ومندوبية السكنى بذات العمالة على حل كل مشاكل التعمير في الاراضي السلالية لانهاء حالة الارهاب التي يعانيها السكان كل مرة يسمعون فيها بقدوم مسؤول الى دوارهم.
لا أحد يتهرب من القانون يقول المستشار احمد الطيبة، مضيفا أن اخراج وثيقة التعمير الى الوجود ستصبغ اطارا قانونيا على البناء والسكن، بهذا الدوار بما يراعي كرامة المواطن سيما بعد ادراج المنطقة في برنامج التهيئة، وهو ما حصل بتاريخ 27 يناير 2017، وقد صدر القانون بالجريدة الرسمية ولم يبق إلا العمل لإنهاء مآسي السكان المقهورين بذعائر يصل عددها بالنسبة لبعض الأسر 15 ذعيرة بمبالغ مالية مختلفة. ومن السكان أيضا من هم في عداد المبحوث عنهم لسبب توريط هذا او ذاك امام المحاكم بتهمة بناء سقف يجتمع تحته هو وفلذات كبده.