بقلم / ذ. ادريس الاندلسي
لا تكفيهم ساعات النوم لإعادة اكتساب الوعي بيوم جديد. ليلهم طويل بسبب اشتغالهم بالحياكة و محاولة ضبط كل أساليبها الممكنة و غير الممكنة. الأمر لا يتعلق بصناعة النسيج و لكن بنسج أكاذيب و ترهات و خليط من الشيخوخة و التهييج. الكابرانات يجتهدون كثيرا و ولعهم بالرياضة خطير و خصوصا بكرة القدم. عانق شنقريحة كأس شباب يبحث عن مستقبل في ظل حرية لكي يصل إلى أعلى درجات الإبداع. فكانت قبلته المطبوعة على الكأس شرا و وبالا على كل نتائج الفرق الجزائرية التي تضم مواهبا كبيرة و مدربا من طينة جمال بالماضي. و وقف بجانبه سجين المرادية محملقا في رغبة القائد الأعلى للسيطرة على المشهد الرياضي الجزاءري. و كم سعدنا بمباريات جميلة للفريق الوطني للجزائر على مر السنين بقيادة ” للماس و مرورا بمادجر و لخضر بلومي وصولا إلى إبن المغربية الحرة و صانع فرجة السيتي رياض محرز.
العسكر الجزاءري يريد أن يمضي في طريق صنع أمجاد الكرة في سجن كبير إسمه تندوف. أمر الكابرانات، و حاشا أن القبهم بالجنيرالات ، مولودية الجزائر أن تهبط إلى أدنى المستويات و أن تنزل إلى درجه ما تحت الصفر في ممارسة كرة القدم. خجل أبناء المولودية أمام محتجزين و سجناء تندوف. و أقسم الكابران الكبير على أن يلعب منتخب تندوف ضد اعتى الفرق في أمريكا اللاتينية و أفريقيا ولو كلف الأمر ملايين الدولارات. و تؤكد مصادر ،غير موثوق في صدقيتها ، أن مدربين من طينة كوار ديولا و مورينيو و تشافي قبلوا كل الشروط للانتقال إلى تندوف للسهر على ضمان تأهل منتخبها لكأس أفريقيا بالمغرب و لخوض مباريات كأس العالم المقبلة. و من فرط الحب لمنتخب تندوف، أقسم الكابران شنقريحة على التفرغ لتشجيعه حتى الرمق الأخير. و من الحب ما قتل و من الرغبة في العبث ما زاد في ضعف المثانة و أعطى كل الرخص ليتدفق الماء في كل الاتجاهات .و مهما كان الأثر باديا على سراويل الآمر الناهي المتواجد في كل مراكز القرار دون أن يسيطر على منسوب تسرب آليات القرار إلى أسفل ركبة ثم إلى حذاء مرورا بجوارب و حفاظات.
غفى للحظة و أستمرت الغفوة، فإذا به في الملعب الدولي العالمي في تندوف، و إذا بفريق تندوف يهاجم و الفريق البرازيلي يجد عناء كبيرا في صد هجمات فريق يضم عناصر من تندوف و مالي و تشاد و كوبا و من وهران و مدن أخرى. قرر الكابران الأول أن تفوز تندوف بكأس العالم و رصد لها مليار دولار بموافقة الرئيس الجديد الذي خلف تبون في المرادية. و يستفيق فجأة ليرى أن طبيبه الخاص يحاول مساعدته على تغيير ملابسه الداخلية. يحاول التصدي لهذا الهجوم على المغرض ظنا أنه هجوما من المغرب. يضطر الطبيب إلى معاملته بليونة لكي يستفيق من حلمه. يخبره بعد جهد كبير أن كأس العالم و مبارياتها إنتهت منذ شهور و أن الجار المغربي قد وصل إلى نصف النهاية. ماذا تقول، قال الكابران الأكبر، و مد يديه إلى خزانة على يمين سريره، كان يوجد فيها مسدسه القديم. تفاجأ لخلو خزانته من المسدس و ذخيرته وحاول النهوض لتهذيب الطبيب الخائن لكنه سقط مغشيا عليه. استفاق بعد جهود طبية و كان ذلك بعد شهور من غفوته الأولى. سأل الطبيب بكثير من العنف عن بذلته العسكرية، لكن الطبيب أبتسم و قال له بكثير من الإحترام، : حمدا لله على رجوعك إلينا بعد هذه الشهور من غيبوبة دامت كثيرا. انت الآن في مصحة في زيوريخ و قد تأكدنا من اقتراب شفاءك من عقدة الكابران الأكبر و قد استطعنا من اخراجك من أزمة متلازمة امكالا التي كانت تدفعك إلى الخلط بينها و بين حرب الرمال. و زاد الطبيب من طمأنة الكبران الأكبر على أن الجزائر اليوم يحكمها رئيس لا حكم للعسكر عليه. و أكد له أن غيبوبته أدت إلى تصالح كبير بين القادة الجدد و الشعب و أن الحراك السلمي قد رسم الطريق إلى مصالحات تاريخية. و أكد الطبيب أن كل الكابرانات طلبوا الصفح و سلموا كل ممتلكاتهم لخزينة الدولة. و اخبروه أيضا أن كل قاطني تندوف قد غادروها في إتجاه مالي و موريتانيا و جزء قليل منهم قال بصوت عال ” أن الوطن غفور رحيم “ و سكن إلى عشيرته و أهله. سمع الكابران الأكبر هذا الكلام و هام في صمت رهيب و عانق وسادة لكي يرجع إلى حلمه عسى أن تصل بوليساريو إلى كأس العالم في آخر الافية الثالثة . و في إنتظار المحال لا زال ينفق المال بالملايير على الضلال إلى أن يسقط جهل أصحاب الحال. و هكذا لم يدرك الصباح شهرزاد و لم يسكت الكابران عن الكلام المباح. قالت بأعلى صوتها عند انتشار النور أن ظلمات الثكناتستبور و أن صبح الحقيقة منصور و أن سلاح الخردة مبتور.
و يحاولون أن يستفيقوا بعطاف بعد سحب جواز لعمامرة و يسخرون خبراء الشتم و القذف بشتى النعوت المنحطة، فلا يجدون حلفاءهم حين كانت الأموال البترولية تتدفق على حاملي تفويضات التصويت. مسلسل الخسران كل لا يتجزأ و الأمر يتصل بتاريخ لا مكان للكراغلة فيه. لن ترضى عنكم ريال مدريد أو البارصا أو كل فرق أوروبا. العبوا و افرضوا سيطرتكم على فرق وهران و قسطنطينة و الجزائر و تبسة و غيرها و لكن لن تضمنوا حب شعب الجزائر لفرق غير جزائرية. ” وان تو تري فيفا الجيري “ لن تقال لفريق يقدسه الكابرانات على حساب أبناء الشهداء. أما كلام السفهاء فمصيره ظلام قنوات الصرف الصحي. الأصل في الأنساب و جذور العائلات كتابات تاريخية توثقها شجرة الأنساب.
و لكل باحث عن أصل أو عن جذور أن يتوخى الحذر لأن الكلام حين ينتفض عن عواهنه يكشف أسرارا عن مصدر الخبائث. ولأن الأمر متعلق بالاستعمار و ممارساته فنسأل مصادر التأريخ. لن اقذف إبن محصنة و لكن أوصيه بالكياسة قراءة تاريخ بلاده. العارفون من كل الجذور يقرون بخيانة عبد القادر لكن ناصروه و يعرفون أن ضيوف وجدة خانوا العهد و قال المراكشي بن بلة أن الإستعمار الفرنسي قدم لهم هدية جغرافية لم يرفضوها. هكذا هي شهامة من نصبوا أنفسهم قادة لصنع تاريخ جديد في الجزائر. كانوا على موعد مع الإفلاس الإقتصادي و فتحوا طريقا لأبناء فرنسا لكي ينهبوا ملايير الغاز و البترول. و لا زال شعب ” الساحقات في الجبال الطاهرات…” ينتظر أن ” تحيا الجزائر “. لكن قوة الكابرانات المدعومة من الشرق و للغرب تؤجل الاستقلال إلى أمد بعيد. و لكن الأهم هو أن يصل منتخب تندوف لكرة القدم إلى نصف نهائي كأس العالم بدل المنتخب الوطني المغربي. النوم الهادئ مستحيل لأن الهدف مستحيل