شفاء جارنا الشرقي : هدف إستراتيجي

د. ادريس الاندلسي
أعلم بكثير من اليقين
أن كثيرا من الأشقاء الجزائريين يمتلكون الخلق الطيب  و العقل الرزين  و العلم بكل ما يحيط بهم من عوامل الإحباط. تسلط عليهم خدام الإستعمار الذين قتلوا  و اغتالوا أكثر بكثير مما قتله جنود المستعمر. الكل يعرف جيدا أن أسطورة مليون  و نصف مليون شهيد صناعة إعلام من خرب اقتصاد مصر  و الذي سخر كل شيء من أجل زعامة ظهرت هشاشتها في  1967. و أستمر عبد الناصر المنهزم  رغم  كل شيء. الخيانة أتت من داخل فريق ” الثوار ” الذين خانوا شعبهم  و اعتقلوا نشطاء كل التيارات الفكرية التي كانت تصول  و تبدع حين كانت أم الدنيا ملكية  و حين كان للعمل السياسي  و النقابي معنى و مضمونا  و فعلا في المجتمع. عسكر الثورة خنقوا الحريات  و ملئوا  السجون بكل من خالفهم  و تضخمت الأنا لدى جمال عبد الناصر حتى هزيمة  مذلة  و وصل إلى مركز القرار من اظهروا أن العقل هو سيد العارفين. لكن  اللواء الذي اشترى  الأسلحة  الفاسدة لا حق له في إدانة الملك فاروق.  و رغم الهزيمة تحول كل لواء إلى رئيس شركة عامة أو  سفيرا في كثير من دول الامبريالية.

يوم الجزاءر هو استمرار لوهم الزعامة الناصرية مع فارق كبير إسمه الانتهازية  و السيطرة على خيرات بلاد المغرب الأوسط. أن تكون عالما أو مهندسا  أو خبيرا أو طبيبا  في تلمسان  و وهران  و قسطنطينة أو في العاصمة فسيظل وضعك في مرتبة الهشاشة  و حلمك في غد أفضل أقصى متمنياتك.  قال لي أحد الأصدقاء الجزائريين أن المسلك إلى شيء من العيش الكريم يقتضي واسطة توصلك إلى مرتبة عليا في جيش، يوصف  خطأ ” أنه شعبي.

حبا الله جارنا الشرقي بخيرات كان بالإمكان أن تضع الشعب في أعلى المراتب عالميا.  كان من الممكن أن تكون الأسواق مثل أسواق الخليج  و القدرة الشرائية للمواطن الجزائري مثل مستوى مواطني الخليج.  و كان بالإمكان أن يكون اقتصاد الجزائر المظلومة قاطرة في كل المجالات للقارة الأفريقية.  و لكن الجهل  و ضعف ثقافة الانتماء للوطن و شيوع  سلوكات الاستغلال  و الاغتناء غير المشروع طغت على قيادات ما كان يسمى بالجيش الشعبي الجزاءري.  خلال العقدين الأخيرين خصص كابرانات الجيش أكثر من 300 مليار دولار لشراء خردة الأسلحة الروسية  و ما  رافقها من عمولات وصلت إلى السماء  في حسابات سرية في سويسرا و كثيرا من الجنات الضريبية. و لن يستفيد كل سارق  مما سرق  من عمولات  و رشاوي لأن الغرب  و مؤسساته لها  القدرة على تحويل الأموال إلى مداخيل عمومية.

من حق كل جزائري أن ينتفع بخيرات بلاده.  من حقه الولوج إلى ” أفضل منظومة صحية ” كما  وصفها المدعو عبد المجيد تبون الذي يفرض عليه العسكر مستشفيات استعمارية.  من حق المواطن الجزاءري الدخول إلى كل الأسواق  و اقتناء اللحوم و الأسماك  و الخضر و الفواكه  و الزيوت  و الألبان  و الدواء  بأسعار في متناوله.  لك الله يا شعب الشقيقة الشرقية. لن نتباهى بكون أسواق المغرب منفتحة  و غنية بكل المواد، لكننا نعترف أن إرتفاع الأسعار خلال الشهور الأخيرة كان لها تأثير على القوة الشرائية لكثير من المغاربة.  و لذلك نعيش على إيقاع مظاهرات يومية  ضد غلاء المعيشة.  نتواجه مع قوات الأمن  و نتعامل بيننا بمسؤولية، لكننا نصر على مواجهة الحكومة بكل الوسائل.  ثقافة الاحتجاج في المغرب لا يمكن أن تخضع للمنع .

و رغم هذا الإقرار بالصعوبات، فلا يمكن لأي عاقل أن يفهم العلاقة بين تزايد مداخيل دولة الجزائر  و بين ضيق العيش  و تراجع القدرة الشرائية للشعب.  لا يفهم كل ذي عقل تراجع الدينار الجزاءري في ظل ميزان مدفوعات متوازن  و مستوى مخزون كبير من العملات الأجنبية.  لعلمكم اخواني الجزائريين، فالقانون يسمح لكل مواطن مغربي أن يحصل على ما يعادل  4 آلاف يورو خلال تنقلاته خارج الوطن خلال السنة.  و أتمنى لكم كل التسهيلات التمويلية  و الاستهلاكية  و زيادة في القدرة الشرائية لأن بلدكم غني مثل دول الخليج. من حقكم المطالبة بالتوزيع العادل لثروات بلدكم و أكثر. افلست ميزانياتكم بفعل أموال حولت إلى عصابات البوليساريو في تندوف  و في أوروبا  و حتى في أمريكا اللاتينية. لو كلفت بإدارة أموال الجزاءر التي تجاوز احتياطيها عتبة 100 مليار دولار،  لتدفقت السلع بابخس الأسعار في أسواق مدن  و قرى الجزاءر. لكن فلسفة الكابران الكرغولي هي ممارسة ” الحكرة” على المواطن. و لكن ممارسة الظلم لن تدوم و أن غدا لناظره لقريب