“مصر الدولة مع اسرائيل المحتلة ضد 2334

للوهلة الاولى اصبت بحالة من الصدمة لحظة سماعي خبر يفيد بآن مندوب حكومة مصر في مجلس الأمن ، سحب طلب التصويت على قرار ضد الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة ، وذاع مندوب مصر ومعه الناطق باسم خارجيتها بآن قرار سحب القرار ناتج عن ضغوطات كبيرة تتعرض لها مصر، وهنا علينا ان نواجه الحقيقة بمرها كما هو الحال في مرها ,فلا يخفى على أحد طبيعة هذه الضغوط ومن الجهة التي تمارس هذه الضغوط على الحكومة المصرية ، ولكن يبقى لنا حق التسأل عن طبيعة هذه الضغوط وتمارس ضد من ، هل هي ضد مصر الوطن وحقوقها ومصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية آيضاً ؟ ام انها ضغوطات مورست على شخص بنفسه ؟ ولمن سيذهب المقابل لوقف هذه الممارسات والتي وصفت بانها ضغوطات ؟

فاذا كانت الدبلوماسية المصرية ذهبت خلف مصالح شخص بعينه ، متناسيه ومرجعه للخلف المصالح المصرية اولاً ثم الاقيلمية تانياً ، فهذا يعني بآن المصالح الشخصية سباقه على المصالح الوطنية والتاريخية للشقيقة مصر ، فهل لم تدرك الخارجية المصرية بان طلب سحب القرار من قبل مندوب مصر لا يصب الا في مصلحة الكيان المحتل لفلسطين ، ويبدو ان نفس حالة عدم الادراك لما اقبلت عليه مصر كان في عدم التصويت على القرار يفسر على ان طلب مصر يعني انها تعفى اسرائيل من الالتزام بقرار سبق وصدر ضدها في مجلس الامن القاضي بعودة اسرائيل الى حدود الرابع من حزيران لعام 1967 ، وان نفس قرار سحب طلب التصويت على قرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 23 ديسمبر 2006 ، ان يحظر عن الفلسطينيين حقهم في التمسك بالقرارات الدولية وعلى وجه الخصوص قرارات مجلس الأمن ، فاذا اصبحت السياسة التي ينتهجها الجنرال عبدالفتاح السيسي رئيس مصر ، هي سياسة التخبط والمكايدة والتي لا تشبه وبعيدة كل البعد عن المواقف التاريخية للشقيقة مصر ، وتجعل من مصر في الصفوف الخلفية في الريادة ومتراجعة في صنع واتخاذ القرار العربي ككل ، فهل اصبحت السياسات مبنية على اسس مصلحة المشخصنة فقط ، ولماذا لم تقف الخارجية المصرية امام حقها في الاعتراض على اسلوب والطرق التي تُساق و تدار بها السياسة الدبلوماسية داخل الدولة المصرية وفي كل انحاء العالم ، وجهة اخرى ما هي المصلحة أو الهدف المصري من وراء سحب القرار من مجلس الأمن ومن ثم تعديله الى قرار تأجيل وليس سحب ؟

فاذا كانت هناك مصالح تخدم الشقيقة مصر الوطن ، فهذا أمر يجب آن يكون متفق عليه من قبل الذهاب الى مجلس الأمن وليست بعد ، فكل المؤشرات والتي وصلت حد الوضوح وبشكل كامل بآن قرار سحب القرار بناءً على طلب مصر أمر ومصلحة عليا لاسرائيل ، وليست بها اي مصلحة او هدف دبلوماسي مصري ، فاذا كانت مصلحة اسرائيل تهم الحكم المصري الحالي فهذا يعني اننا أمام تغير وتغيير اتجاه معاكس تماما لسياسة مصر الخارجية السابقة والتي كانت معروف عنها انسجامها الكامل مع السياسات العربية والاجماع العربي والاسلامي اتجاه القضية الفلسطينية وتمثيلها في المحافل الدولية ، فالموقف الذي اقدمت عليه الخارجية المصرية يبعث على حالة من القلق على مصر وعلى سياستها الخارجية ومكانتها ” الريادية ” داخل المكون العربي ، ناهيك عن خيبة الأمل والعلاقات التاريخية والتميز الكبير الذي كان مشهود للدبلوماسية المصرية بحنكتها وقدرتها على القيادة السياسية التي شوهت في الحل الوحيد الذي اختارته مؤخراً الخارجية المصرية للخروج من تحت وطأت الضغوطات الاسرائيلية التي مورست على الرئيس المصري وخارجيته قد وصلت الى حد الانحياز الى جانب اسرائيل ضد قرار يمكنه ان يقدم للفلسطينيين حتى وان كان على مستوى المستقبل ان كان القريب او البعيد ولكنه يبقى قرار يؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني وسيادته على أرضه ، هذا القرار الذي تخلت عنه مصر مما جعل دول اخرى فنزويلا – ماليزيا – نيوزيلندا- السنغال – “دول غير عربية” تتبنى القرار وتطالب مصر بتحديد موقفها التي أكدت على سحبها للقرار ، مما دفع الدول الأربعة الى تبني القرار وتقديمه للتصويت عليه والذي حاز على تبني موافقة عليه باجماع حيث ان دولة واحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية التي امتنعت عن التصويت مقابل موافقة 14 دولة صوتت لصالح القرار من مجموعة 15 دولة اعضاء مجلس الأمن – ماذا لو اختارت الدبلوماسية المصرية الخروج الى العلن ووضع الضغوطات الاسرائيلية على طاولة المواجهة عربياً والمحاسبة دولياً بدل من التقرب أكثر الى اسرائيل على حساب الفجوة الاخذة في الاتساع بين مصر الدولة والاجماع العربي الاسلامي .

 

ذ. معين شقفة