بجرّة قلم يصدرقرار إلغاء منحة التخصص لخِرّيجي المدرسة الوطنية للصحة العمومية، في سياق تسابق الدول على الكفاءات الطبية والتمريضية المتخصصة حيث تعرض لهم رواتب كبيرة وإغراءات بترف العيش في بلدانها.
جاء التسابق على الأطباء والممرضين بعد الدرس الاستراتيجي الذي لقنّه وباء كورونا لدول العالم، أما صُناع القرار” الصحي” في بلادنا لم يستوعبوا الدرس، إذ قاموا بإصدار قرارات سيئة تفتقر إلى الرؤية العقلانية والإستراتيجية.
الأدهى من ذلك أن المغرب يواجه وباء ” بوحمرون” الذي قضت عليه بلدان سائرة في طريق النمو وليس المتقدمة فقط، فحتى عودة داء الحصبة ( بوحمرون) يسائل السياسة الصحية الكارثية التي بقدر ما جعلت من صحة المغاربة بقرة حلوب للمصحات الخاصة بقدر مادلّت على إستهتار المسؤولين بالصحة العامة، وعلى إستهانة مخجلة بالكفاءات الطبية والتمريضية التي تسعى الدول الأوربية ودول أمريكا الشمالية ودول الخليج قاطبه لإستقطابها وعيا منها بأهمية الرأسمال البشري المؤهل لتقديم خدمات صحية لمواطنيه.
وكان الدكتورمحمد اليوبي، مدير مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة والحماية الإجتماعية، قد أكد على أهمية التلقيح والتحصين، في مواجهة إنتشار وباء ” بوحمرون”، يتأكد خطورة القرار السابق بضرب حق خريجي المدرسة الوطنية في منحة التخصص، كأن المسؤول يقول لهم هاجروا فلا مكان لكم ولا كرامة في بلدكم. هذا القرارالمتهورأثَّرعلى عشرات الأطباء المتخصصين في علم الأوبئة والصحة العامة، في وقت تعاني فيه بلادنا من نقص في الكفاءات العالية المتخصصة القادرة على ضمان الجودة في الخدمات الصحية للمواطنين.
التخوف من آثارإلغاء منحة التخصص من قبيل تنفير الطاقات الطبية الشابة، خاصة المتفوقين الذين سيصطدمون بغياب الحوافز التشجيعية ما يُفشل عملية إدماجهم في مجال الصحة العمومية، كما يؤدي النقص في الكفاءات إلى تراجع جودة الخدمات( التخصص)، والأخطر ضعف الإستجابة لحالات الطوارئ الصحية ( جائحة بوحمرون). على هذا الأساس من الحكمة أن تتراجع الوزارة عن قرار إلغاء منحة التخصص، وأن تعمل على التشجيع المتواصل للمتفوقين بتقديم حوافز مادية ومنح حتى يندمجوا في المنظومة الصحية التي تعاني أصلا من إختلالات بنيوية وتسييرية كارثية، إضافة إلى إيلاء مسألة التكوين المستمرالأولوية لتهيئ الأطر الصحية على أعلى مستوى وجاهزية.
وسبق لمجلة ” أصداء المغرب العربي” ان إنفردت بخبر إقدام مسؤول بوزارة الصحة على إلغاء منحة التخرج بقرار إنفرادي وغير مدروس(الإثنين 3 يوليو 2023) بذلك يكون قد ألغى حقا قانونيا لفائدة خِرّيجي المدرسة الوطنية للصحة، كان يجري به العمل لعقود.
في سياق متصل، راسلت النائبة البرلمانية في مجلس لنواب، فاطمة التامني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، وزير الصحة والحماية الإجتماعية في موضوع “عدم الإكتراث بصحة المغاربة..بوحمرون يقتل عشرات المواطنين والحكومة تقابل الوضع بتجاهل مطالب شغيلة الصحة” وذلك بتاريخ(21يناير الجاري)،ومما جاء في المراسلة:
” في الوقت الذي يشهد فيه قطاع الصحة أزمة حادة تمثلت في الإنتشارالمتزايد لمرض بوحمرون الذي يهدد حياة العديد من المواطنين، يعاني القطاع من نقص حاد في الأطر الصحية والتجهيزات الضرورية للتكفل الجيد بالمرضى، وهو وضع مرشح للتفاقم بسبب إستمرار الحركات الإحتجاجية والإضرابات التي تنظمها النقابات الصحية منذ اسابيع دفاعا عن حقوق مشروعة، دون أي تجاوب فعّال من طرف الحكومة”، لتتساءل رسالة النائبة اليسارية عن الإجراءات الإستعجالية التي ستتخذها الحكومة لمعالجة الوضع.
مسؤول يهدم منجزات المدرسة الوطنية للصحة ويعمق أزمة هجرة الأطباء والممرضين.