في مداخلته بمناسبة الندوة الوطنية الأولى في موضوع التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة والنشر، المنظمة مطلع هذا الأسبوع بمدينة الدار البيضاء، وأدار أشغالها عثمان النجاري رئيس المجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية..، أكد محمد الهيثمي عن الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، على ضرورة التحصين القانوني للمهنة، عبر مراجعة مدونة الصحافة والنشر بقوانينها الثلاث المنظمة للقطاع، ووضع قطيعة مع نظام الدعم القديم للصحافة، والحد من التصرفات الغير مسؤولة التي أضرت بالقطاع وغيرت نظرة المجتمع للصحافة…
في خضم الثورة الإلكترونية الرقمية وما أحدثته من تغييرات واضحة على مهنة الصحافة، وانتشار ما بات يعرف بالمؤثرين على مواقع التواصل الإجتماعي، شدد المتدخل على إلزامية التدخل لتأهيل المقاولة الصحفية، ومواكبتها للتطور الرقمي والتكنولوجي، والعمل على تحقيق السيادة الإعلامية على غرار السيادة الغذائية لأنها جزء من سيادة الدولة. غير أن تحصين المهنة ينطلق من القوانين والهيآت المؤسساتية، والتكوين المستمر للصحفيين، وإشراك مختلف المتدخلين للخروج باتفاقية جماعية تواكب المتطلبات، على أن يتم تقديم عرض ومنتوج نافع ذا قيمة مرغوب فيها.
ارتباطا بالسياق الدولي المتصل بالحرب على قطاع غزة والمجازر المرتكبة في حق الصحفيين بفلسطين، سجل أنطوني بلانجي الكاتب العام للفيدرالية الدولية للصحفيين، أن العدوان الإسرائيلي على غزة خلف حوالي 100 شهيد من أرواح الصحفيين أثناء أدائهم لعملهم المهني، معلنا أصالة عن نفسه ونيابة عن الفيديرالية عن تضامنهم ومؤازرتهم للصحفيين بهذه الرقعة التي تنتهك بها الحريات والمبادئ الإنسانية..، معربا عن أسفه من ظروف عمل الصحفيين الجد صعبة في هذا العالم، والغير ملائمة بسبب التوترات والنزاعات وغيرها، ومشددا في ذات الوقت على ضرورة وضع ميثاق للأخلاقيات والتنظيم الذاتي للمهنة وتحصينها.
حول الإشكالات الكبرى المرتبطة بواقع مهنة الصحافة والنشر وتنظيمها، وعن الاخلاقيات والتحولات الكبرى في عصر الرقمنة والذكاء الإصطناعي، تحدث ضيف اللقاء البريطاني مايكل جيبمسن الأستاذ والخبير في مجال الإعلام، عن التغييرات الكبيرة داخل المجتمع والصحافة، حاثا على مواكبة هذه التحولات والتغييرات، والتقيد بشروط تطوير المهنة وتنظيمها والإرتقاء بها، في مقدمتها نموذج المقاولة الإعلامية والنظام الإقتصادي، جوهره تنمية الموارد البشرية وأخلاقيات العمل الصحفي وتحصين المهنة.
أن تكون صحفيا وتناضل من أجل الحقيقة والإستقلالية والتحقق مما ينشر، أوضح الخبير البريطاني أن هناك نظام للعمل في بريطانيا وضع سنة 1936، يضم موادا خاصة بمدونة السلوك، منها معاقبة الصحفي المخطئ، ما يضعه أمام مسؤولية أكبر للتحقق من المعلومة، حيث ليس السبق هدفا في بعض الأحيان، ما يجعل المتلقي يثق في المعلومات التي تقدم له، مذكرا بالمعلومات التي تتداولها مواقع التواصل الإجتماعي، أحيانا كثيرة تكون مخادعة، خاصة ما يتعلق بالصورة، في ظل افتقار أغلبية المنابر الى وسائل التأكد من مصدرها، وما يطرح بخصوص الملكية الفكرية.
خلال الجلسة الثانية الذي سيرها أيضا رئيس المجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية حيث انصب النقاش حول أخلاقيات مهنة الصحافة في مواجهة مد مواقع التواصل الإجتماعي، أكد جاد بوملحة عن الفيدرالية الدولية للصحافيين، أن مشكل التحقق من المعلومة في الإعلام الجديد، لا يقتصر على المغرب فحسب، بل تعدى الى جميع الدول، كاشفا في معرض مداخلته تراجع دور الإعلام وصعود تأثير مواقع التواصل الإجتماعي، الشيء الذي أثر على الصحافة وعلى رواتب الصحفيين.
من التجارب البريطانية في هذا الصدد، ذكر المتدخل بجريدة ” الغارديان” التي تعد من كبريات الصحف الورقية حيث تباع بالمجان، درءا للعجز توجهت الى قرائها الذين يساهمون في تمويلها، وهي فكرة أدرت على مالكيها أرباحا كبيرة، موضحا أن الصحف الإلكترونية التي تستند على نقرات قرائها تتخللها عملية التزوير في هذه العملية، ما يضرب أخلاقيات المهنة في الصميم.
هذا وأثار منير زعرور الخبير المختص لدى الإتحاد الدولي للصحفيين عدة ملاحظات، منها مسألة التأثير والتأثر بمواقع التواصل الإجتماعي وكيفية تنظيم هذا المجال حيث الطرق غير موحدة في جميع الدول، موضحا أن تطور الصحافة في أمريكا واوروبا كان نتيجة وجود بيئة ضامنة لحرية التعبير، انعكست على مستوى عمل الصحفيين. كما سلط المتدخل الضوء على الفاعلين الذين ينتجون محتويات ومعلومات أصبحت جزءا من المحيط البيئي للصحافة، مثيرا مسألة مجالس الصحافة والتحديات المفروضة في عصر الرقمنة، وكذا الظواهر الجديدة المرتبطة بالتقنيات الجديدة، منها البث المباشر وكيفية تأطيره، والمحتويات الممولة وكيفية تصحيح الأخطاء في المحتويات المنشورة.
في مسؤولية الصحفي والناشر وامتثال الأول لما يقرره الأخير، أبرزت حنان رحاب نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، في تعقيبها على العديد من النقاط، أن مسؤولية ضرب الأخلاقيات تقع على عاتق الناشر بالدرجة الأولى، داعية الى الكف عن جلد الصحفي المهضوم الحقوق، وإعادة النظر في العقوبات ضد الصحفيين، على اعتبار أن الناشرين هم المسؤولين عن الخط التحريري وعن كل ما يتم نشره، ومذكرة في الختام ببعض السلوكيات التي تضرب في الصميم حقوق الإنسان، وخرق الدستور والإتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية..