يعتبر التقدم صفة فعلية ارتبطت بالايجابية اكثر من ارتباطها بما هو سلبي حيث ان التقدم دائما ما يعني الحظو على مرتبة بدرجة من التفوق في مجال ما ، ولكن هناك نوع آخر من أنواع التقدم غالباً ما يتم التغاضي وعدم الحديث عنه او التطرق اليه ، ليس لانه يندرج تحت الترفع والتواضع بل لانه تقدم في الاستغلال والاستهانة والتعمق أكثر في مستنقع ألا خجل الى حد الوقاحة للوصول الى درجة ينطبق عليها المثل القائل ” ان لم تستح فافعل ما شئت ” والمقصود هناك هو غياب او بمعنى أدق وأصح هو سقوط المستـوى الأخلاقي الذي وصل اليه البعض من استغلال لمعاناة شعب أو فئة ما منه وهذا هو ما وصلت اليه حالة مرتزقة وسماسرة التجارة في فُقر و حاجة هذا الشعب للمساعدة ، للمساعدة التي غالباً لا تتجاوز سد الرمق في محاولة لتثبيت الصمود وعدم الانهيار الاجتماعي ، هذا في حالة وصلت هذه المساعدة لأفواه المحتاجين لها ما لم يصادرها ويحصل عليها قطاع الطرق الذين سرعان ما يرفعون في وجهك بطاقة كُتب عليها جمعية – توأمة – مركز – أو رابطة تعمل تحت مسمى مؤسسة خيرية لرعاية الطفل والمرأة أو ثقافية أو لرعاية الأيتام وجميع هذه الأنشطة تندرج ضمن خدمات المجتمع المدني وهذه الخدمات تعتبر تُقدم للفئات المستهدفة المستحقه لها وليس لأرباب الجمعيات وتحديداً مجالس اداراتها والتي غالباً ما يكونوا اعضاء مجلس الادارة من أهل وبموجبه يمنع ويُحرم على الجار القريب رؤية شيئ وهنا نحن لم نقترب من ممنوعهم وونطالب بالمشاركة والتي هي أحد اسس المصوغ القانوني لعمل هذه الجمعيات والروابط التي تدعي انها تعمل على تقدم خدمات تنموية تطويرية ثقافية للفئات المستهدفة وهنا يتم استغلال اخر ومن نوع اخر وهو استغلال الفئة المستهدفة من جهة والعمل على اختيارها من المقربين من ” شلة ” المتنفذين في هذه المؤسسة وغالباَ ما لا يتجاوز هذا القرب العائلة الصغيرة ومعها يأتون بكم من محتاج وفقير ليلتقطوا لهم صور فوتوغرافية وأحيانا اخرى تصوير فيديو لنشرها على المواقع الاجتماعية كتسويق لهذه المؤسسة وجلب مزيداً من التمويل والدعم والمساعدات التي تذهب هبراته للجهة نفسها المتنفذه في الجمعية المدعيه انها خيرية ولا ينال المحتاجين الا الوعود تلو الوعود لفارغة جوهراً ومضموما ، فاذا كانت هذه ” الدكاكين” لا تخدم الا مالكها وشلة تُسمي نفسها مجلس ادارتها فلماذا تقدم نفسها على انها جمعية للكل الفلسطيني ولا تفرق بين هذا وذاك فهل هذا احد انواع الاستغباء الممارس على الشعب ام انه نوع من المتجارة الجديدة الخارجة عن سرب الاخلاق والقانون ، نفسه القانون هو الغائب عن محاسبة هؤلاء المنافقين الذين وصل بهم الحال الى تشكيل جمعيات وهمية لا مكان لها سوى صفحة في الفضاء الافتراضي الأزرق وكومة أوراق الكرتونية مكتوب عليها شهادة شكر وتقدير وأحياناً أخرى يكتب عليها تكريم لفلان أو فلانه من نفس نوع المُكرم ، وامام كل هذه الصورة السوداوية لبعض المسئولين عن العمل الخيري تحت مسمى جمعيات خيرية نجد ان هذه الآفة لم تقف عند هذا الحد من استغلال الشعب الفلسطيني بل وصلت الى العمل خارج حدود الوطن لجني مزيداً من الغنائم لتضخيم ارصدة شلة مجلس الادارة والذي بالمناسبة غالباً ما يكون هذا المجلس اعضائه بعيدين كل البُعد عن علم وثقافة واخلاق العمل الجمعوي ولا يهمهم سوى كروشهم المتعفنه لاشباع جوعهم للظهور امام الاضواء حتى لو كان ثمن هذا الظهور هو الشعب نفسه وسمعته وتاريخه فلا يعني هذه الافة سوى الكذب وسرقة المساعدات المقدمة من شعوب شقيقة وصديقة وضعت ثقة في مجموعة مارقين ادعوا انهم أهل للأمانة متعطوعون لايصالها لمن يستحق وحقيقة الأمر تقول عكس ذلك وتؤكد ان بعض هذه الجمعيات والروابط لم تُنشأ الا للاغتناء الشخصي ولكسب الربح ألا مشروع على حساب معاناة وهموم شعب فلسطين بأكمله وعلى وجه الخصوص أهلنا وأحبتنا في جنوب فلسطين قطاع غزة الذي أصبح ساحة مفتوحة لكل المارقين والمستغلين لهمومه ومعاناته حتى انقضوا على أي شيئ قد يعمل على تعزيز روح الصمود في قلب هذا الشعب المكلوم الصامد الصابر المثابر الذي لا تمثله هذه الجمعيات التي لا يهمها الا نفسها وبشكل ضيق لا يتجاوز شلة اعضاء المجلس المصغر فيها والتي اصبحت مكشوفه ومعروفه لدى جزء كبير من الشعب الفلسطيني بانها مجرد مجموعة علاقات شخصية بعيدة عن الشعب والوطنية تسعى للسرقة والاستغلال باسم الشعب وتحاول ان تستغل حب واحترام روح التأخي والتضامن من قبل شعوب وملوك ورؤساء وشخصيات اعتبارية على المستوى الدولي تؤمن ايماناً راسخ بعادلة قضيتنا وتعمل لتقديم المساعدة والدعم والمساندة لمن يستحقونها وليست لللمارقين الذي يريدون الاغنتاء من دم وقوت المحتاجين ، ويبقى الأمل موجود ومتجدد كلما اشرقت شمس صباح جديد فلابد ان يأتي يوم ويذوب الثلج وتظهر الامور على طبيعتها وليعلم الجميع بان العمل الثقافي والوطني والاجتماعي ان لم يؤسس على اسس اخلاقية وامانة الرسالة فهو عمل خالي من القيمة والمقام كأصحابه وكمن يدعون بانهم وفود جمعيات وروابط ما هي في حقيقة الأمر الا وفود متسولين ونحمد اللله ان هذه الامور اصبحت مكشوفه وعاريه تماتما امام الجهات المختصة في فلسطين وفي الكثير من الدول الشقيقة والتي في مقدمتها المملكة المغربية الشقيقة التوأم لفلسطين المحتلة ولا يفوتنا في هذا المقام ان نشيد ونشكر ملك المغرب محمد السادس المحب والمؤيد لشعب فلسطين والذي عبر عن هذا الحب والتقدير خلال لقائه بملك الاردن حيث كانت مناقشة وايجاد سبل رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني على رأس اجندة اللقاء الذي جمعها يوم الأربعاء 22 مارس 2017 وهذا ان اكد فيؤكد على ان الملوك والرؤساء والشخصيات الاعتبارية ككل المؤمنه بعدالة قضية فلسطين والمحبه لشعبها ليست بحاجة لاطلاق اسمائهم على دكاكين الاستغلال والتسول من قبل جمعية هنا او رابطة هناك لا يعرفها احد وموطنها لا يتعدى الفضاء الأزرق وأنشطتها توزيع شهادة الشكر والتكريم لمن لا يستحقون ذلك . فأمام كل هذه العبثية التي تمارسها مرتزقة الاستغلال والتسول يبقى السؤال – من المسئول ؟
الإعلامي ذ.معين شقفة / الدار البيضاء