خطة الحكومة للمساواة بين الجنسين2026/2023 تثير حفيظة منظمة النساء الاتحاديات

بقلم / ذة. حنان رحاب
تلقت منظمة النساء الاتحاديات باستغراب ومفاجأة كبيرين نبأ الإعلان عن تشكيل لجنة وطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، ترأس رئيس الحكومة اجتماعها الأول الذي قيل إنه تم تخصيصه لعرض واعتماد ما سمي ب” الإطار الاستراتيجي للخطة الحكومية للمساواة 2023/ 2026″.
إن الإعلان عن هذه الآلية الحكومية في هذا الظرف الذي يوافق انتصاف الولاية الحكومية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ما جاء في التصريح الحكومي عقب تشكيل الحكومة الحالية بخصوص العمل على تحسين أوضاع النساء والتمكين لهن، والسعي لإقرار سياسات عمومية تمتح من أفق المساواة، لم يكن سوى وعود انتخابية وخطابات إنشائية فقط.
ذلك أن هذه الآلية وبغض النظر عن ملاحاظاتنا عليها، لن تتمكن من تنزيل ما تم الوعد به، وما تم تحديده لها من مهام، في ما تبقى من عمر الولاية الحكومية، ما يجعلنا نشعر بالاستغراب من الحديث عن “إطار استراتيجي” لآلية محددة زمنيا في سنتين.
إن منظمة النساء الاتحاديات كانت من أشد المطالبات بإحداث آليات لحماية النساء والدفاع عن حقوقهن، وتحيين المدونة القانونية بما يسمح لهن من التمكين على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وعبّرت، غير ما مرة، عن اقتناعها بأن هذا الورش الوطني الحقوقي أولا، والسياسي والاقتصادي ثانيا، ينبغي أن يقوم على رؤية تشاركية وتقاطعية في الآن نفسه.
إن التشاركية كانت تقتضي الاستماع والتشاور وفتح حوار مع كل التعبيرات النسائية سواء كانت حزبية أو مدنية، وهو ما لم يتحقق في هاته الحالة. حيث تم للأسف إقصاء وجهات النظر النسائية المختلفة ليس من التمثيلية في هذه الآلية فقط، بل كذلك من حقها في طرح مقترحاتها والترافع من أجلها.
وأما التقاطعية، فكانت تستلزم عدم فصل مسار إدماج النساء في سيرورة إقرار السياسات العمومية عن مسار تحيين وإغناء المرجعيات القانونية المؤطرة لكل مناحي تدخلات البرامج الحكومية بما يترجم النيات المعلنة بخصوص إنصاف النساء.
إن منظمة النساء الاتحاديات تدعو لاستحضار مسار الظهير الشريف رقم 1.17.47 (21 شتنبر 2017) المتعلق بتنفيذ القانون 14.47 المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز، فهذه السيرورة التشريعية تفيد أن بلادنا تأخرت لمدة 6 سنوات من عن إخراج الإطار القانوني لهيئة دستورية ما زلنا منذ صدور قانونها في الولاية الحكومية السابقة ننتظر الإعلان عنها.
وبمقارنة ما ورد في القانون 14.47 مع ما تم التصريح به من مهام الآلية الحكومية المسماة اللجنة الوطنية للمساواة وتمكين المرأة، يتضح أن هناك ثمة تراجعات لا على مستوى الخطاب الموظف الذي يبتعد عن المرجعية الحقوقية لصالح تعبيرات تقنوية، ولا على المهام التي بقيت في حدود ما هو معمول به، ولا تفتح المستقبل على أمل الوصول للمناصفة كمبدأ حقوقي كوني، ومبدأ دستوري واضح، يترجم طموح المملكة المغربية المعبر عنه في الخطب الملكية.

وفي هذا السياق، تذكر منظمة النساء الاتحاديات أن العديد من المكتسبات ذات الطبيعة الاجتماعية والثقافية، وفي مقدمتها حرية المرأة والنهوض بأوضاعها، والتي تعبر عن أفكار كبرى تترجم الذكاء المغربي، والطموح نحو التحديث ومسايرة التطورات الكونية، كانت بمبادرات ملكية تعبر عن ملكية حداثية، وباجتهادات ونضالات الحركة الوطنية بتجلياتها الوسطية والتقدمية، وبالانفتاح على الحقل الواسع للتعبيرات المجتمعية في إطار من التشاركية المنتجة، قبل أن تأتي المبادرة الحكومية الأخيرة وتعمل على إقبار وتجاوز كل هذا الإرث الخلاق، في خطوة تحمل معاني الطمس والإلغاء، ومحاولة صنع تمثيلية مصطنعة لا امتداد مجتمعيا ولا سياسيا لها.

إن منظمة النساء الاتحاديات تبعا لما سبق تعتبر أن اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة كما أعلن عنها السيد رئيس الحكومية تمثل عنوانا للتخبط الحكومي فيما يخص إقرار سياسات منصفة للنساء، وتفصح عن نفَس إقصائي يسكن مكوناتها، وتدعو إلى فتح حوار وطني بخصوص المناصفة والحقوق السياسية والاقتصادية للنساء، ولإخراج الألية الدستورية : هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز.